الآن حصحص الحق.. والسيناريو المصرى هو الأشرف والأقوى
(١)
أكثر من عشر سنواتٍ وبعضهم يصر على الكذب. حاولوا خداعنا فقالوا، وما زال بعضهم يقول- وكل قولِهم إفكٌ- أن ما حدث فى مصر منذ انتخاب الجماعة كان صراعًا على السلطة بين القوات المسلحة وبين جماعة الإخوان، وأنها معركة ليس للشعب فيها ناقة ولا جمل.
بعضهم «بهوات» يرتدون البذات الغربية باهظة الثمن، ينتشرون فى كل التجمعات المصرية، ويتحدثون عن تخلفنا، وأننا لا ندرك حقيقة المسألة وأنهم يدافعون عن حق الشعب فى الخروج من تيه صراع الجيش والإخوان لنور الحكم المدنى المتحضر.
تجمدت عقولهم عند مشاهدٍ وقصص أصبحت خارج التاريخ، وكأنهم لا يدركون أن مصر قد مضى عليها نصف قرن منذ وفاة عبدالناصر رحمه الله, وأن شرعية الحكم قد تبدلت عدة مرات منذ ذلك الحين وحتى الآن.
أغمضوا أعينهم عما يحدث فى المنطقة وكأن مصر تحيا فى جزيرة منعزلة تمامًا. ولم يتنبهوا لسؤال بديهى جدًا.. وهل ما كان يحدث فى سيناء كان صراعًا على سلطة بين جيشٍ وجماعة أم كان صراعًا دفاعًا عن بقاء وطن؟! وهل ما حدث فى دولة س أو ل أو ع كان صراعًا على حكم بين قوى وطنية أم كان موجة وحملة عاتية استهدفت المنطقة برمتها؟!
عفوًا أيها البهوات فما حدث ويحدث هى معركتنا نحن المصريون ضد محاولات هدم بلادنا. هى معركتُنا ولنا فيها كل النوق والجِمال.
ندافع عن هويتنا ودولتنا ومستقبل أبنائنا ونصرٌ أن نترك هذا الوطن مستقلًا وحرًا كما منحه الله لنا وكما دفعت أجيالٌ سابقة دماءها من أجل تسليمه لنا كاملًا غير منقوصٍ، حرًا غير مقادٍ من قوى خارجية. وما قواتنا المسلحة إلا رجالنا الذين انتقيناهم وخولناهم واجب الدفاع المقدس عن تراب هذه البلاد.
ولم نمنح لغيرهم هذا الشرف بحكم العهد الذى ارتضيناه جميعًا وهو الدستور.
لم نخول لرجل دينٍ إلا القيام بقيادة الصفوف أثناء ممارسة الشعائر، ودوره تهذيب الأخلاق وحث الناس على الفضائل، فإن نجح فى دوره فهو منا وإن لم ينجح فلا قيمة لدوره، وإن شط بعضهم وحاول ممارسة غير هذا الدور فنحن منه متبرأون.
(٢)
كان مدعو الدفاع عما أسموه خطأ بالحكم المدنى دائمًا يسخرون من المصريين البسطاء الذين يتشبثون ببلادهم، ويقولون أن نحافظ على وطنٍ بكل متاعبه الاقتصادية خيرًا من مصير دول «س وس ول وع». كان البهوات يدعون أن هذه الدول تمر بمرحلة انتقالية ما تلبث أن تعود دولًا قوية مساندة من ديمقراطيات العالم المتحضر، ولو أنهم تمسكوا بإرثهم المصرى لأدركوا خلاصة القصة فى المثل الشعبى القائل «وهى من امتى الحداية بتحدف كتاكتيت!» فمنذ متى كانت تلك الديمقراطيات الغربية تمنح هداياها بالمجان وكأنها بابا نويل؟!
سألنى صديقٌ عن سر استخدامى بعض العبارات العامية وأنا أكتب مقالًا صفحيًا بالفصحى، فكانت إجابتى أننى أعمد لذلك، لأن اللغة جزء من الهوية وأمثالنا الشعبية المصرية ليست فقط عبارات للمتعة اللفظية لكنها قطعة من حكمة ونصائح أجدادنا، وقد تكفينا حكمة إحداها شرَ السقوط المدوى فى الفخ!
