بين الأنقاض.. "الأسبستوس" قاتل جديد يفتك بأهالى قطاع غزة
في صمت مطبق، تتسلل خيوط الموت إلى رئات الملايين، كانت "الأسبستوس" مادة تُستخدم في البناء، وفي صناعة مواسير المياه، لكنها اليوم تُعدّ واحدة من أخطر التهديدات الصحية التي قد تتسبب في تدمير الأنسجة الرئوية وتفاقم الأمراض المزمنة.
الأسبستوس، تلك المادة الخفية التي لم يكن أحد يتخيل مدى فتكها، كانت تكمن في أقبية الماضي، لكنها تلاحق ضحاياها ببطء، حيث لا تظهر أعراضها إلا بعد عقود من التعرض.
أهالي غزة، الذين يرزحون تحت الركام، يواجهون تهديدًا جديدًا: الغبار السام الناتج عن تفاعل مادة الأسبستوس الموجودة في المباني المتضررة مع جثث الشهداء أسفل الركام. ينساب هذا الغبار في الهواء، مهددًا الأرواح دون أن يدركه الكثيرون.
ويواجه أهالي قطاع غزة تحديًا صحيًا إضافيًا قد تكون له تأثيرات خطيرة على صحة الأفراد والمجتمع بشكل عام، وهو خطر مادة الأسبستوس السامة، هذه المادة التي أصبحت تشكل تهديدًا صحيًا جسيمًا في القطاع بفعل تفاعلها مع أشلاء الضحايا المدفونة تحت الركام، حيث يتحول الحطام إلى مصدر رئيسي للغازات السامة.
هذا التحقيق الاستقصائي يفتح الستار على واحدة من أكبر المخاطر الصحية العالمية التي تزداد خطورتها في قطاع غزة، "الأسبستوس" كيف أصبحت هذه المادة قاتلة؟ ولماذا يظل الخطر قائمًا رغم تحذيرات العلماء؟.
أمين عام أطباء الصدرية العرب: الأمراض الرئوية المهنية.. تهديدات صحية لمختلف القطاعات
أكد الدكتور محمد الطراونة، أمين عام رابطة أطباء الصدرية العرب من الأردن، أن هناك العديد من الأمراض التي يمكن أن تصيب الإنسان أثناء ممارسة مهنته، لا سيما الأمراض الصدرية نتيجة تعرض الشخص لبعض الأشياء الضارة في بيئة العمل مثل الأتربة والأدخنة، فضلًا عن المواد الكيميائية التي تُستخدم في بعض الصناعات.
وأضاف الدكتور محمد الطراونة، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن مرض الأسبستوس رئوي مزمن، ويعد من الأمراض المهنية التي تصيب الرئة بسبب استنشاق ألياف الأسبستوس، ويمكن أن يؤدي التعرض لهذه الألياف لفترة طويلة إلى تندُّب أنسجة الرئة وضيق النفس، لافتا إلى أن أعراض داء الأسبستوس تتراوح من البسيطة إلى الحادة، ولا تظهر عادةً إلا بعد عدة سنوات من التعرض الأول.
وأوضح الطراونة أن العلامات والأعراض للمرض تشمل: "ضيق النفس، السعال الجاف والمزمن، ضيقًا أو ألمًا في الصدر، أصوات جفاف أو طقطقة في الرئتين عند الشهيق، وأن تبدو أطراف أصابع اليدين والقدمين أكبر وأكثر استدارة عن المعتاد (تعجُّر الأظافر)".
وأضاف أن التعرض لمستويات مرتفعة من غبار الأسبستوس لفترة طويلة يمكن أن يؤدي إلى استقرار بعض الألياف المحمولة جوًا داخل الأكياس الهوائية "وهي الأكياس الصغيرة داخل رئتيك" حيث يتم تبادل الأكسجين بثاني أكسيد الكربون في الدم، تهيِّج الألياف الأسبستية أنسجة الرئة وتسبب تندبها، ما يتسبب في تصلُّب الرئتين، ويجعل التنفس صعبًا.
