إقليم ملتهب.. لماذا تأخرت إسرائيل فى مهاجمة إيران؟
على مدار عقود، خاضت إيران وإسرائيل حربا خفية، إلا أنه وعلى مدار عام من اندلاع الحرب في غزة، انفجر الصراع بينهما في العلن.
ويستعد جيش الاحتلال الآن، لشن ضربة عسكرية على إيران - ردا على إطلاق إيران حوالي 180 صاروخا باليستيا على إسرائيل في الأول من أكتوبر.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، إن الهجوم المضاد لبلاده سيكون: "قاتلا ودقيقا وقبل كل شيء مفاجئا".
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإن الضربة إذا حدثت، قد تؤدي إلى توسيع الصراع الإقليمي الذي اندلع بعملية “طوفان الأقصى” التي شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر من العام الماضي.
واستعرض التقرير نظرة على كل ما نعرفه عن العمل العسكري الإسرائيلي المحتمل ضد إيران، والأحداث التي أوصلت البلدين إلى هذه النقطة.
خلال تبادل سابق للغارات الجوية في أبريل، انتظرت إسرائيل خمسة أيام فقط للرد على هجوم إيراني مماثل.
لكن عوامل مختلفة ربما تكون قد أملت فترة أطول قبل الرد هذه المرة، بما في ذلك المحادثات بين إسرائيل وإدارة بايدن، ووصول نظام دفاع جوي أمريكي والأعياد اليهودية.
كما يمكن أن يكون للانتخابات الأمريكية المقبلة تأثير على توقيت إسرائيل.
وفي الأسبوع الماضي، تم تسريب وثيقتين استخباراتيتين أمريكيتين سريتين تصفان صورًا التقطتها الأقمار الصناعية لاستعدادات عسكرية إسرائيلية لشن هجوم محتمل على إيران، وتقدمان نظرة ثاقبة إلى المخاوف الأمريكية بشأن هذه الخطط. وتصف إحدى الوثيقتين التدريبات الأخيرة التي بدت وكأنها تدريب على عناصر الهجوم، في حين تفصل الوثيقة الثانية كيف تعمل إسرائيل على تغيير مواقع صواريخها وأسلحتها في حالة رد إيران بهجوم آخر.
ما هي الأهداف الإسرائيلية المحتملة؟
ويقول المحللون إن هناك عدة فئات من الأهداف، وقد تحاول إسرائيل الموازنة بين أهدافها الاستراتيجية بعد إضعاف حلفاء إيران بشكل كبير ــ حزب الله في لبنان وحماس في غزة ــ والمخاوف من جانب حلفائها، خاصة الولايات المتحدة، من أن أي هجوم جديد قد يؤدي إلى إشعال حرب إقليمية أوسع نطاقا.
وقال مسئولان إن الحكومة الإسرائيلية أبلغت إدارة بايدن أنها ستتجنب ضرب المواقع النووية وإنتاج النفط في إيران.
وقال المسئولان، اللذان تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما، إن إسرائيل وافقت على تركيز هجومها على الأهداف العسكرية في إيران.
وتجنب المواقع النووية أو البنية التحتية النفطية من شأنه أن يقلل من احتمال اندلاع حرب شاملة بين الخصمين، وسط مخاوف في واشنطن من الانجرار إلى مواجهة أكبر في الشرق الأوسط مع الانتخابات الرئاسية بعد أقل من أسبوعين، بحسب الصحيفة.
ما هي القدرات العسكرية لإسرائيل؟
وإذا أرادت إسرائيل استخدام قوتها الجوية القوية للرد، فلابد أن تقطع طائراتها مسافات طويلة ولكنها أظهرت مؤخرًا قدرتها على القيام بذلك.
وفي الهجمات التي شنتها إسرائيل على الحوثيين في اليمن في نهاية سبتمبر، طارت القوات الإسرائيلية أكثر من ألف ميل لمهاجمة محطات الطاقة والبنية التحتية للشحن، باستخدام طائرات الاستطلاع وعشرات الطائرات المقاتلة التي كان لابد من إعادة تزويدها بالوقود في منتصف الرحلة. وسوف يتطلب الهجوم على إيران مدى مماثل.
وتمتلك إيران دفاعات جوية أقوى بكثير من تلك الموجودة في لبنان واليمن، لكن إسرائيل أظهرت أنها قد تتمتع بالتفوق.
