بول فى الأنفاق يكشف السر الخفى.. اللحظات الأخيرة فى حياة يحيى السنوار
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن استشهاد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أمس الأول الخميس، خلال المواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير لها اليوم، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي كانت تقترب بالفعل من يحيى السنوار، زعيم حماس، لأسابيع قبل أن يتم محاصرته وقتله في منزل مدمر في قطاع غزة.
كواليس اللحظات الأخيرة فى حياة يحيى السنوار
وحسب الصحيفة، شملت عملية مطاردة السنوار قوات كوماندوز وجواسيس إسرائيليين، بالإضافة إلى وحدة خاصة تم إنشاؤها داخل مقر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت)، وفي وكالة الاستخبارات المركزية، استخدمت شبكة مراقبة إلكترونية متطورة ورادار اختراق الأرض قدمته الولايات المتحدة.
وظهرت تفاصيل جديدة حول تحركات السنوار على مدار العام الماضي، بما في ذلك رصد المخابرات الإسرائيلية أدلة متزايدة منذ أغسطس الماضي على أن يحيى السنوار، أو ربما قادة حماس الكبار الآخرين، قد يكونون في حي تل السلطان في رفح.
وأضافت: "لاحظت الاستخبارات الإسرائيلية أشخاصًا يتحركون في هذه المنطقة ووجوههم مغطاة، وأحيانًا محاطين بحراس، ما يشير إلى أنهم مسئولون كبار في حماس أو محتجزون إسرائيليون، وفي سبتمبر عثروا على الحمض النووي للسنوار في البول الذي تم جمعه من نفق".
أخطاء قادت إلى اغتيال يحيى السنوار
ومع هذا تم اكتشاف السنوار وقتله في حي تل السلطان في رفح بالصدفة، من قبل مجموعة من القوات في دورية روتينية، لكن قوات الاحتلال الإسرائيلية أمضت أسابيع في تمشيط الحي بناءً على معلومات استخباراتية تفيد بأن كبار مسئولي حماس كانوا يختبئون هناك، ربما مع محتجزين إسرائيليين، وفق الصحيفة الأمريكية.
وأشارت الصحيفة، بناء على شهادات مسئولين إسرائيليين ووثائق سرية، أنه كانت هناك حوادث قريبة تدل على وجود السنوار في رفح. ففي 31 يناير الماضي، داهمت قوات الكوماندوز الإسرائيلية شبكة معقدة من الأنفاق في خان يونس بناءً على معلومات استخباراتية تفيد بأن السنوار كان مختبئًا هناك، واتضح أنه كان هناك لكنه غادر المخبأ قبل أيام فقط.
وأضافت: خلال فترة الصيف، قال المسئولون الإسرائيليون للصحيفة إن السنوار تخلى عن الاتصالات الإلكترونية، ما سمح له بتجنب شبكة المراقبة التي أنشأتها وكالات الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية، وكان يُعتقد أنه كان يتنقل بين مدينتي رفح وخان يونس، ويبقى على اتصال مع حماس باستخدام شبكة من الأفراد، ولكن لم يكن هناك سوى القليل من المعلومات الاستخباراتية المحددة حول تحركاته.
بول السنوار يرشد الاحتلال عن مكان وجوده
وأوضحت الصحيفة: لكن في أغسطس الماضي، جاءت أدلة متزايدة تشير إلى وجود السنوار في حي تل السلطان في رفح، ففي 31 أغسطس استعادت قوات الاحتلال الإسرائيلية جثث ستة محتجزين في مجمع أنفاق تحت الأرض في تل السلطان، وبعد أسابيع، أثناء التحقيق في نفس مجمع الأنفاق، أكدت القوات الإسرائيلية من خلال اختبار الحمض النووي لعينة بول أن السنوار، الذي كانت لديهم معلوماته الجينية وغيرها من المعلومات وقت وجوده في السجون الإسرائيلية، كان مختبئًا هناك في مرحلة ما، لكنهم لم يحددوا مكان وجوده، وكان هناك نقاش بين مسئولي الاستخبارات الإسرائيلية حول أن زعيم حماس قد يكون ميتًا بالفعل.