(٣)
بعضهم على مستوى معيشى مرتفع جدًا ورجال أعمال، وبعضهم من الكوادر الأكاديمية، وبعضهم يعمل فى مهن رفيعة المستوى العلمى من أطباء ومهندسين وعاملين فى السياحة. نحن لا نريد الإخوان لكننا لا نريد الحكم العسكرى!
خدعوا البسطاء بهذه الأكذوبة الكبرى فصدقها بعض هؤلاء وأصبحوا يرددونها كأنها حقيقة كونية. أخبروهم أن مهنة الرئيس كضابط فى القوات المسلحة تعنى أن الحكم عسكرى. خطأ لا يقع به مبتدئ فى التصدى للشأن العام. طبيعة الحكم تحدده طبيعة القوانين الحاكمة والمؤسسات الدستورية القائمة ولا تحدده مهنة المرشح للرئاسة. خدعوا العامة بأن مضاد الحكم المدنى أن يكون الرئيس ضابطا سابقا بالقوات المسلحة باعتبار ذلك هو الحكم العسكرى. ولم يخبروا العامة أن مضاد الحكم المدنى هو الحكم الثيوقراطى أو الدينى، وهذا ما كتبه علماء السياسة، وهذا ما نمارسه فى الحياة والتقاضى..
ألم تكن المحاكم فى صورتها الأولى تسمى بالمحاكم الشرعية، ثم تم إنشاء المحاكم المدنية؟!
ألا يقوم البعض منا بما يسمى بالزواج المدنى اعتراضًا على الزواج الدينى؟!
هل المحاكم التى يتقاضى أمامها المصريون محاكم عسكرية أم مدنية، وهل القوانين مدنية أم عسكرية؟!
أما بخصوص قضايا الإرهاب، ألم تقم كل دول الغرب بسن قوانين خاصة تتعاطى مع قضايا الإرهاب؟ بل وبعضها يتعامل مع جرائم الإرهاب بعيدًا تمامًا عن مرفق القضاء؟!
هل إعلان الحكومة الأمريكية عن مكافأة لمن يدلى بمعلومات عن الإرهابى الجولانى يمكن اعتباره من ممارسات الحكم المدنى؟!
أى حكم عسكرى هذا الذى استعان برئيس المحكمة الدستورية العليا ليقود البلاد فى أصعب عام مرت به؟!
خدعوا العامة بالطنطنة عن الحكم المدنى الغربى، وكأنهم لم يشاهدوا المرشَحَين الرئاسيين لأكبر ديمقراطية مزعومة، وهما يتبادلان على الهواء مباشرة الاتهامات بالفاشية والنازية والفساد دون أن يتم التحقيق فى أى من تلك التهم.
أو كانهم لم يبلغهم خبر العفو الرئاسى السامى من رأس الدولة العظمى عن نجله فى اتهاماتٍ أدين بها بالفساد، وحمل سلاحًا خارج إطار القانون!
(٤)
خدعوا البسطاء عن النشاط الاقتصادى للمؤسسة العسكرية، وتاجروا بهذه الأكذوبة لابتزاز الدولة المصرية للنكوص على التزامها بتقوية المؤسسات الرقابية ورقمنة أجهزتها لإلزام جميع الكيانات الاقتصادية بالانطواء تحت منظومة الاقتصاد الرسمى وتسديد التزاماتها الضريبية ودفع القيم التجارية الحقيقية للخدمات المقدمة من الدولة. كرروا باطلهم وهم يعلمون أن كل المؤسسات العسكرية تدير اقتصاديات كبرى خارج ميزانيات الدول، ولا يُسمح بمناقشتها فى البرلمانات.
رددوا باطلهم وهم يعرفون أن المؤسسة العسكرية المصرية هى التى حمت اقتصاد مصر فى ذروة ترنحه، وأنها تستخدم أموالها فى بندين لا ثالث لهما، الأول وهو بيت القصيد الذى يحرك المعترضين وهو الحفاظ على تحديث نفسها وحيويتها للبقاء دائما قادرة على القيام بمهامها الدستورية.
أما البند الآخر فهو ما يستفز أباطرة احتكار السلع، فالمؤسسة تنفق لإنتاج سلع استراتيجية تبقى على القرار المصرى مستقلًا ولا تسمح بتجويع المصريين.