وأكد الطراونة أنه مع تقدُّم داء الأسبستوس، يحدث المزيد والمزيد من ندبات أنسجة الرئة. في نهاية المطاف، تصبح أنسجة الرئة قاسية جدًا بحيث لا يمكنها الانقباض والتمدد بشكل طبيعي، مشيرًا إلى أن التدخين يزيد من احتجاز ألياف الأسبستوس في الرئتين، ما يؤدي غالبًا إلى تقدُّم المرض بشكل أسرع.
وقال إن الأمراض الرئوية المهنية هي حالات مرضية تصيب الرئة، تسببها أو تُفاقمها مواد يتعرض لها الفرد في بيئة العمل أو أثناء ممارسته لعمله، حيث توجد العديد من الأمراض الصدرية التي تنتج عن ممارسة المهن، خاصة تلك التي يستنشق العامل خلالها الأدخنة والعوادم والغبار، ما يصيبه بالعديد من الأمراض الصدرية الخطيرة.
ولفت الدكتور الطراونة إلى أن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض هم: عمال المناجم، عمال المصانع، عمال مقصات الحجر، المزارعون، مربو المواشي، والعديد من الصناعات مثل الحدادين، النجارين، من يعملون في حفر الأنفاق، وسنفرة المعادن باستخدام الرمل، وغيرها من المهن الأخرى.
وأشار الدكتور محمد حسن الطراونة إلى أن الأمراض الرئوية المهنية تتمثل في مرض الربو، حساسية القصبات، تغبر الرئة، الانسداد الرئوي المزمن، تليف الرئة، الداء الرئوي، سرطان الرئة، والالتهاب الرئوي، لافتًا إلى أن الأمراض التنفسية المزمنة، الاختلالات العضلية الهيكلية، فقدان السمع بسبب الضوضاء، ومشاكل الجلد، تعد من الأمراض المهنية الأكثر شيوعًا، ورغم ذلك فإن ثلث البلدان فقط لديها برامج قائمة للتصدي لهذه القضايا، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
وشدد الدكتور محمد الطراونة على أن أخطر أنواع هذه الأمراض المهنية هي تلك الناتجة عن تراكم مخلفات الفحم في الرئتين، حيث تصل ذرات الغبار المحتوية على السيليكا إلى الحويصلات الهوائية، تلتهمها خلايا معينة تسمى البلاعم السنخية، وتحملها إلى الأنسجة الخلالية في الرئة، وقد تموت بعض هذه البلاعم وتتحلل، وتنطلق منها مواد تنشط الأرومات الليفية وتكوين الكولاجين، ما يؤدي إلى مزيد من التليف، وهكذا تحدث حلقة مفرغة تزيد من حدوث التليف.
وأوضح الدكتور محمد الطراونة أنه في الصورة الكلاسيكية، يحدث تليف عقدي حيث تتكون في الرئة عقد من الكولاجين مستديرة الشكل، ويبلغ حجمها في البداية 2-4 مليمترات، وتكون رصاصية اللون صلبة القوام، وإذا قطعت بالمشرط، وجد أنها تتكون من طبقات متراكمة من الكولاجين مثل قشرة البصلة، وتنمو هذه العقد تدريجيًا ثم تلتحم مع بعضها، فتنتج عن ذلك عقد مكومة، ومساحات أكبر من التليف، قد تضغط العقد على الأسناخ الهوائية، كما قد يحدث تمدد في بعض الأسناخ ما يؤدي إلى مناطق من النفاخ الرئوي، وعادةً ما تحدث عدوى بعصية التدرن ما يُحدث زيادة شديدة في التليف مع ظهور تكهف في الرئتين.
وأكد الدكتور محمد الطراونة أنه يمكن تشخيص الأمراض الرئوية المهنية بعدة طرق، أهمها الفحص الشعاعي، حيث تظهر في الصورة الشعاعية للصدر عقد مستديرة تكون صغيرة الحجم في البداية، ثم يزيد حجمها وتتصل ببعضها حتى تصبح في الحالات المتأخرة كبيرة الحجم، وقد تشغل فصًا كاملًا من فصوص الرئة.
كما أوضح الدكتور محمد الطراونة أن العاملين في مصانع الأسمنت والنسيج وغزل القطن معرضون أيضًا للإصابة بالربو المهني، لذلك يجب المتابعة الدورية والكشف المبكر على العاملين، والتأمين الاجتماعي والصحي لهم في الوطن العربي والعالم أجمع، كونهم مواطنين يخدمون البشرية بأعمالهم الهامة.