وتابعت: "في أواخر سبتمبر، أرسلت حماس رسالة إلى القادة السياسيين للجماعة في قطر، قائلة إن قيادة حماس في قطاع غزة ملتزمة باقتراح وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض عليه في يوليو لكنه انهار".
ولم يعتقد المسئولون الإسرائيليون والأمريكيون، حسب التقرير، أن حماس جادة في قبول الصفقة، لكنهم رأوا في الرسالة دليلًا قويًا على أن يحيى السنوار كان على قيد الحياة ولا يزال يوجه حماس من غزة، وكان يُعتقد أيضًا أنه كان مع قائد كتيبة تل السلطان، محمود حمدان.
ودفع جمع المعلومات الاستخباراتية حول تل السلطان في الأسابيع الأخيرة القوات الإسرائيلية إلى زيادة الدوريات في الحي، وقال أحد المسئولين العسكريين الإسرائيليين إن العمليات في المنطقة كانت محاولات من قبل الجيش لجمع الأدلة، وليس غارات موجهة بمعلومات استخباراتية دقيقة.
ضربة حظ تقود لاغتيال السنوار
وأشار التقرير إلى أنه رغم كل ذلك كان استشهاد السنوار، بالنسبة للإسرائيليين، ضربة حظ، ففي ذلك الصباح رصد جنود من لواء تدريب إسرائيلي يعمل في تل السلطان ثلاثة رجال يتنقلون من منزل إلى منزل، أحدهم يتتبع الاثنين الآخرين. لم يكن لديهم أي فكرة أن أحد الرجال هو السنوار.
وحسب التقرير، لم تتضح أسباب خروج السنوار من الأنفاق إلى سطح الأرض، على الرغم من أن المسئولين الإسرائيليين قالوا إن جميع نشطاء حماس في الأنفاق، حتى قادة المجموعة، يجب أن يهربوا أحيانًا من الظروف المظلمة الخانقة ويتنفسوا الهواء النقي.
وبعد أن رصدت قوات الاحتلال الإسرائيلية ثلاثة رجال، يوم الأربعاء، اندلع تبادل لإطلاق النار وأصيب جندي إسرائيلي بجروح بالغة. وقال نداف شوشاني، المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، إن اثنين من الرجال الثلاثة فروا إلى مبنى، والثالث إلى مبنى مجاور.
وقتلت القوات العنصرين الأولين وحولت انتباهها إلى الرجل في المبنى الآخر، ونشرت طائرة دون طيار لفحص الجزء الداخلي من المبنى، والتقطت الطائرة دون طيار، التي دخلت منزلًا مدمرًا من الطابق العلوي، وظهرت لقطات لرجل جريح جالسًا على كرسي، ووجهه ملفوفًا بكوفية لإخفاء هويته، وكان هو يحيى السنوار الذي واجه المُسيرة بعصا، ليقدم بعدها قناص على قتله برصاصه في رأسه ثم قصف المبنى من قبل دبابة.
رصاصة فى الرأس وإصبع مقطوع.. لحظات يحيى السنوار الأخيرة
وحسب التقرير، انصرفت الدورية الإسرائيلية وعادت صباح الخميس لتفقد المبنى ليعثروا على أسلحة آلية، وكتيب أدعية، فيما وجدوا وسط الأنقاض جثة السنوار مع وجود ثقب كبير في جبهته وجرح في ركبته، كما ربط سلكا كهربائيا حول ذراعه اليمنى المصابة بجروح خطيرة لوقف النزيف.
فيما قام الإسرائيليون بقطع أحد أصابعه لاستخدامها في اختبار الحمض النووي، والتقطوا صورًا لأسنانه لتتناسب مع سجلات الأسنان الخاصة بالسنوار الموجودة في الملف من سنواته في سجن إسرائيلي.
وبناءً على بصمات الأصابع وسجلات الأسنان، حدد المسئولون الإسرائيليون أن الجثة تعود للسنوار.
وبحلول مساء يوم الخميس، وصل جثمانه إلى المعهد الوطني الإسرائيلي للطب الشرعي في تل أبيب، حيث أشرف الدكتور تشين كوجل، رئيس المعهد، على تشريح الجثة.
وفي وقت لاحق من تلك الليلة، أعلن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، عن أن السنوار قد مات.