بضاعة أتلفها الهوى.. الدستور تحقق فى مصير «الكتب الخارجية» بعد تغيير المناهج
ضربة كبيرة تلقتها سوق الكتب الدراسية الخارجية بعد قرار وزارة التربية والتعليم الأخير بإجراء تعديلات على بعض المناهج ودمج وتطوير بعض المواد، خاصة للثانوية العامة، ما عرّض القطاع لخسائر مالية فادحة بعد طبع ملايين النسخ من الكتب التى أصبحت الآن بلا قيمة بعد تغيير المناهج.
وكشف تجار كتب وعاملون فى المجال عن أن الكتب الخارجية كانت قد نزلت بالفعل إلى الأسواق فى شهر يوليو الماضى، حتى صدر قرار تعديل المناهج الذى سيضطرهم إلى إعادة طباعة الكتب بالمناهج الجديدة، لافتين إلى أن النسخ القديمة أصبحت بلا أى قيمة وقد يتم بيعها لإعادة تدويرها.
«الدستور» أجرت جولة ميدانية فى منطقة الفجالة، أضخم سوق لمستلزمات وأدوات المدارس، لمعرفة كيف تعاملت سوق الكتب الخارجية مع هذا القرار.
بيعها بالكيلو وإعادة تدويرها لتصبح فى النهاية «أطباق بيض»
وصف عاطف بشاى، صاحب مكتبة لبيع الأدوات المكتبية والكتب الخارجية، الحالة التى يعيشها هو وزملاؤه عقب القرارات الأخيرة، بقوله «إحنا ماحدش فينا دلوقتى عارف حاجة».
وقال إن قرار وزير التعليم بإجراء التعديلات على هذه المناهج تسبب فى خسارة جميع القائمين على صناعة الكتب الخارجية وبيعها وتوزيعها، موضحًا أن تلك الكتب كانت قد نزلت إلى الأسواق منذ شهر ٧ الماضى، وهى تحوى مقررات العام الماضى وكانت حاصلة على ترخيص من الوزارة بصدورها حينها، كما هو متعارف عليه كل عام، ولكن وبعد هذه التعديلات أصبحت بلا قيمة وستتم إعادة تلك الكتب إلى الناشر مرة أخرى. وأضاف: «حتى إن أعادت دور النشر النقود التى اشترينا بها كل هذه الكميات من الكتب، فإن هناك مصروفات كبيرة أخرى لا يمكن تعويضها، وهو ما يعنى تحملنا خسارة ليست بالقليلة على الإطلاق».
وذكر أنه بدوره سيعيد الكتب التى طرأ عليها تغيير إلى الناشر، بعد أن طبع الأخير كميات هائلة منها، لافتًا إلى أن هذه الكتب فى النهاية لا يمكن الاستفادة منها سوى أن تباع بالكيلو، بل وفى أفضل الأحوال يمكن إعادة تدويرها لتصبح فى النهاية «أطباق بيض» على سبيل المثال.
صاحب مكتبة: فى المخازن بلا فائدة
كشف وليد أنور أنه اشترى بضاعة بقيمة ٣ ملايين جنيه، موجودة الآن بالمخازن دون فائدة، مشيرًا إلى أنه فى انتظار صدور المنهج الجديد.
وأضاف أن «الوقت ضيق جدًا ولن يستطيع القائمون على تأليف الكتب الخارجية إنتاج كتب تتوافق مع المنهج الجديد»، مشددًا على أن الطالب لا يزال يحتاج إلى الكتب الخارجية حتى يتم تطوير الكتاب المدرسى خطوة بخطوة، ويصبح الطالب فى النهاية فى غنى عن الكتب الخارجية.