ألم يأتهم خبر شركات السلاح الغربية والدور الاقتصادى الرهيب الذى تمارسه، بل وتفرض أحيانًا كثيرة على ساسة دولها على سياساتٍ بعينها لإثراء تلك الشركات وتشغيل مصانعها الحربية حتى ولو بافتعال حروبٍ فى هذه المنطقة؟!
أنا كمواطن مصرى ما الذى يضيرنى فى أن تصبح مؤسسة بلادى العسكرية ذات قوة اقتصادية قادرة؟ بل إن ذلك من تمام شعور المواطنين بالأمن فى أن خلفهم قوة تستطيع حمايتهم ليس فقط من مخططاتٍ خارجية سافرة، بل من تغول بعض رجال الأعمال الذين دائما ما شنٌفوا آذاننا أوقات الأزمات الاقتصادية بأن رأس المال لا وطن أو جنسية أو دينا له. فعلى الأقل راس مال المؤسسة العسكرية المصرية له وطنٌ واحد وجنسية واحدة وغاية وعقيدة واحدة هى حماية مصر والمصريين جميعًا!
(٥)
فى الأيام الماضية وعقب نجاح سيناريو «خيانة سوريا» طالعتُ كثيرًا من التعريض بما قام به المصريون عام ٢٠١٣م حين طردوا الجماعة ومليشياتها من حكم مصر. وصل الأمر للتندر على موقف المصريين أو ما أسموه «السيناريو المصرى». كان عبارات فاجرة فى الخصومة أتت ممن احتصنتهم مصر سنوات طويلة ومن بعض فلول الجماعة من المصريين. فى سكرة الساعات الأولى ترت العبارات الساقطة من عينة «ندعو الله أن يحمى ثورتنا من السيناريو المصرى» ويرد عليها من أذناب الجماعة فى مصر بمقولات من عينة «كنا أضعف منكم ولكننا نستشرف منكم الأمل من جديد». كانت هذه العبارات الكاشفة لأقنعة بعض الضيوف قبل أن تتكشف كل حقائق مشهدهم هناك. ثم بعض انكشاف الستر كاملًا لم يكمن لأى أقنعة أن تجدى نفعًا.. وبات أنهم بالفعل يخشون من تكرار المشهد المصرى لأنهم ينتمون عقلًا وروحًا لفكرة المليشيا الطائفية الدينية. هم- سواء غير المصريين أو المصريين- يكرهون السيناريو المصرى بكل مفرداته.. فأصبح لزامًا أن تتخذ مصر من الإجراءات ما يحمى هذا السيناريو من عبث العابثين وأن تمنحهم فرصة الذهاب إلى هناك والتمتع على الأرض بما يعتقدون ويعشقون من السيناريوهات!
أذهلنى تطاول أحدهم - يعمل بالفن وعاش فى القاهرة ومنحته مصر أدوار بطولة فى مسلسلات مصرية لعدة سنوات فى وقتٍ كان فنانون مصريون كبار يجلسون بلا عملٍ- على المؤسسة العسكرية المصرية ووصف رجالها بالعسكر، وأن ما حدث وقت ثورة المصريين ضد الجماعة الإرهابية كان خطة من القوات المسلحة ضد الجماعة! كان ينتقد الجماعة بأنها لم تفهم اللعبة ولم تفهم أن خصومها كانوا من العسكر ويلوم الجماعة أنها فى بدء حكمها وصفت رجال القوات المسلحة بأنهم رجالٌ من ذهب!
لقد غفرنا لك- تعاطفا مع تشردك بلا عمل- عدم إجادتك للهجات المصرية وآويناك ومنحناك شرف العمل وجنى الأموال والشهرة فى مصر، لكننا لا نتهاون أبدًا فى التطاول على مؤسستنا الوطنية. أى أقنعة كنتَ ترتديها يا رجل وأنت تعربد فى مصر وتنعم بالأمن والمال جراء قيام من تتطاول عليهم بشرف الدفاع عن مصر؟ إننى أعلن غضبى الشديد من يستمر فى منح هذا المتطاول شرف العمل فى ىمصر مجددًا.. إلى متى سوف نتهاون فيما لا يمكن التهاون به؟!
