التحديات خطيرة.. ووحدة المصريين واجبة
الأحداث الخطيرة التى تتعرض لها سوريا الشقيقة حاليًا عواقبها وخيمة وخطيرة جدًا على المنطقة بكل المقاييس والمعايير. إن ما يحدث حاليًا فى سوريا أمر يحتاج إلى تدبر ورؤى صحيحة، لمواجهة هذا الموقف البشع الذى تتعرض له الدولة السورية، والذى يعنى أن مؤسساتها المختلفة فى خطر شديد، إن لم تكن قد وقعت بالفعل فى المحظور.
الذين يتصورون أن مصر بعيدة تمامًا عن هذه الأحداث واهمون تمامًا، ولا يدركون حقائق الأمور على الإطلاق، ففى ظل الحرب الدائرة على غزة ولبنان، ثم جاء الدور على سوريا، والتدخل الصهيونى الأمريكى البشع والسافر داخل الأراضى السورية بهذا الشكل ينذر بأن العواقب وخيمة، ويؤكد أن القادم خطير وتحد رهيب جدًا.
إن مصر تواجه الآن أشد التحديات التى لم تتعرض لها من ذى قبل، فما مر من أحداث على مصر جسام نجد أن هذا التحدى الآن هو أبشع التحديات الذى تتعرض له الدولة المصرية، وقد يقول قائل: وما علاقتنا بسوريا؟ السؤال ليس فى محله على الإطلاق، فإن الأمن القومى المصرى مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن العربى، سواء فى سوريا أو العراق أو ليبيا أو السودان أو خلافها من كل الدول العربية الشقيقة، حتى دول الخليج نفسها البعيدة عن الأحداث.
إن مصر الآن تواجه أكبر التحديات على مر تاريخها الطويل، وهنا بات الموقف يحتاج إلى تأمل ورؤى لأمرين، الأول أن سقوط سوريا فى الوحل بهذا الشكل يعنى أن مصر باتت على المحك، وتلك كارثة حقيقية، لكن من نعم الله أن مصر بها قيادة سياسية رشيدة وبها شعب يتمتع بالكياسة والفطنة، ويدرك تمامًا كل هذه المخاطر البشعة التى تتعرض لها مصر؛ بسبب هذه الفوضى التى تسود فى المنطقة، التى تنذر بحرب إقليمية بشعة.
كل هذه التحديات التى تواجهها مصر لا بد أن تلتف الأمة العربية قاطبة خلفها، لمواجهة هذا الخطر الفادح الذى سينال من كل الدول العربية بلا استثناء، والأحداث التى تجرى فى ليبيا والسودان والعراق وفلسطين واليمن وسوريا كلها تؤكد أن هناك مخططًا صهيونيًا أمريكيًا بشعًا، يريد تقسيم المنطقة من جديد وتحويل مؤسسات هذه الدول إلى خرابات، من أجل تشكيل دويلات ضعيفة فى مواجهة العدو الحقيقى فى المنطقة وهو إسرائيل.
من هذا المنطلق، إذا كانت مصر حققت نصرًا مؤزرًا وعظيمًا فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣ فيرجع إلى أمور كثيرة، الأول هو تحديث الجيش المصرى، والأمر الثانى هو بسالة الجندى المصرى، والثالث هو عظمة هذا الشعب المصرى الذى التف حول قيادته السياسية حينذاك بشكل واضح، وأصبح الجميع على قلب رجل واحد، وتأمنت الجبهة الداخلية تأمينًا كبيرًا جدًا، ووقفت تدعم بكل قوة قواتها المسلحة حتى حققت هذا النصر العظيم.
أما الآن فنحن فى أمر يكاد يكون أشد خطرًا من تلك الفترة التى عبرتها مصر من ١٩٦٧ إلى ١٩٧٣، هذه الفترة هى وجود تحديات جسيمة بالفعل، وكل الشواهد تؤكد أن الدولة المصرية الصلبة العظيمة التى حققت إنجازات فى كل الميادين على الأرض لم يكن بأى حال من الأحوال أن تحقق هذا إلا بفضل عظمة هذا الشعب، وبالتالى هناك ضرورة قصوى الآن وهى التفاف جموع المصريين على قلب رجل واحد خلف القيادة السياسية وخلف القوات المسلحة المصرية العظيمة الدرع الواقية للبلاد وأمن مصر القومى، لمواجهة أى أخطار قد تتعرض لها البلاد، فى ظل هذه التحديات الخطيرة والبشعة. وكما قلت من قبل، فإن هذه التحديات تعد الأشد فى تاريخ الدولة المصرية، حتى إن الأمور كلها من حولنا خلال السنوات الماضية منذ أحداث ٢٠١١ حتى كتابة هذه السطور تنذر بعواقب وخيمة، وهذا ما تحقق فى الدول المجاورة لدرجة أن مصر باتت تقع الآن وسط بؤرة مشتعلة من الأحداث الجسام، التى ضربتها الفوضى والاضطراب والعرقية وحالات الانقسام والطائفية، وما أشبه إلى ذلك سبيلًا.
وبالتالى لا بد أن تتكاتف جموع المصريين وتكون على قلب رجل واحد ويدًا واحدة، من أجل التصدى لكل هذه التحديات البشعة التى لا ترحم. إننا نحمد الله أن مصر قد نجحت خلال العقد الماضى فى اجتياز الكثير من المحن والمصائب التى تعرضت لها البلاد المجاورة، ويرجع الفضل إلى تماسك الجبهة الداخلية مع قوات المسلحة المصرية الباسلة فى كل الأمور، وتحت القيادة السياسية الرشيدة التى تدرك حجم المخاطر البشعة والتحديات الصعبة التى تتعرض لها البلاد.
ومن هذا المنطلق، لا بد أن يكون المصريون صخرة صلبة لمواجهة هذه التحديات البشعة، ولا يمكن إنكار أن المصريين وقت الشدة يكونون على هذه الدرجة من الوعى والكياسة والفطنة، وليس هناك أصعب من هذه الفترة التى تمر بها مصر حاليًا، وقد وجب على الجميع أن يتخلى عن أى أنانية شخصية أو أيديولوجية أو حزبية أو أى أفكار سياسية أو خلافها من كل هذه الأمور، وليكن الجميع فى صف واحد حتى تجتاز مصر هذا التحدى الخطير الذى تواجهه بسبب كل هذه الأحداث التى تتعرض لها حاليًا الدول العربية الشقيقة.