مصير الحرب على لبنان وحزب الله: مبادرة بايدن والحلفاء لا مكان لها عند حسن نصر الله
ما يجول فى المجتمع الدولى، كما تقوم دولة الاحتلال بما يصل الإعلام ومراكز الدراسات والتنسيق السياسى والاقتصادى والأمنى من دولة الاحتلال، أن الحرب على لبنان وعلب محور وفصائل المقاومة وحزب الله تحديدًا، هى عملية سياسية أمنية، بهدف ضرب ما يسمى فى الغرب بـ«دولة حزب الله»، والهدف من أجل تعطيل قدرتها على استغلال نظامها المدنى وإعادة بناء نظامها العسكرى بعد الحرب؛ وعلى هذا، يرى السفاح نتنياهو وجيش الكابينيت، أن البنية التحتية المدنية لحزب الله «الطاقة، والتمويل، والاتصالات» بالكامل لا بد أن تعود إلى «العصر الحجرى»، بما فى ذلك البنية التحتية العسكرية والأمنية.
* اليوم التالى بعد جبهة لبنان وحزب الله
ترى مراكز الأبحاث الأطلسى أنه ينبغى طرح اقتراح «اليوم التالى»، بعد الحرب على حزب الله والدولة اللبنانية، على الطاولة من الآن فصاعدًا وينبغى لهذا الاقتراح أن يكون مختلفًا عن الاقتراح الذى طرحه الأمريكيون أو الفرنسيون فى الأشهر الأخيرة. وينبغى لهذا لأى اقتراح،بما فى ذلك اتفاق متوقع لإيقاف الحرب بين حزب الله وجيش الكابينيت الإسرائيلى، أن يكون مصممًا وفقًا لاحتياجات إسرائيل ومتماشيًا مع متطلباتها الأمنية، وهو مطلب أمريكى أوروبى مشترك.
.. وهى من تؤكد: الأمر يتطلب الجرأة السياسية وهذه المرة ليس من منطلق التسوية. ويتعين على إسرائيل أن تطالب بنزع سلاح حزب الله بالكامل فى المنطقة الواقعة إلى الجنوب من نهر الليطانى، مع وجود آلية غربية مستعدة لمواجهة حزب الله، ومنح إسرائيل الشرعية اللازمة للعودة إلى الحملة فى غضون فترة زمنية محددة إذا لم ينجح هذا النظام، وعلى ذلك سياسيًا وأمنيًا نكشف ما على طاولة أى تفاوض قادم، ما يلى:
* 1:
درلة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، لا ينبغى لها أن تقبل اقتراح المبعوث الأمريكى «هوكشتاين» بالانسحاب إلى خط الثمانية كيلومترات، ولا ينبغى لها أن تتنازل عن نزع سلاح حزب الله فى المنطقة الواقعة جنوب الليطانى بالكامل. ولا يوجد سبب يدعوها إلى التنازل عن الحاجة إلى آلية مراقبة فعالة، ولا يوجد سبب يدعوها إلى قبول آلية تعتمد على الأمم المتحدة أو الجيش اللبنانى. ففى نهاية الحرب فى عام 2006، كان من الواضح أن آلية القرار 1701 لن تنجح. وهذه المرة، لا يوجد سبب يدعوها إلى الموافقة مسبقًا على ترتيب من المؤكد أنه سيفشل فقد تبين أن الثمن كان باهظًا للغاية.
* 2:
إن القوة العسكرية لحزب الله تنبع أيضًا من قوته المدنية والسياسية. ولا بد من حظر حزب الله فى لبنان. ولا يجوز لأى منظمة إرهابية أن تكون حزبًا سياسيًا يتمتع بعضوية الحكومة. وهذا أمر جيد ليس فقط لمستقبل إسرائيل، بل أيضًا لمستقبل لبنان.