(٦)
الآن، وبعد مرور أكثر من ثلاثة عشر عامًا على انفجار ما يسمى بالربيع العربى- وهو ليس بربيعٍ وليس عربيًا-، وبعد أن تكشفت كاملًا تفاصيل آخر قطفات هذا المر العربى بوصول النسخة الشامية من مليشيا الطائفة السنية للحكم على أسنة رماح متعددة الهويات والجنسيات، بعد كل ذلك باتت الرؤية واضحة والصورة مكتملة..
فالآن قد حصحص الحق..
فهل من معتذرين لمصر وللمصريين وللمؤسسة العسكرية المصرية وللقيادة السياسية المصرية؟
هل يتحلى بعضهم بالشجاعة- البهوات والأفندية المصريين منهم خاصة- فيتقدمون بهذا الاعتذار أم تراهم يصرون على باطلهم وجعجعتهم؟
فالآن هناك بضعة عشر مليونًا من مواطنى الدول التى كانوا يدعون أن ثوراتها قد نجحت وقد تحولوا للاجئين خارج أوطانهم، أو بلا مأوى «هوملس بالأمريكانى المدنى» داخل أوطانهم أو التى كانت أوطانهم.
الآن لدينا مقراتٌ دائمة لمنظمات إغاثة دولية فى ربوع هذه الأوطان، وهؤلاء المواطنون يصطفون انتظارًا لنفحات هذه المنظمات من طعامٍ وملابس وأدوية، وهى الأوطان ذات الخيرات والموارد التى تكفى مواطنيها وزيادة..
الآن لدينا لصوص الديمقراطيات الغربية وقد نصبوا موائد الرحمن بأموال ومقدرات تلك الشعوب بعد أن عبثت حكومات هؤلاء اللصوص وأجهزة مخابراتها بتلك الأوطان وأحالتها خرابًا ودمارًا.
الآن لدينا نكبة فلسطينية جديدة أكثر بؤسا وكآبة من النكبة الاولى..
الآن لدينا دولة جارة متناحرة، وتم تصنيف شعبها الأكثر معاناة بين من سقطوا، وتم تصنيف نسائها الأكثر تعرضا للعنف الجسدى بين نساء دول المنطقة.
الآن لدينا أراضٍ عربية جديدة تم احتلالها إسرائيليًا، ولدينا مناطق مقتطعة من تلك الأراضى لإقامة مناطق عازلة جديدة لحماية الدولة اللقيطة.
الآن لدينا ثلاثة جيوش عربية قد سقطت، ولا أرى بصيصًا لعودتها للحياة وقد تحولت أشلاؤها إلى ما يقرب من شركات الأمن الخاصة، وآخرها سيتحول إلى منتخب مليشيات.
الآن لدينا فى إحدى الدول- التى يقولون بانتصار ثورتها- حكومة طائفية، وزراؤها وقادتها قتلوا ومارسوا الإرهاب، وتم تعيين أحدهم وزيرًا للدفاع بعد أن كان قائدًا لمليشيا. وزيرٌ للدفاع بلا جيش ولا أسلحة جيوش بعد أن تم دهس أسلحة جيش بلاده الوطنى. وزيرٌ للدفاع لمجموعاتٍ من مقاتلى المليشيات. وآخرٌ كان مختصًا بتصوير الجرائم الإرهابية صار وزيرًا للإعلام!
(٧)
ولدينا فى مصر دولة، وقد آوت هذه الدولة السوادَ الأعظم من تلك الملايين المشردة ولأكثر من عقدٍ كاملٍ من الزمن.
لدينا فى مصر دولة تشيد مدنا جديدة، وتستصلح ملايين الأفدنة. ويمارس مواطنوها طقوس حياتهم، ويتشاكس مواطنوها على صفحات السوشيال ميديا الرياضية تشجيعًا للأهلى أو الزمالك..
لدينا شوارعٌ تكتظ بالمصريين يتسوقون، وفتياتٌ وشبابٌ يسرقون لحظات عشق عذرية مشروعة ويتوقون للغد ويخططون له..
لدينا حكومة نلومها على بعض سياساتها وتحاول ترضيتنا وتحاول تخفيف الأعباء الاقتصادية عن كواهلنا، فتنجح مرة وتفشل مرة ككل بلاد الدنيا..