أما عن أعراض هذه الأمراض المهنية، فأوضح الدكتور محمد حسن الطراونة أن أعراضها تتمثل في الكحة الجافة التي تتطور بشكل تدريجي حتى تصبح أكثر شدة مع سرعة في التنفس، ويحدث قصور في التنفس في المراحل الأخيرة من المرض.
ونصح الدكتور محمد الطراونة بعمل اختبارات وظائف التنفس للعامل أثناء تواجده في العمل، وكذلك إجراء اختبارات حساسية تجاه المواد التي يتعرض لها.
وحول علاج الأمراض المهنية، أكد أنه لا يختلف كثيرًا عن علاج الحساسية، والذي يعتمد على تجنب المهيجات قدر الإمكان، مع تناول موسعات للشعب والبخاخات والكورتيزون.
وفي نهاية حديثه، شدد الدكتور محمد الطراونة على ضرورة التوعية بالأمراض الرئوية المهنية مع ضرورة إجراء الفحوصات بشكل مستمر للاطمئنان بشكل دوري على العاملين.
طبيب فلسطيني: أعراض الأسبستوس تظهر بعد 15 سنة
أوضح الدكتور صالح رائد، طبيب جراحة عامة فلسطيني في تصريحات لـ"الدستور" أن مادة الأسبستوس تؤثر بشكل مباشر على الرئتين، ما يؤدي إلى مرض "asbestosis"، وهو أحد الأمراض التنفسية المزمنة التي تُسبب تليف الأنسجة الرئوية.
وأشار إلى أن التعرض المستمر لهذه المادة يزيد من خطر الإصابة بنوع نادر من سرطان الرئة يُعرف باسم "mesothelioma"، الذي يصيب الغشاء المحيط بالرئة.
وقال الدكتور رائد إنه في حالات "التعرض المزمن" (chronic exposure) للأسبستوس، تظهر الأعراض عادة بعد حوالي 15 عامًا من التعرض المستمر للغبار السام، مضيفًا أن هناك أنواعًا مختلفة من جزيئات الأسبستوس، بعضها أخطر من البعض الآخر.
وأضاف أن العلاج المتاح حاليًا في مثل هذه الحالات يقتصر على تخفيف الأعراض، وفي حالات متقدمة قد يحتاج المرضى إلى زراعة رئة لتعويض تدهور الوظائف الرئوية.
وأشار إلى أن خطر الأسبستوس يبقى قائمًا طيلة فترة التعرض له، ما يجعله تهديدًا طويل الأمد للصحة العامة، ويؤكد ضرورة اتخاذ التدابير الوقائية في الأماكن التي يتعامل فيها الأشخاص مع هذه المادة الخطيرة.
طبيبة شرعية: خطر الأسبستوس يهدد سكان غزة
قالت الدكتورة مها غانم، طبيبة شرعية ومدير مركز الإسكندرية للسموم الأسبق، في تصريح خاص لـ"الدستور"، إن الأسبستوس هو معدن طبيعي يتكون من السيليكات الليفية ويشمل ستة أنواع رئيسية، وتتميز هذه المادة بوجود ألياف طويلة ورقيقة يمكن أن تنبعث إلى الهواء نتيجة التآكل أو العمليات الأخرى.
وأضافت أن استنشاق هذه الألياف يمكن أن يؤدي إلى أمراض رئوية خطيرة مثل سرطان الرئة، ورم الظهارة المتوسطة، وداء الأسبستوس، ما يجعل الأسبستوس يشكل تهديدًا كبيرًا للسلامة العامة.
وتطرقت الدكتورة مها إلى الأشلاء المتواجدة تحت الركام في غزة، حيث أشارت إلى أن دفن الجثث يؤدي إلى تحلل بطيء بسبب درجة الحرارة المستقرة تحت الأرض، ما يحد من وصول الحشرات إلى الجثث.
وأضافت أن تحلل الجثث تنتج عنه مركبات عضوية متطايرة تؤثر على درجة حموضة التربة، ما يساهم في تزايد نشاط الكائنات الحية مثل العث، الذي يعتبر من المؤشرات البيئية المهمة لتحليل التربة وتحديد وقت الوفاة.
