أهداف أمريكا وإسرائيل من الكارثة السورية
تحدثت، أمس، عن الإصرار الصهيونى- الأمريكى، على التدخل فى سوريا واشتعال الحرب والفوضى والاضطراب داخل هذا البلد العربى الشقيق، التدخل الأمريكى- الإسرائيلى فى سوريا لا يأتى من فراغ، وإنما بهدف رئيسى، هو إضعاف سوريا، والسعى بكل السبل إلى تقسيمها ضمن المخطط الأمريكى الواضح والصريح لإضعاف الأمة العربية وتشرذمها وتقسيمها إلى دويلات صغيرة، ومن هذا الأساس هناك أهداف أساسية تريدها الولايات المتحدة من وراء هذه الكارثة، ورغم الحرب على غزة ولبنان، تخوض إسرائيل حربًا أخرى داخل سوريا من خلال ضربات متكررة ومتعددة، ما يعنى أن الهدف الأمريكى لن يهدأ حتى يحقق مراده، وتلك هى الطامة الكبرى.
فى الواقع تشكل الأزمة السورية واحدة من أبرز التحديات الجيوسياسية فى القرن الحادى والعشرين، حيث تتداخل فيها مصالح دولية وإقليمية متشابكة، ولطالما كانت أهداف الولايات المتحدة وإسرائيل فى هذه الأزمة موضع جدل وتساؤل، حيث إن هاتين القوتين لعبتا دورًا محوريًا فى إشعال وتأجيج النزاع. والهدف هو إضعاف المحور الذى تقوده إيران، والذى يشمل سوريا وحزب الله، وتسعى واشنطن إلى عزل النظام السورى وحلفائه، وتقويض نفوذ إيران فى المنطقة، ولأن الولايات المتحدة حليف استراتيجى لإسرائيل، وتسعى إلى ضمان أمنها، من خلال إضعاف الأنظمة المعادية لإسرائيل فى المنطقة، وهناك هدف ثانٍ، هو الاستيلاء على احتياطى الطاقة والغاز فى المنطقة، من خلال السيطرة على حقول النفط والغاز السورية، وتوجيه تدفقات الطاقة وفقًا لمصالحها، أما الهدف الثالث فهو تعزيز النفوذ الأمريكى فى الإقليم، خاصة الشرق الأوسط، من خلال فرض رؤيتها السياسية والأمنية على المنطقة، وإضعاف نفوذ منافسيها، مثل روسيا والصين.
أما الهدف الرابع فهو سعى إسرائيل إلى منع إنشاء جبهة مقاومة على حدودها الشمالية، من خلال دعم المعارضة السورية، وإضعاف النظام السورى. وقد نجحت الصهيونية- الأمريكية فى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية، وتشريد الملايين من السوريين.
وتعد مسألة نقل الولايات المتحدة وإسرائيل الاضطراب والعمليات العسكرية إلى سوريا قضية معقدة يتشابك فيها العديد من العوامل الجيوسياسية والتاريخية والاقتصادية، ويسعى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل إلى الحفاظ على نفوذهما فى المنطقة، خاصة فى ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة فى الشرق الأوسط. قد يكون نقل الاضطرابات إلى سوريا جزءًا من استراتيجية أوسع لتأمين مصالحهما والسيطرة الكاملة على المنطقة ومواجهة النفوذ المتزايد لخصومهما الإقليميين.
وقد يكون هناك اعتقاد بأن نقل الاضطرابات إلى سوريا سيساعد فى حماية إسرائيل!. والوضع السياسى والعسكرى والاجتماعى المعقد داخل سوريا يؤثر بشكل كبير على طبيعة الصراع وتداعياته. وكذلك العلاقات المتوترة بين الدول الإقليمية مثل إيران وتركيا وروسيا، وتأثير هذه العلاقات على الوضع فى سوريا، تلعب دورًا حاسمًا فى توجيه السياسات الأمريكية والإسرائيلية فى ظل وجود مصالح متعارضة بين الدول الكبرى فى المنطقة، مثل الولايات المتحدة وروسيا، يؤدى إلى تعقيد الصراع فى سوريا ويجعل من الصعب التوصل إلى حلول دائمة.
ولا يخفى على أحد موقف مصر من الأزمة السورية، الذى يعتبر الأبرز عالميًا، حيث تسعى القاهرة لحل الأزمة السورية سلميًا منذ بدايتها. واتبعت مصر سياسة متوازنة، دعت فيها إلى الحوار الوطنى الشامل بين جميع الأطراف السورية، ورفضت التدخل العسكرى الخارجى فى الشأن السورى. وقدمت مصر مبادرات عديدة لحل الأزمة، مثل مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى دعت إلى وقف إطلاق النار والحوار السياسى، ومبادرة القاهرة التى هدفت إلى تشكيل حكومة انتقالية، وتسعى مصر إلى الحفاظ على وحدة الأراضى السورية، وترفض أى محاولة لتقسيمها أو التدخل فى شئونها الداخلية، كما تعمل مصر على تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السورى الشقيق، وتستقبل أعدادًا كبيرة من اللاجئين السوريين على أراضيها.