رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سوريون لـ"الدستور": سوريا على أعتاب مرحلة جديدة مفتوحة على كل الاحتمالات

سوريا
سوريا

تواجه سوريا مرحلة شديدة التعقيد، وسط تصاعد الأحداث على الأرض واحتدام الصراع بين الأطراف المختلفة. فبينما يُروج للصراع على أنه امتداد لثورة شعبية ومطالب حقوقية، يرى خبراء أنه يحمل في طياته أجندات سياسية تسعى لتغيير خريطة المنطقة.

كما أن الميليشيات المسلحة، التي تصنَّف بأنها أذرع إرهابية، تستهدف تقسيم الجغرافيا السورية لصالح أطراف إقليمية ودولية، لتصبح المناطق السورية ساحات نفوذ متصارعة. ومع استمرار التوترات، تتعاظم المخاوف حول هوية سوريا ووحدتها، بينما يدفع الثمن الأكبر شعوبها التي تشردت، وتفككت هويتها، ووجدت نفسها في مواجهة مستقبل غامض لا يحمل بوادر استقرار قريب.

تصاعد المخاوف من تقسيم سوريا وسط تحركات الميليشيات المسلحة

تشهد سوريا تصاعدًا ملحوظًا في التوترات مع استمرار العمليات العسكرية للميليشيات المسلحة، التي توسعت سيطرتها في الشمال الغربي، بما في ذلك حلب وحماة. يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه التحذيرات من محاولات تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ متعددة، أبرزها المنطقة التي تسيطر عليها قوات "قسد" في الشمال الشرقي، والمناطق الواقعة تحت سيطرة المجموعات المدعومة من تركيا. 

في المقابل، أكدت الحكومة السورية تمسكها بوحدة الأراضي السورية، فيما يراقب المجتمع الدولي بحذر التطورات المتسارعة التي تنذر بإعادة رسم خريطة البلاد، ما يثير تساؤلات حول الأطراف المستفيدة والتداعيات المحتملة على الشعب السوري الذي يعاني ويلات النزوح والتشريد.

في هذا السياق قال رئيس حزب "سوريا أولًا" سلمان شبيب، إن سوريا تعيش منذ أيام على أعتاب مرحلة جديدة، وسط تطورات متسارعة على الأرض، مشيرًا إلى وجود احتمالين رئيسيين لمستقبل الأوضاع في البلاد.

احتمالان رئيسيان لمستقبل سوريا

أضاف شبيب في تصريحات للدستور:" الاحتمال الأول يتمثل في تنفيذ قرارات اجتماع مجموعة أستانا في قطر، التي تضم الدول المؤثرة في الأزمة السورية، عبر وقف العمليات العسكرية والبدء بعملية سياسية وفق قرار مجلس الأمن 2254"، مؤكدًا ضرورة تخلي جميع الأطراف السورية، بما فيها السلطة، عن أساليب المماطلة والمراوغة التي أدت إلى تضييع العديد من الفرص، وبدلًا من ذلك العمل بجدية لتحقيق تسوية سياسية شاملة.

أما الاحتمال الثاني، وفق شبيب، فهو عدم التزام الأطراف بتنفيذ القرار، مما يعني استمرار العمليات العسكرية، وهو ما سيؤدي إلى تعميق الانقسامات على الأرض، وتكريس واقع التقسيم الحالي الذي أصبحت سوريا تعيشه فعليًا.

واقع التقسيم في سوريا

وأضاف شبيب أن سوريا تعاني من واقع تقسيم فعلي إلى ثلاث مناطق رئيسية: منطقة تحت سيطرة النظام السوري، وأخرى في الشمال الشرقي تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وثالثة كانت تحت سيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا، والتي توسعت بشكل كبير خلال الأيام الماضية. وأشار أيضًا إلى الوضع الملتبس في محافظة السويداء، مما يزيد من تعقيد المشهد السوري.

الوضع الراهن.. قلق ومتوتر

واختتم شبيب تصريحه بتوصيف الوضع الحالي في سوريا بأنه "قلق ومتوتر جدًا"، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة مفتوحة على كل الاحتمالات، وأن الالتزام بقرارات التسوية السياسية هو الخيار الوحيد لتفادي المزيد من الانقسام والتدهور.

ومن جانبه أكّد المحلل السياسي السوري عمار وقاف أن سوريا تقف على أعتاب مرحلة جديدة، مشيرًا إلى أنه لا توجد مخاوف فعلية من التقسيم في الوقت الحالي، حيث إنه ليس في مصلحة أي طرف إقليمي أو دولي.

وأضاف عمار في تصريحات للدستور، أن الميليشيات المسلحة العاملة في سوريا مصنفة قانونيًا كأذرع لتنظيم القاعدة، ما يجعلها أهدافًا مشروعة للاستهداف القاسي من قِبل مختلف الأطراف.

الميليشيات المسلحة والضغط السياسي

وأوضح وقاف أن هذه الميليشيات تُستخدم أداة لتغيير الوضع القائم وتحريك المياه الراكدة في سوريا، بهدف الضغط على الحكومة السورية للدخول في عملية سياسية قد تضطر فيها لتقديم تنازلات تخدم مصالح بعض الأطراف، مثل تركيا، أكثر مما كانت مستعدة لتقديمه في السابق. لكنه شدد على وجود خطوط حمر تحكم هذه التطورات، مع اتفاق الجميع على الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.

العملية السياسية المستقبلية

وأشار إلى أن الحديث الحالي يتركز على تعزيز العملية السياسية التي قد تدفع الحكومة السورية إلى تبني نهج أكثر براجماتية، مع الحفاظ على فكرة الدولة الواحدة.

ورغم ذلك، حذّر وقاف من أن عدم توصل الأطراف جميعها، بما فيها الحكومة السورية، إلى اتفاق قد يؤدي إلى "الذهاب باتجاه المجهول"، ما قد يهدد القدرة على الحفاظ على دولة موحدة تحقق مصالح جميع أبنائها.

موقف روسيا والقرارات الدولية

وفي معرض حديثه عن التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف خلال اجتماع الدوحة، لفت وقاف إلى تأكيد روسيا رفضها القاطع لانتصار "هيئة تحرير الشام"، التي وصفها بأنها ذراع القاعدة في سوريا، إلى تطلعات روسيا لتطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا بناءً على اتفاق أضنة الموقّع قبل أكثر من 25 عامًا، بهدف معالجة مخاوف تركيا بشأن ما تعتبره "الإرهاب" الناجم عن طموحات الأكراد الاستقلالية في شمال شرق سوريا.

تطبيق القرار 2254 والانتقال السياسي

أضاف وقاف أن ما يجري قد يؤدي إلى المضي قدمًا في تطبيق القرار الأممي 2254 والبدء بعملية سياسية موسعة تفضي إلى انتقال سياسي يغيّر الحالة الراهنة في سوريا إلى واقع جديد. وأكد لافروف، بحسب وقاف، على أهمية أن تشمل هذه العملية "معارضة مشروعة" معترف بها دوليًا، ما يعني استبعاد الجماعات المسلحة التي تقاتل حاليًا على الأرض.

وختم وقاف بقوله: "علينا انتظار تطورات الأيام المقبلة، التي ستحدد معالم المرحلة القادمة في سوريا".