أيمن السميري فى ذكرى فرج فودة: كان سلاحه القلم والسطر يترجمان عقلً
فرج فودة، المولود في مثل هذا اليوم من عام 1945، ورغم غيابه بالجسد، إلا أنه مازال حاضرا بأفكاره وآراءه التي أرقت ولا تزال مضاجع المتأسلمين بكافة أطيافهم، وحتي بعد أن نالوا منه باغتياله في الثامن من يونيو عام 1992، غاب اسم قاتله لكن لم يغب فرج فودة ولا أفكاره.
طائر وحيد ما أسهل قنصه
وحول فرج فودة وأفكاره وأثره وتأثيره تحدث الكاتب أيمن السميري في تصريحات خاصة لـ “الدستور”، مستهلا حديثه: “طائر وحيد ما أسهل قنصه”.
وأوضح "السميري": تلخص هذه العبارة سياقات اغتيال المفكر الكبير فرج فودة. الثمانينات والتسعينات ذروة الحريق، ذروة صعود التأسلم السياسي الراديكالي، والمد الأصولي، بإسناد من تأييد قطيعي، وعقل جمعي محتل بأفكار الخلافة، والشريعة، والجهاد، ووهم المؤامرة الكونية على ما يمتلكون من تراث ومرويات.
هكذا كانت سياقات نهاية الألفية صعود، وتجييش، وحشد ماضوي، وغزل خطابي عاطفي للماضي، يقابله طائر وحيد أعزل في مرمى القنص المباشر، والاستهداف السهل كهدف رخو Soft target كما يُقال في الأدبيات العسكرية، وقد كان، تم ذبح الطائر بنجاح واستأنفت الجموع زحفها المقدس بخدرها، وهوسها حتى لحظة كتابة هذه السطور.
الطائر الذي كان سلاحه القلم والسطر يترجمان عقلًا، استطاع في زمن قصير تفكيك أوهام الإسلام السياسي الطاغية، وعرضها للفرز والمراجعة، اقتحم ببراعة ملف تاريخ الإسلام كاشفًا بشريته، وإنه تاريخ أشخاص، وليس تاريخ رؤية دينية، ربما يراها البعض إصلاحية في زمانها البدوي العشائري البدائي.
وشدد “السميري” علي: تمسك فرج فودة بفكرة المراجعة والاجتهاد من أجل إصلاح، وإحياء عقلي حقيقي، يُعلي من قيمة الإنسان، والعقل، والعلم والتعايش. هذه أفكار كانت وما زالت لا تروق لهوى القطيع، وبكل أسى وحزن تجذَّر هذا الفكر، وتغلغل في المخيلة الجمعية، وأصبح يحظى برعاية، وإنفاق مؤسسي وإعلامي وتعليمي، لخطب ود الجموع السعيدة بخدرها، لكل هذا تم قنص الطائر الوحيد في تسعينات اشتعال الحريق. لكل هذا ما زالت العقول المستنيرة أهدافًا رخوة لحجارة ورصاص المهاويس بوعيهم المحتل.
كتب فرج فودة عن "الحقيقة الغائبة" قبل أن يغيب ليصبح هو الرمز المتحقق "للحقيقة الحاضرة" … سلام أيها المُلهم الكبير، قصاص الأثر، في صحاري المتاهة.