* 3:
صرح أمين عام حزب الله حسن نصر الله بأن وقف إطلاق النار فى الشمال لن يحدث إلا عندما يحدث وقف إطلاق نار فى الجنوب، لذا قد يكون من المفيد تبنى روايته... ولكن العكس هو الصحيح. فى هذا الإطار، يجب ممارسة الضغط لإطلاق سراح الرهائن مقابل وقف إطلاق النار فى الجنوب - نصر الله تحت الضغط ونظرًا لالتزامه بالصراع فى غزة.
* 4:
أن نفترض، وهذا من مصادر مركز أبحاث ألما اليهود، مدونة ألما، استراتيجية «الآفات العشر»
الباحثة ساريت زهافى
23 سبتمبر 2024»
فى الولايات المتحدة - أن احتمال موافقة «عدو جهادى تطرف- حسب النص الغربى» على هذا الأمر ضئيل، وعلاوة على ذلك، فى الوضع الحالى، ليس من الواضح على الإطلاق ما هى القدرة أو الرغبة التى يتمتع بها نصر الله أو الزعيم الإيرانى للضغط على السنوار لإطلاق سراح الرهائن، كما أنه ليس من الواضح ما إذا كان السنوار على اتصال بهم ويستمع إليهم.
* 5:
.. وأيضًا؛ ألما يرى أن: الوقت قد حان لكى تتقدم إسرائيل بمطالبها بصرف النظر عما قد يوافق عليه الطرف الآخر. ولا بد أن يكون النظام الدولى واضحًا فيما يتصل باحتياجات إسرائيل الأمنية. إن استراتيجية شن حملة عسكرية دون تحديد أهداف سياسية، وبالتالى التوصل إلى ترتيبات من نقطة ضعف وبعد استنزاف، قد قادتنا حتى الآن إلى الاستعداد للتنازل عن أمننا من دون تحقيق ما نريد.
* 6:
عملية إصدار مقترحات التسوية فى اليوم التالى، من موقع القوة الإسرائيلية، سوف تسهم فى اكتساب الشرعية الدولية والضغط الدولى على حزب الله، بحيث تتمكن إسرائيل من تقديم حزب الله على أنه رافض للتسوية. وأخيرًا، سوف تصور إسرائيل المنظمات الإرهابية على أنها رافضة.
.. وفى خلاصة الأبحاث، التى مهدت لما أعلن اليوم عن مبادرة من الرئيس الأمريكى جو بايدن وعدد من دول العالم، عن إعلان مبدئى أولى، لاتفاق إيقاف الحرب بين حزب الله ودولة الاحتلال، والدراسات الأطلسية، تحدد: إذا وافقت عناصر المحور على الاستجابة للمطالب الإسرائيلية، فإننا نكون قد استفدنا. وإذا رفضوا فإن إسرائيل سوف تستمر فى تحقيق إنجازات عسكرية خلال هذه العملية، وبالتالى تقليص قدرة حزب الله على تشكيل تهديد. ويتم ذلك قدر الإمكان من خلال أجهزة القرن الحادى والعشرين «أجهزة النداء»، وإذا لزم الأمر، من خلال غزو برى للبنان، لضمان أمن سكان الشمال، وتمكينهم من العودة إلى ديارهم دون خوف من مواجهة عملاء حزب الله فى غرف المعيشة.
* الولايات المتحدة وحلفاؤها.. اقتراح وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله
يأمل كبار الإدارة الأمريكية والبنتاجون فى نجاح مبادرة أمريكية أوروبية عربية، بهدف التوصل إلى صيغة: «اتفاق يمكن أن يوقف القتال بين دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية وحزب الله»، وهى آلية سياسية أمنية اشتغلت عليها وزارة الخارجية الأمريكية، والبنتاجون، وفقًا لما دعا إليها الرئيس بايدن.
المبادرة، كشفت عن بعض من تفاصيلها الأولية فى بيان، أعلنه بايدن، مساء الأربعاء: «لقد حان الوقت للتوصل إلى تسوية على الحدود بين إسرائيل ولبنان تضمن السلامة والأمن لتمكين المدنيين من العودة إلى ديارهم. إن تبادل إطلاق النار منذ السابع من أكتوبر، خاصة خلال الأسبوعين الماضيين، يهدد باندلاع صراع أوسع نطاقًا، وإلحاق الأذى بالمدنيين».