باختصار.. لدينا فى مصر وطن..
هذا هو السيناريو المصرى الذى نجح ونجا ونجت معه مصر ونجا به المصريون لأنهم يستحقون النجاة، لأنهم هم- شعب ومؤسسات عريقة وحكام- من صاغوه وفرضوه ودفعوا ثمنه.
هو السيناريو الأشرف فى الدول التى تعرضت لهذه العاصفة. هو السيناريو الأشرف وهو أيضا الأقوى لأن العالم اليوم، وكما كان دائمًا لا يرضخ إلا للأقوياء القادرين على حماية أنفسهم ودولهم، المستعدين لدفع ضريبة الدم والمال. ولقد دفعناه وعلى استعدادٍ تام لدفعه مرات ومرات. فليفرح كل صاحب سيناريو بما يحب ويعشق ولنفرح نحن المصريين بما حققناه.
(٨)
بعد عقودٍ طويلة وبعد أن يتم إعادة رسم خريطة المنطقة وتكتظ بالدويلات المتآلفة أو المتناحرة- حسب رؤية المخرج- سوف يكتب التاريخ كل ما حدث. سوف تطالع الأجيال وقتها الخرائط القديمة وتقارنها بما ستجده حاضرا وسوف تفتش هذه الأجيال عن الحقيقة كاملة. سوف يعرفون من نجى وكيف نجى، ومن سقط وكيف سقط. التاريخ سوف يكتب بأحرف من شرف أسماء من يستحقون وسوف يفضح من باعوا أوطانهم أو لم يفهموا وقت أن كان الفهم فريضة وفرض عين على كل من يحمل هوية وطن.
لن يتوقف التاريخ طويلًا أمام قوائم أسعار، لكنه سيكتب الحقائق الكبرى، وعلى رأسها أن المصريين وبعد أن أنقذوا بلادهم وكتبوا شهادة موت شياطين الجماعات المارقة على أرضهم، قد فتحوا أبواب بلادهم لإطعام وإيواء من فر ومن سقط، وأن المصريين قد تقاسموا- رغم ضيق ذات اليد- خير بلادهم لأكثر من عقدٍ كامل مع هؤلاء.. وأن هؤلاء وهم يرتعون فى خيرها كانوا يتندرون عليها ويصفون ما قام به المصريون- وكان سببًا أن وجدوا من يأويهم- بأنه سيناريو عسكرى ضد ثورات التحرر الشعبية!
وسيكتب التاريخ أن هذا لم يكن جديدًا لا على من أعطتْ ومنحت ولا على من أكل وشرب وأمن بعد خوف ولم يشكر، أو حتى كفاها شره. فمصر دائمًا ما فتحت أبوابها لهم، وأحيانًا خاضت حروبهم شهامة منها، وبعضهم كان ينتشى بسرقتها أو طعنها فى ظهرها، ولم يثنها ذلك يومًا عن عزمها الاحتفاظ بشرفها كاملًا.
(٩)
أنا كمواطن مصرى- أكتب هذا الكلام وأوثق تلك الأحداث وقت حدوثها وفى ذروة توحش موجة الاستهداف- أسجل أننى فخورٌ ببلادى وبشعبى وبما حققناه.
فخورٌ بهذا السيناريو الشريف القوى وسط كل هذا السقوط والتهافت والخنوع.
فخورٌ بقيادة هذه البلاد التى وعدت فأوفت، ولم تضعف فى لحظاتٍ ضعف فيها الجميع وتوارى جانبًا خوفًا من المواجهة.
فخورٌ بقرارات الدولة المصرية وقيادتها منذ استجابتهم لأمر الشعب المصرى بالدفاع عن هويته وشخصيته، مرورًا باقتحام كل الملفات التى تخاذل عن الاقتراب منها آخرون، وصولًا لمشاهد مواجهة قادة الحملة الاستعمارية وجهًا لوجه وعلنًا وعلى الهواء مباشرة بعد نكبة السابع من اكتوبر عام ٢٠٢٣م.
فهذا الوطن بشعبه وقيادته يستحقون هذا الفخر، وشرفٌ لى ولكل من يحمله هويته أن يختال بهذه الهوية ومن لا يعتقد بهذا فهو لا يستحق هذا الشرف.