وفي أبريل، ردا على أول هجوم صاروخي إيراني، ألحقت غارة جوية إسرائيلية أضرارا بنظام دفاع جوي من طراز إس-300 بالقرب من نطنز، وهي مدينة تقع في وسط إيران وتمثل أهمية حيوية لبرنامج الأسلحة النووية في البلاد. وقال مسئولون غربيون وإيرانيون إن إسرائيل نشرت طائرات بدون طيار وأطلقت صاروخا واحدا على الأقل من طائرة حربية في ذلك الهجوم.
وأظهرت تلك الضربة أن إسرائيل قادرة على تجاوز الأنظمة الدفاعية الإيرانية وشل حركتها.
وقال جرانت روملي، المسؤول السابق في البنتاجون والزميل البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في مقابلة سابقة: أعتقد أنه من المرجح أن يقلدوا عملية أبريل ويحاولوا تدمير أنظمة الإنذار المبكر والدفاعات الجوية الإيرانية لإفساح المجال لهجوم جوي. والسؤال هو مدى اتساع نطاق الهجوم وما إذا كانوا سيتوغلون في المجال الجوي الإيراني.
وبحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث في واشنطن، فإن لدى إسرائيل خيارات أخرى أيضا: صواريخ أريحا 2 الباليستية متوسطة المدى التي يمكن أن تطير لمسافة حوالي 2000 ميل، وصواريخ أريحا 3 الباليستية متوسطة المدى التي يمكن أن تصل إلى أهداف على بعد أكثر من 4000 ميل.
ما هو موقف الحكومة الأمريكية؟
وقال الرئيس بايدن هذا الشهر إنه لن يدعم هجومًا على المواقع النووية الإيرانية.
وأجاب بايدن بالإيجاب الأسبوع الماضي عندما سُئل عما إذا كان يعرف متى ستضرب إسرائيل، وما نوع الأهداف التي اختارتها. ولم يذكر أي تفاصيل، لكن رده يوحي بأن الولايات المتحدة وإسرائيل ربما توصلتا إلى اتفاق بشأن هذه المسألة.
وعقد أنتوني بلينكين، وزير الخارجية الأمريكي، اجتماعًا مطولًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء.
ويرى بعض المحللين أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية الوشيكة تجعل من الصعب على الولايات المتحدة التأثير على أي تحرك إسرائيلي محتمل والحد منه. ويقولون إن حقيقة عدم سعي بايدن لولاية ثانية قد تضعف قدرته على التأثير على التحرك الإسرائيلي.
كيف وصلت إسرائيل وإيران إلى هذه النقطة؟
على مدى عقود من الزمان، انخرطت إيران وإسرائيل في ما يشبه حربًا سرية. فقد استخدمت إيران حلفاء لها في المنطقة لمهاجمة المصالح الإسرائيلية، كما اغتالت إسرائيل كبار المسؤولين الإيرانيين والعلماء النوويين، فضلًا عن شن هجمات إلكترونية. وقد انفجر هذا الصراع علنًا هذا العام.
في أبريل، أطلقت إيران وابلًا من الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل، بشكل مباشر لأول مرة ردًا على ضربة إسرائيلية على مجمع سفارة في العاصمة السورية دمشق، والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة من كبار القادة الإيرانيين. أحبطت إسرائيل بشكل أساسي وابل الصواريخ الإيرانية باستخدام دفاعاتها الجوية، بمساعدة الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، ثم ردت بهجوم من جانبها.
ثم في أواخر يوليو، اغتالت طائرات إسرائيلية قائدا بارزا في حزب الله في العاصمة اللبنانية بيروت، ردا على هجوم صاروخي أسفر عن مقتل 12 شخصا على الأقل. وبعد يوم واحد، استشهد الزعيم السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في انفجار في العاصمة الإيرانية طهران.
وتعهدت الحكومة الإيرانية وحزب الله بالرد، لكن إيران لم تتخذ أي إجراء فوري، وهو ما أثار دهشة الكثيرين.
عندما أطلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني وابل الصواريخ في الأول من أكتوبر، قالت إنها كانت ترد على اغتيال هنية وزعيم حزب الله حسن نصر الله في أواخر سبتمبر، فضلا عن مقتل قائد إيراني.