تقرير صينى: روسيا تسعى لتعزيز تحالفات بريكس فى مواجهة النظام المالى الغربى
سلطت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" الصينية، الضوء على قمة بريكس المرتقبة التي تستضيفها روسيا في مدينة كازان، ورغبة موسكو في إيجاد بديل للنظام المالي الذي يقوده الغرب.
وأشارت الصحيفة، في سياق مقال تحليلي نشرته اليوم الأحد، إلى أنه بعد غدٍ الثلاثاء يجتمع في روسيا أكثر من عشرين زعيما من الاقتصادات الناشئة لمناقشة التعاون السياسي والاقتصادي والأمني، موضحة أن روسيا تحرص على استضافة القمة كي تظهر للعالم أنه لا يزال لديها "أصدقاء كثر"، وكذلك للضغط من أجل نظام مالي بديل لدعم اقتصادها الخاضع لعقوبات شديدة.
ومن المقرر أن يجتمع زعماء 24 دولة في مدينة كازان الروسية في أول اجتماع للكتلة منذ توسعها هذا العام، لتشمل: مصر وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، الأعضاء المؤسسين للكتلة.
وقال جيانج تيانجيا، المدير المساعد لمركز دراسات بريكس في جامعة فودان، إن القمة المرتقبة تحظى بالكثير من الاهتمام العالمي في خضم بيئة جيوسياسية متوترة.
وأضاف جيانج: "يريد العالم أن يعرف ما إذا كان بوسعهم التوصل إلى إجماع وتحقيق إنجازات تعاونية".
وتابع بقوله: "مع توسع بريكس أصبح لدى الكتلة الآن المزيد من الأعضاء وأسواق أكبر، وكل هذا من شأنه أن يجلب فرصا عظيمة للتجارة والاستثمار، لهذا السبب فإن الدول لديها توقعات عالية للغاية".
كما اعتبر "جيانج" أن هذه القمة فرصة تحتاجها روسيا لإرسال رسالة إلى العالم تفيد بأنها "لا تزال تبلي بلاءً حسنًا حتى في ظل العقوبات وحتى مع القتال العسكري على الأرض".
من جانبه، أشار جان لوب سمعان، الباحث البارز في معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية، إلى أن القمة تأتي في وقت تواجه فيه الحوكمة العالمية الكثير من المتاعب، خاصة مع ضعف الأمم المتحدة بشدة بسبب حرب غزة.
وأوضح أن "بريكس" يقدم رؤية بديلة قد تروق للدول في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية التي تسعى إلى إبعاد نفسها عن الدول الغربية، موضحا أن "روسيا على وجه الخصوص سوف تستغل هذه المناسبة لعرض شراكاتها الدولية وتحدي وجهة النظر الغربية القائلة بأن موسكو معزولة بسبب حرب أوكرانيا".
فيما قال ستيوارت باتريك، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: "بالنسبة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، فإن قمة كازان رمزية في الأساس، إذ تبرز جهوده الرامية إلى أن يظهر للعالم أنه على الرغم من الجهود الغربية لعزل روسيا لا يزال لدى روسيا العديد من الأصدقاء في العالم".
وفي حين أن لكل اقتصاد من اقتصادات بريكس أهدافه الخاصة في القمة، أوضح "باتريك" أن الشيء الوحيد الذي يجمعهم هو الاعتقاد بأن الهياكل التي تحكم النظام الدولي والاقتصاد العالمي اليوم تميل بشكل غير عادل نحو العالم الغربي.
وأضاف: "إن تجمع بريكس هو محاولة لتحدي هذا التسلسل الهرمي الراسخ، بما في ذلك الدور الراسخ للدولار الأمريكي والثقل الذي لا تزال الدول الغربية تتمتع به في المؤسسات الدولية الكبرى، من مؤسسات بريتون وودز إلى مجلس الأمن الدولي".
وتابع بقوله: "بالنسبة للصين كما هو الحال بالنسبة لروسيا، فإن الأمل هو أن يكون تجمع بريكس بمثابة وسيلة لتحدي النظام الدولي الذي يهيمن عليه الغرب، خاصة هيمنة الولايات المتحدة".
وبفضل توسعها، أصبح تجمع بريكس يغطي أكثر من 40 بالمائة من سكان العالم، ويمثل أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وفي الشهر الماضي، قال "بوتين" إن 34 دولة أعربت عن رغبتها في الانضمام إلى التجمع، مؤكدا أنه لا يمكن تجاهل الاهتمام المتزايد بتجمع بريكس.
ويرى فاسيلي كاشين، الباحث البارز في مركز الدراسات الأوروبية والدولية الشاملة في موسكو، أن تجمع بريكس ليس مؤسسة معادية للغرب، مشيرا إلى أن بعض الدول الأعضاء حليفة وثيقة للولايات المتحدة، وقال إن بريكس "أقرب إلى نادي الدول التي لديها مجموعة من المصالح المشتركة المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والحوكمة العالمية".
وتابع: "يشمل ذلك زيادة تمثيل الدول غير الغربية في المؤسسات الدولية، والحد من قدرة الولايات المتحدة على إساءة استخدام دورها في النظام المالي الدولي لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية قصيرة الأجل".
وقال محللون إن روسيا تأمل في تحقيق بعض التقدم في كازان لدفع عجلة نظام مدفوعات بديل، إذ أفادت تقارير بأن روسيا تخطط لطرح فكرة إقامة شبكة من البنوك التجارية الوطنية المرتبطة ببعضها البعض من خلال البنوك المركزية في تجمع بريكس، ما يزيل الحاجة إلى تبادل العملات المحلية من خلال الدولار الأمريكي.
كما تخطط موسكو لإنشاء شركة لإعادة التأمين تابعة لبريكس، بهدف التمكين من عدم انقطاع حركة شحن السلع الأساسية بين الدول الأعضاء إذا رفضت شركات إعادة التأمين الغربية تقديم خدماتها.
وقال جيانج شيكسو، مدير مركز دراسات أمريكا اللاتينية في جامعة شنغهاي، إن إنشاء نظام مدفوعات مالية لبريكس قد يكون ممكنا، مضيفا أن مثل هذا النظام يمكن أن يساعد التجمع على تقليل اعتماده على الدولار الأمريكي.