رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التهجير.. جريمة حرب وتصفية للقضية الفلسطينية

التهجير القسرى انتهاك للقانون الدولى وفقًا للمادة «49» من اتفاقية جنيف والتى تحظر النقل القسرى الجماعى أو الفردى للأشخاص المحميين من الأراضى المحتلة، كما ينص نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية فى المادة «8» التهجير القسرى جريمة حرب تستوجب المحاكمة.
والمادة «1» من ميثاق الأمم المتحدة تنص على حق الشعوب فى تقرير مصيرها، كما تنص قرارات الأمم المتحدة على عدم الاستيلاء على الأراضى بالقوة، وينص الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى مادته «13» على حق كل فرد فى التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود دولته.
تستمر جرائم الاحتلا ل الصهيونى الوحشية وعدوانه المتواصل على الضفة الغربية ومخيماتها، فى طولكرم وجنين وطوباس لليوم الخامس عشر على التوالى متسببًا، فى سقوط أكثر من 25 شهيدًا وعشرات الإصابات، مع ارتكاب جريمة بشعة بتدمير مربع سكنى داخل مخيم جنين يحتوى على عشرين بناية، ويستمر السعار الإمبريالى الصهيونى فى التصعيد والتهديد والوعيد، على لسان نتنياهو مرتكب جرائم الحرب بحق الفلسطينيين، وبتأييد من صاحب «صفقة القرن» وخطط «السلام الإبراهيمى»، حاكم الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، الذى بدأ منذ اعتلائه عرش الإمبراطورية الأمريكية الاستعمارية المتوحشة المعسكرة، الصراخ بصوت عالٍ، مهددًا الدول والشعوب بالاستيلاء على الأراضى والثروات، ومن لم يرض سيخرج من نعيم «شهبندر التجار»، وسيتم فرض العقوبات الاقتصادية، والإتاوات الجمركية عليه، كى يرضخ ويطلب العفو والسماح.
جاء ترامب ليشعل العالم نارًا، بإعلان انسحابه من منظمة الصحة العالمية، والانسحاب من مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بجانب الاستمرار فى رفض تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا»، بل والتهديد بمحاكمة المحكمة الجنائية الدولية!، وقام أيضًا برفع العقوبات عن المستوطنين الإرهابيين، الذين قاموا بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين. 
كما بدأ الحرب التجارية على الصين والمكسيك، وأعلن عن أنه يريد الاستيلاء على أراضى بعض الدول بل ودول بأكملها «كندا» وضمها لتكون إحدى ولايات أمريكا، ومن لم يصغ أو يدفع الإتاوة من الدول الغنية الخليجية أو دول حلف الأطلنطى الأوروبية فـ«يا ويله وسواد ليله».
ولأن ترامب يريد المضى فى تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، ويريد أن يُرضى اليمين الصهيونى المتشدد، أعلن فى مؤتمر صحفى ضاربا عرض الحائط بالقوانين الدولية، عن أن على الكيان الصهيونى ضم قطاع غزة، وضم أيضًا الضفة الغربية من أجل الحفاظ على أمنه، وذلك بعد تفريغهما من الفلسطينيين وتهجيرهما إلى مصر والأردن ودول أخرى، ويحقق أمنية حليفه الصهيونى بإقامة الدولة اليهودية وعاصمتها القدس الأبدية، بل وتضم الدولة المزعومة أراضى من سوريا والأردن ولبنان ومصر والسعودية، ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد.
يبدو أن حاكم البيت الأبيض لا يسمع ولا يرى ما يدور فى العالم الذى استنكر تصريحاته، بل وانتفضت حكومات بعض الدول لتقول له لا ومنها كندا والمكسيك والصين وجرين لاند والدنمارك وبنما، وتوالت تصريحات وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وتركيا وبريطانيا والصين ورئيس وزراء أستراليا برفض تهجير الفلسطينيين واعتباره انتهاكًا للقانون الدولى، وأن الحل هو إقامة دولة فلسطينية لضمان استقرار المنطقة.
ورفضت كل من مصر والأردن مرارًا وتكرارًا مخططات الإبادة الجماعية والتهجير القسرى للشعب الفلسطينى، وتوطينه خارج أرضه، وأصدرت كل من الجامعة العربية والمملكة العربية السعودية، بيانًا يرفض التهجير القسرى، ويوضح أن استقرار المنطقة لا يتم إلا بإقامة الدولة الفلسطينية، وعودة اللاجئين إلى ديارهم.
كما انتفضت كل الشعوب العربية، «التى قال عنها ترامب العرب والمسلمون غير مرحبٍ بهم فى أمريكا»، وارتفع صوت حناجرها عاليًا إلى عنان السماء، وزأرت كالأسود معلنةً لا للتهجير، نعم لعودة اللاجئين الفلسطينيين، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
وردًا على التهديد والوعيد لحاكم الولايات المتحدة الأمريكية، تكونت يوم الجمعة 31 يناير 2025، «مجموعة لاهاى» من تسع دول من مختلف أنحاء العالم وهى «جنوب إفريقيا والسنغال وناميبيا وماليزيا وكوبا وكولومبيا وبوليفيا وهندوراس وبليز»، للعمل من أجل إنهاء الاحتلال الصهيونى للأراضى الفلسطينية، ودعم حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة، ورفض الالتزام بالصمت، إزاء الجرائم التى يرتكبها الكيان الصهيونى بحق الفلسطينيين.
وأعلنت المجموعة فى بيانها عن أنها مفتوحة لانضمام دول أخرى، تؤمن بأهداف المجموعة، وتسعى للدفاع عن الحرية، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطينى.
كل التحية لمجموعة لاهاى ونتمنى انضمام الدول العربية، التى تحيط بها المخاطر من كل حدب وصوب، فما يحدث يُراد به تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على أمتنا العربية، ورسم خريطة جديدة للشرق الأوسط، فالصراع الحالى مع الإمبريالية الأمريكية الصهيونية صراع للدفاع عن وجود الأمة العربية. 
على الأمة العربية أن تهب لمواجهة الخطر القادم، وإلا ستخرج من التاريخ والجغرافيا.
وكل التحية للشعب الفلسطينى الصامد المدافع عن أرضه وعن شرف وعزة وكرامة الأمة العربية وعن مقدساتها.