في تجربة سابقة على خنازير، تم العثور على زيادة كبيرة في درجة حموضة التربة أثناء تحلل الجثث المدفونة في مقابر ضحلة، ما أدى إلى زيادة في وفرة العث في تلك المناطق مقارنة بالتربة غير المتأثرة.
وأكدت الدكتورة أن هذه الظروف تساهم في انتشار المواد السامة الناجمة عن التفاعل بين الأشلاء والركام، ما يزيد من مخاطر الأمراض بسبب استنشاق الأسبستوس.
وأضافت أن ألياف الأسبستوس كانت تستخدم على نطاق واسع في البناء خلال القرن العشرين، نظرًا لخصائصها في العزل الحراري والكهربائي، ولكن المخاطر الصحية المرتبطة بها بدأت تتضح في السبعينيات، ما أدى إلى حظر استخدامها في معظم الدول، ورغم هذا الحظر، تقدر الدراسات أن حوالي 255000 شخص يموتون سنويًا بسبب أمراض مرتبطة بالأسبستوس، وهو ما يبرز استمرار خطر هذه المادة في المباني القديمة.
وأشارت الدكتورة غانم إلى أن الأمراض الناتجة عن التعرض للأسبستوس قد تستغرق عقودًا لتظهر، حيث تصل فترة الكمون إلى ما بين 20 إلى 40 عامًا، ومن بين هذه الأمراض، يأتي داء الأسبستوس الذي يسبب تندب الرئتين، ما يؤدي إلى صعوبة في التنفس، كما يزداد خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان مثل سرطان الرئة، الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتعرض للأسبستوس، لا سيما عندما يقترن بالتدخين.
وأوضحت أن ورم الظهارة المتوسطة، وهو نوع نادر من السرطان يصيب الأغشية التي تغطي الرئتين وتجويف الصدر، قد يظهر بعد 30 إلى 40 عامًا من التعرض للأسبستوس، كما تشير الدراسات إلى ارتباط الأسبستوس بأنواع أخرى من السرطان مثل سرطان الحنجرة والمبيض، بالإضافة إلى سرطان البلعوم والمعدة.
مهندس مصري: مادة الأسبستوس لم تعد تُستخدم في البناء الحديث
قال الدكتور مهندس محمد عبدالغني، عضو اللجنة الاستشارية العليا بنقابة المهندسين المصريين، إن مادة الأسبستوس لم تعد تُستخدم في البناء الحديث، على الرغم من أنها كانت شائعة في الماضي، موضحًا أنه كان يتم استخدامها كمظلات أو قواطع، وأيضًا في صناعة المواسير التي تُستخدم لنقل المياه.
وأضاف أن الأسبستوس كان يتميز بسهولة تشغيله ومقاومته للشد، ما جعله مادة مفضلة في العديد من التطبيقات.
وأضاف في تصريحات لـ"الدستور" أنه مع مرور الوقت، تبين أن هذه المادة تتفاعل كيميائيًا بطرق تؤثر سلبًا على صحة الإنسان والبيئة.
وأوضح عبدالغني أن الأبحاث أظهرت أن الأسبستوس يسبب مشاكل صحية خطيرة مثل أمراض الرئة والتسمم، ما دفع العديد من الدول إلى منع استخدامه تمامًا في البناء والتصنيع.
مقاول: الأسبستوس كان يدخل في الإنشاءات قديمًا وتم حظره الآن عالميًا
أوضح صاحب شركة مقاولات "مصري" - رفض نشر اسمه- أن مادة الأسبستوس كانت تستخدم في الإنشاءات قديمًا، وخاصة في تصنيع مواسير المياه خلال فترة السبعينيات حتى التسعينيات، وعندما تم اكتشاف نسبة السُمِّية بها، بدأت الحكومة في مصر في منع العمل بها واستبدالها بمادة الـPVC الأكثر أمانًا على الصحة. كما سار الوطن العربي على نفس المنوال للحفاظ على الصحة العامة.
وأضاف أن مادة الأسبستوس تدخل أيضًا في صناعة قراميد البناء التي تعطي شكلًا جماليًا للأسطح والشرفات بدلًا من الفخار.