ولفت إلى أنه تكبد خسارة كبيرة بعد شراء الكتب الخارجية من الناشر، ووضعها فى المخازن حيث يدفع إيجارًا مرتفعًا، مبينًا أن هناك تكلفة أخرى ربما لا يلتفت إليها البعض وهى تكلفة الشنط البلاستيكية التى تم بيع كميات كبيرة من الكتب فيها، والتى لا يمكن الاستفادة منها فى حال أعاد الأهالى الكتب، فضلًا عن رواتب العمال الذين نقلوا الكتب من وإلى المخازن.
تحويلها إلى «دشت»
قال مينا لبيب، صاحب إحدى المكتبات بمنطقة الفجالة، إن الكتب الخارجية تطرح فى الأسواق كل عام فى شهر يونيو، وهى صادرة عن دور نشر كبيرة وشهيرة تحصل على موافقة مبدئية من الوزارة. ولفت إلى أنه جرت العادة أن يتم إصدار الترخيص بعد الطباعة، ما دام لم يتم الإخطار بأى تعديل فى المادة العلمية، موضحًا أنه بناءً على ذلك طبعت هذه الدور الكتب بالمناهج المعتمدة والموافق عليها من العام الماضى، بينما ستتحول هذه الكتب بعد التعديلات إلى «دشت».
وقال إن الوزارة لم تشر إلى أى اتفاق مع أصحاب دور النشر والمطابع التى طبعت هذه الكتب، لاحتواء الموقف وتداركه، لافتًا إلى أنه ولكونه صاحب مكتبة صغيرة الحجم والنشاط، فخسارته المبدئية لا تقل عن ٥٠ ألف جنيه، لكن هناك أصحاب مكتبات تعدت خسائرهم هذا الرقم بكثير.
ناشر: أؤيد قرار الوزارة رغم خسارتى
أعرب رضا هلال، أحد الناشرين والموزعين لكتاب Bravo الخارجى فى المادة الفرنسية، عن تأييده قرارات الوزارة، قائلًا: «أنا مع قرار الوزارة، على الرغم من أننى خسرت ٥٠٪ من رأسمالى»، مشيرًا إلى أن الكتاب الذى يطبعه ويوزعه كان يحتل النسبة الأكبر فى مبيعات الكتب الخارجية الفرنسية، ويحقق من وراء ذلك أرباحًا كبيرة.
وأضاف: «تحول اللغة الأجنبية الثانية إلى مادة خارج المجموع يعنى، فى أحسن الظروف، تراجع مبيعات الكتب الخارجية، الخاصة بها، بشكل كبير».
ولفت إلى أنه ينظر إلى التعديلات الأخيرة نظرة ولى الأمر، فقد خففت كثيرًا من الضغوط على كاهل الأسرة، مؤكدًا أن عنصر المفاجأة هو ما أحزنه. وأضاف أنه كان يجب التنويه بالقرارات قبل طباعة الكتب بفترة كافية، حتى لا يتكبد الناشرون والتجار تلك الخسائر، مشيرًا إلى أنه يثق تمام الثقة فى أن الله سيعوضه عن تلك الخسائر.
«غرفة الطباعة»: الكتاب الخارجى غير قانونى
رأى أحمد جابر، عضو مجلس إدارة غرفة الطباعة، أنه على الرغم من الخسارة التى لحقت بالقائمين على صنع الكتاب الخارجى، فإنه ينحاز إلى ولى الأمر والطالب، لافتًا إلى أن قرار الوزير قد أزاح من على كاهل الأسرة مبالغ كبيرة، وهى قيمة الكتب الخارجية التى كانت وما زالت تشكو من ارتفاع أثمانها.
وقال إن ما يُخشى منه حاليًا هو أن يعوض القائمون على صناعة الكتب الخارجية خسارتهم بإصدار كتب أخرى بعد الإعلان عن المناهج الجديدة، لأن الكتاب الخارجى سيظل أمرًا غير قانونى، ولا يجب التشجيع على شرائه، كما أنه لا يعترف به فى أى دولة سوى مصر، لذا يجب منعه.