"الهروب إلى صيدا".. نسخة لبنانية من مخطط التهجير الإسرائيلى
على غرار غزة، يواجه لبنان حاليًا موجات نزوحٍ غير مسبوقة بعد استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي مدن الجنوب اللبناني بغاراتٍ جوية عنيفة منذ سبتمبر الجاري، أسفرت عن مئات القتلى والجرحى، ما دفع اللبنانيين إلى التوجه شمالًا نحو مدينة صيدا، ليواجه لبنان مصير شقيقته قبل أيام من حلول الذكرى الأولى للعدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023.
الهجمات الإسرائيلية على لبنان
في 23 سبتمبر الجاري، شنّت إسرائيل سلسلة غارات جوية استهدفت عشرات المناطق بجنوب لبنان، والتي جاءت في إطار التصعيد العسكري المتفاقم بين إسرائيل و"حزب الله"، وذلك بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت موقعًا في الضاحية الجنوبية ببيروت، وأسفرت عن اغتيال إبراهيم عقيل، رئيس وحدة العمليات الخاصة في "حزب الله"، والقيادي في الحزب أحمد محمود وهبي.
وبعد ساعة من شنَّ جيش الاحتلال الإسرائيلي ضربات مكثفة على أهداف تابعة لـ"حزب الله" جنوبي لبنان، طالب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاجاري، سكان القرى اللبنانية في جنوب لبنان بالمغادرة فورًا، حفاظًا على سلامتهم.
وقال هاجاري، في مؤتمرٍ صحفي عقب الضربات المكثفة: "إلى سكان القرى في جنوب لبنان، في الفترة المقبلة سنهاجم أهدافًا إرهابية لحزب الله".
وحذَّر: "كل من يتواجد بالقرب من منازل أو منشآت يخفي حزب الله داخلها أسلحته، نحن ندعوكم للابتعاد عنها فورًا.. حزب الله يعرضكم ويعرض عائلاتكم للخطر".
وأدَّت الغارات الإسرائيلية العنيفة جنوب لبنان إلى حركة نزوح واسعة نحو مدن مجاورة، بعيدًا عن دائرة القصف الإسرائيلي، فيما أشارت وسائل إعلام لبنانية إلى أن هذه الموجة غير المسبوقة شملت قرى: بنت جبيل، مرجعيون، حاصبيا، النبطية، صور، الزهراني، وصولًا إلى البلدات المحيطة بمدينة صيدا، التي تعتبر بوابة العبور إلى الجنوب.
النزوح إلى صيدا وتكدس الطرق
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان، "وكالة الأنباء اللبنانية"، إن شوارع مدينة صيدا الرئيسية وطرقها تشهد زحامًا خانقًا بعدما قلصت المدارس والمعاهد فيها ساعات التدريس، وطلبت من الأهالي اصطحاب أبنائهم بسبب تطور الأوضاع في الجنوب.
كما شهد المدخل الجنوبي زحمة سير في اتجاه المدينة؛ بسبب حركة نزوح أهالي عدد من القرى والبلدات الجنوبية التي تتعرض لاستهدافات إسرائيلية معادية، في وقت يستنفر القطاع الطبي والهيئات الصحية الطواقم الطبية والإسعافية تحسبًا لأي طارئ وتجاوبًا مع خطة وزارة الصحة في ظل الوضع الراهن.
تعطيل المدارس وفتحها للنازحين
وقررت السلطات اللبنانية فتح المدارس والمعاهد لإيواء النازحين من جنوب البلاد، بعد إعلان وزير التربية اللبناني، عباس الحلبي، عن تعطيل المدارس والجامعات في جميع أنحاء البلاد، تزامنًا مع نزوح آلاف اللبنانيين.
وأعلن وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال، الدكتور عباس الحلبي، تعليق الأنشطة التدريسية في الجامعة اللبنانية وفي المؤسسات الجامعية الخاصة لمدة أسبوع واحد، ابتداءً من يوم الإثنين 30 سبتمبر الجاري حتى مساء الأحد 6 أكتوبر المقبل، على أن تستمر الأعمال الإدارية واللوجستية فيها، باستثناء المراكز الجامعية التي تستدعي الأحداث العسكرية التوقف التام عن العمل فيها، وذلك بناء على تقدير يعود التقرير بشأنه إلى إدارة المؤسسة، وعلى أن يستمر العمل في المرافق والمراكز الطبية والصيدلانية والصحية وفي الاختصاصات المرتبطة بها وفي غيرها من المراكز التي تستدعي طبيعتها ومهامها الاستمرار بممارسة أنشطتها.
ووفقًا لوكالة الإعلام اللبنانية، دعا "الحلبي" الجامعة اللبنانية ومؤسسات التعليم العالي الخاصة كافة، إلى إجراء ما يلزم من دراسات تتيح التعرف عن كثب إلى واقع النزوح لدى الطلاب الملتحقين بالتعليم العالي من أجل وضع الخطط المناسبة لضمان استمرار انخراطهم في العملية التعليمية، وكذلك اتخاذ الترتيبات التي تفرضها المرحلة الراهنة التي يمر بها لبنان، وبخاصة واقع النزوح، وإمكان وصول جميع الطلاب إلى مصادر التعليم والتعلم.
من جهتها قالت "إيفو فرايسن"، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين في لبنان، إنه منذ شهر أكتوبر 2023 نزح أكثر من 211 ألف شخص، بمن في ذلك أكثر من 118 ألف شخص هذا الأسبوع وحده.
وأضافت، خلال مؤتمرٍ صحفيٍ عُقد أمس الجمعة، في جنيف: الغارات الجوية المتواصلة دفعت عشرات الآلاف للخروج من الجنوب والضواحي الجنوبية لبيروت والبقاع إلى أماكن أكثر أمانًا في بيروت وجبل لبنان والشمال، وبلغت الحركة ذروتها يوميِّ الإثنين والثلاثاء، وهو ما تسبب في حدوث حالات من الازدحام والفوضى، واستمرت الحركة بشكل تدريجي حيث لا يزال العديد من الأشخاص يبحثون عن منازل ومآوٍ لهم.