وأكد، في تصريحات لـ"الدستور"، أنه لا يوجد أحد الآن يستخدم مادة الأسبستوس في الأعمال الإنشائية، ولا توجد مصانع تنتج تلك المادة، وإذا وُجدت تلك المصانع، فهي غير مرخصة وتعمل بشكل غير شرعي، وحاليًا، أغلب دول العالم، بقرار من منظمة الصحة العالمية، قد منعت استخدام المادة في البناء، باستثناء المباني القديمة التي تحتوي على تلك المادة.
منظمة الصحة العالمية تحذر من مخاطر الأسبستوس وتأثيراته الصحية الفتاكة
حذرت منظمة الصحة العالمية من المخاطر الصحية المدمرة التي يسببها الأسبستوس، الذي يعتبر مسرطنًا خطيرًا ويؤدي إلى وفاة مئات الآلاف من الأشخاص سنويًا حول العالم. جميع أشكال الأسبستوس، بما في ذلك الكريسوتيل، ثبت علميًا أنها تسبب السرطان، وهو ما يضع العاملين في صناعة البناء والعديد من القطاعات الأخرى في دائرة الخطر.
وأكدت الدراسات أن التعرض للأسبستوس يؤدي إلى أكثر من 200000 حالة وفاة سنويًا على مستوى العالم، ما يمثل أكثر من 70% من الوفيات المرتبطة بالسرطان في أماكن العمل. وأشارت إلى أن هذه المادة السامة ليست مجرد تهديد فوري، بل تظل آثارها مستمرة لعقود بعد التعرض، حيث يمكن أن تظهر الأمراض الناتجة عن الأسبستوس بعد مرور سنوات طويلة.
وأكدت منظمة الصحة العالمية في بيان سابق لها أن صناعة البناء تعتبر من أكثر القطاعات تعرضًا لخطر الأسبستوس، إذ يُقدّر أن نسبة كبيرة من العمال اليدويين في العالم معرضون للأسبستوس أثناء أداء أعمالهم اليومية، سواء كان ذلك خلال تركيب أو صيانة أو هدم المباني التي تحتوي على هذه المادة السامة. ولكن الخطر لا يقتصر على هؤلاء فقط، إذ يمكن أن يتعرض أي شخص يعيش بالقرب من مواقع البناء أو التدمير لأضرار صحية خطيرة نتيجة للتعرض للأسبستوس.
وأشارت المنظمة إلى أن خطر الأسبستوس يتمثل في تحرر أليافه الدقيقة في الهواء، ما يسهل استنشاقها ودخولها إلى الرئتين، حيث تلتصق وتسبب أمراضًا مزمنة مثل التليف الرئوي وسرطان الرئة. إضافة إلى ذلك، ثبت علميًا أن الأسبستوس يؤدي إلى أنواع أخرى من السرطان، بما في ذلك سرطان الحنجرة والمبيض.
وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن الوقاية من الأمراض المرتبطة بالأسبستوس تتطلب اتخاذ إجراءات جذرية، أبرزها منع استخدامه بشكل كامل. وقد حظرت أكثر من 50 دولة عضو في منظمة الصحة العالمية استخدام الأسبستوس، معتمدة على الدراسات التي تُثبت أن التوقف عن استخدام هذه المادة يعد الحل الأكثر فعالية للحد من آثارها الصحية السلبية.
وتُشدّد المنظمة على ضرورة حماية العاملين أثناء القيام بأعمال صيانة أو إزالة المواد المحتوية على الأسبستوس، بالإضافة إلى توفير معدات الحماية الشخصية والتدريب المتخصص.
ورغم الحظر الذي فرضته العديد من الدول على استخدام الأسبستوس، تبقى التحديات قائمة، حيث إن آثار التعرض للأسبستوس لا تظهر إلا بعد سنوات طويلة، ما يعني أن تأثيراته ستظل تُهدد الصحة العامة لعقود قادمة. وتحث منظمة الصحة العالمية الدول التي لا تزال تستخدم الأسبستوس على اتخاذ خطوات عاجلة للتوقف عن استخدامه، وتوفير البدائل الآمنة.