انتبه عزيزى المواطن.. الشائعات كلام مصاطب وفض مجالس هدفها تكدير السلم العام
«قبل ما تشيّر معلومة تأكد لأن الخبر أمانة».. قد يكون شعارًا قويًا فى مواجهة الشائعات، وأسلوبًا مقنعًا إذا تم الترويج له بطريقة علمية ومنهجية فى وسائل إعلام ذات مصداقية لدى المواطن، وهذا الأسلوب العلمى ينجح فى مواجهة «الشائعات» التى تنتشر كالنار فى الهشيم، لا سيما أن مجتمعنا يتعرض من حين لآخر لنشر أخبار غير حقيقية.
الشائعات فيروس سريع الانتشار يصيب النفوس الضعفية، أما الأقوياء فيبحثون ويتدبرون ويختبرون مدى صدق المعلومة.. كما يُروى فى الحديث الشريف عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء كذبًا أن يحدِّثَ بكل ما سمع»، إذن تحرى الدقة فى القول أمر موصى به فى كل الأديان، إنها مسئولية على كل فرد ألا يشارك فى الحديث أو فى نقل ما ليس له علم بصحتة. كما جاء فى قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين».. يا إلهى ما أشدها فاحشة أن ننشر أو نردد شائعات دون علم بمصدرها أو صحتها.. الأديان جلها تنهى عن نشر ما لم ندرك عواقبه.. قبل أن نشرع فى الحديث عن خطورة نشر الشائعات نستهل بتعريف ما هى «الشائعات؟، وما مصدرها وأنواعها؟؛ حتى يتسنى لنا إدراك خطورة وتداعيات نشرها والهدف من ورائها.
وفقًا للتعريف العلمى، الشائعات أحد أساليب العمليات النفسية استخدامًا وتأثيرًا كونها تجيب عن بعض التساؤلات باأسلوب يرضى بعض الاتجاهات والآراء، ما تؤثر على مشاعر وعواطف من يتعاطى الشائعات.. ومن ثم هذه الفئة من ضعاف النفوس اعتادت وأدمنت اللهث وراء الشائعات.. وأخطر ما يميزها أنها عبارات قابلة للتصديق لا تطلب برهانًا أو دليلًا تنتقل من شخص لآخر عن طريق الكلمة الشفهية، أو من خلال وسيلة من وسائل العمليات النفسية، فالشائعات تنتقل من خلال خبر 90% منه صحيح و10% يحمل السم فى العسل ويدمر قيمة الخبر ويقلب الدنيا راسًا على عقب، وهنا مكمن خطورتها.
قد يتحقق نجاح الشائعات حين تكون قادرة على تحريك كوامن اللا وعى والانفعالات المكبوتة لدى البعض، خاصة فى أوقات الحروب والأزمات التى تمر بها البلاد، من هنا يتحقق الهدف منها هو إثارة الفتن فى البلاد قد يصل إلى التحريض لقيام الثورات وخفض الروح المعنوية للشعوب، هى فى الغالب تكون شائعات مدبرة بواسطة العملاء والمناديب. مثال على ذلك استهداف نظام صدام والإطاحة به من خلال نشر الشائعات 2003 وقبلها بسنوات.
ليس هناك تاريخ محدد معروف بشأن بداية استخدام الشائعات، أحيانا يردد البعض أن أول شائعة حين وسوس الشيطان لآدم وحواء فى الجنة بالاقتراب من الشجرة التى حرّمها الله، أما أبرز الشائعات التاريخية التى انتشرت أثناء الحروب بإعلان فوز جبهة على أخرى رغم هزيمتها، وإن كان الهدف هو انخفاض الروح المعنوية لدى الجنود وشعورهم بالهزيمة؛ رغم أنهم على وشك الانتصار.. فى وضعنا الحالى منذ أحداث يناير 2011 لم تتوقف الشائعات عن استهداف أمن مصر واستقرارها.. هذا يأخذنا إلى توضيح ملخص حول أنواع الشائعات كما توصل إليها الخبراء وفقًا لقانون شدة الشائعة يساوى الأهمية فى الغموض.
النوع الأول يعرف بـ«شائعة الخوف»: تقوم على أساس التخويف من وقوع حوادث معينة ويقوى انتشار هذا النوع من الشائعات عبر استعداد كثير من الأفراد لتصديق الاحتمال الأسوأ. قد نجد شائعات حول انتشار فيروس جديد أخطر من فيروس كوفيد- 19، أو انتشار أخبار بشأن انهيار سد النهضة وغرق السودان وتدمير سد أسوان.
النوع الثانى: شائعة الحقد والكراهية التى تتعمد نشر الفتن الطائفية والحقد الطبقى بين فئات الشعب.
النوع الثالث: شائعات الأمل، نتذكر هنا انتشار أخبار فى 2011 أن ثروة مبارك بلغت 70 مليار دولا فى بنوك سويسرا، وتشكلت لجنة بناء على هذه الشائعة بهدف عودة المبلغ المذكور للشعب المصرى، وتولد الأمل لدى الشعب على حصول كل فرد من نصيب هذه الثروة المنهوبة، وفى النهاية باتت المعلومة مجرد خبر كاذب.
النوع الرابع: الشائعات السريعة مثل ارتفاع أسعار الوقود، بمجرد نشرها تغطى أنحاء الجمهورية وتصبح حديث المدينة، ومن ثم تتولد المزايدات من جشع تجار واختفاء بعض السلع.
النوع الخامس: الشائعة الزاحفة التى تنمو ببطء، خاصة التى تستهدف القرارات السياسية والتشريعات البرلمانية، مثل نشر أخبار عن قانون الإيجار الجديد قبل التصديق عليه من البرلمان، أخبار بشأن قانون التصالح بنشر بعض القرارات مجهولة المصدر، وإلى أن يتم الرد على هذه الادعاءات قد يصدقها البعض ولا يلتفت للحقيقة.
النوع السادس: هى التى تختفى ثم تعود للظهور مرة ثانية؛ بهدف تكدير السلم العام وأمن وأمان المواطن، والأمثلة كثيرة قد نتعرض لها بشكل دائم.
سبل العلاج والتشافى من ظاهرة انتشار الشائعات التى تهدد مجتمعنا يكون على محورين، الأول: على المواطن أن يدرك أنه المستهدف من انتشار مثل هذه الأخبار والمعلومات المغلوطة، كما يجب عليه أن يتحرى الدقة ومنطقية المعلومات وما الهدف من ورائها.
المحور الآخر، والعبء الأكبر يقع على الحكومة فى التصدى لها، وإن كان مجلس الوزراء والصفحات الرسمية للوزارات والهيئات تقوم بالرد على صفحاتها يكون الأجدر بوسائل الإعلام النشر والإعلان والتصدى بكل ما لديها من أدوات فى التصدى للشائعات وقتلها فى المهد والمنبع.