رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"القصيدة أهم من وطني".. قصة تصريح صادم للشاعر الفلسطيني سميح القاسم

الشاعر سميح القاسم
الشاعر سميح القاسم

الشاعر سميح القاسم، أحد أبرز من عبروا عن القضية الفلسطينية شعريا.. شكل مع صديقه محمود درويش ثنائيا شعريا صار رمزا من رموز القضية، حتي صار ذكر اسم أحدهما يستدعي الجرح الفلسطيني النازف.

إلا أن سميح القاسم، وفي حوار مطول له قبل رحيله بسنوات قليلة، أجراه “علاء حليحل” ونشر بمجلة الكرمل الفصلية في العام 2012، كشف العديد من االأسرار عن حياته وكواليس علاقته بصديقه محمود درويش وغيرها.

وفي تصريح صادم لجمهوره ، قال "القاسم" إن شعره تحديدا قصيدته أهم لديه من الصحة والأسرة والوطن.

قصيدتي بالنسبة لي أهم شئ في الدنيا 

وعندما راجعه محاوره “حليحل” بأن هذا تصريح خطير، يكرر سميح القاسم مشددا: "لا لا لا، ليس خطيرا أبدا. قصيدتي بالنسبة لي أهم شئ في الدنيا.. إذا قلت غير هذا الكلام فسأكون دجالا ومهرجا علي شاكلة “أنا أكتب من أجل الشعب ومن أجل الوطن”، هذا كلام فارغ، أنا أكتب بالدرجة الأولي، من أجلي، من أجل سيكولوجيتي، من أجل أن أحافظ علي عقلي وعلي توازني. أكتب كي لا أجن وكي لا أنتحر، ولكنني لا أحب جملا مثل “أفني عمره في خدمة الشعب والوطن..”، أنا أفنيت عمري في خدمة القصيدة ويبدو أن هذه القصيدة هامة للشعب وللوطن. لكن القصيدة أولا. ومن دون هذا، أشك في أن ينجح أديب أو شاعر أو فنان إذا لم يكن يملك ما أسميه أنا “شيئا من الرهبنة”. الراهب أو الراهبة يسلمان نفسيهما لله، الشاعر يجب أن يسلم نفسه للقصيدة.

 

من يقول لي الوطن أهم من قصيدتي أقول له بارك الله بك

ويمضي سميح القاسم في حديثه لمحاوره، مشددا علي: الشاعر الذي لا يتعامل مع قصيدته علي أنا أهم شئ في الكون أشك في صدقه بصراحة. من يقول لي الوطن أهم من قصيدتي أقول له بارك الله بك، لكنني لا أصدق ذلك. وهذا قد يساء فهمه، ولكنه قد يفهم أيضا، قد يساء فهمه باعتباره نوعا من الأنانية أو الغرور، ولكن أبدا، أقولها بمنتهي التواضع والصدق والعفوية. ولدي إضافة: لو لم أكن هكذا لم يكن الجمهور ليحتضن قصيدتي، ولن يحبها. 

أعتقد أن سر العلاقة الاستثنائية يكمن في هذا الإحساس: القصيدة أولا، القصيدة أولا. الوطن هناك من يقاتل من أجله ويحرره، والأسرة تعمل وتعيش، لكن القصيدة كائن خاص جدا جدا وإذا لم تتعامل معه بهذا التكرس وهذه الرهبنة الكاملة والمطلقة فإنك تخونها وتخون نفسك في نفس الوقت.

شعر المقاومة حالة يجب أن تستمر

وحول إذ ما كان شعر المقاومة انتهي بمفاوضات أوسلو، قال “القاسم”: لن ينتهي أبدا طبعا.. وأنا مستمر في هذا. ولكنها حالة يجب أن تستمر، أنظر إلي كم الضحالة.. بعد أوسلوا بدأوا بكتابة المقالات عن نهاية شعر المقاومة وما جدوي  ومبرر المقاومة؟.. يأتي صحفيون لسؤالي، فأقول لهم: معلش خيا، هل تحررت فلسطين في أوسلو؟ هل تحرر لواء الإسكندرون والأحواز؟ كلها مازالت تحت الاحتلال. هل أنهي أوسلو جموح الإنسان لكرامته وإنسانيته وحقوقه وحضارته؟ ما هذا الهبل؟ ما هو أوسلو؟ وأنا أقول دائما: حرروا جميع الأراضي المحتلة واشطبوا اسمي وشعري من الوجود بالكامل. في هذه الحالة يكون ما أريده قد تحقق.