.. «بايدن»، أكد أن «الاتفاق الذى يمكن أن يوقف القتال بين إسرائيل وحزب الله»، إذا ما أصبح حقيقة، حظى تأييد مجموعة من دول العالم منها: أستراليا وكندا والاتحاد الأوروبى وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر.
.. وحسب مصادر دبلوماسية وإعلامية رفيعة المستوى، أفاضت إلى «الدستور» فإن الرئيس بايدن، ووزير الخارجية الأمريكية أنتونى بلينكن، على تواصل سياسى شخصى ودبلوماسى مع ملوك قيادات زعماء دول العالم المشاركين فى اجتماعات الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة الـ79، فى مقرها نيويورك، ما يتيح فتح المجال للدول التى تريد تأييد ودعم المبادرة، ووفى تفاصيل المبادرة- الاتفاق المرتقب:
* أولًا:
إن الاقتراح من شأنه أن يفرض وقفًا لمدة 21 يومًا للقتال الدامى الأخير بين إسرائيل وحزب الله.
* ثانيًا:
«ندعو إلى تأييد واسع النطاق والدعم الفورى من حكومتى إسرائيل ولبنان»، أن يؤدى التراجع عن الحرب مع حزب الله إلى الضغط على يحيى السنوار، زعيم حماس، للموافقة على صفقة من شأنها أن تنهى ما يقرب من عام من القتال فى غزة وتؤدى إلى إطلاق سراح الرهائن المتبقين الذين تم احتجازهم خلال هجمات 7 أكتوبر.
* ثالثًا:
مع تزايد المخاوف من اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقًا فى الشرق الأوسط، تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون والدول العربية على التوسط لوقف القتال لمدة 21 يومًا.
* رابعًا:
قدم مشروع الاتفاق بصيغة أولية، الولايات المتحدة الأمريكية، مع 12 دولة بعد مناقشات مكثفة بين وزير الخارجية أنتونى بلينكن ودبلوماسيين آخرين على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، حيث يواجه زعماء من مختلف أنحاء العالم أحدث أعمال العنف فى الشرق الأوسط.
* خامسًا:
الهدف المباشر من المبادرة إنجاح العمليات الدبلوماسية، ومنها الحراك اللازم فى تقليل فرصة أن يؤدى أسبوع القتال الأكثر دموية بين لبنان وإسرائيل منذ سنوات إلى جر المنطقة إلى صراع أوسع نطاقًا يؤدى إلى مقتل العديد من الناس وزعزعة استقرار المنطقة.
* توقعات منخفضة الأثر
قد تكون الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها فى أوروبا، تأخرت فى الحراك السياسى الدبلوماسى، والآن، انضمت قطر والإمارات والسعودية ولبنان الدولة إلى طبيعة المساعى من الدول العربية والإسلامية وفتح بعض من الاقتراحات المشتركة لوقف إطلاق النار لإنهاء القتال الدامى الأخير بين إسرائيل وحزب الله بشكل مؤقت، على أمل تجنب حرب أوسع نطاقًا وتعزيز المفاوضات المتوقفة بين إسرائيل وحماس فى غزة، وهذه محصلة، تترك ملاحظات كثيرة على أن دمج حالة الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، مع حالة الحرب على لبنان وقوات المقاومة حزب الله، قد يعرقل الاتفاق، لأن تجربة جولات وجهود كبيرة لم تنجح فى وضع اتفاق لإيقاف الحرب على غزة، وبالتالى، يعتبر حزب الله، أن الأصل فى الحرب جبهات الإسناد والمقاومة، قائم على إقناع دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية إيقاف الحرب، وهنا الإشكالية التى تابع المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، كيف كان السفاح نتنياهو، وحكومة اليمين المتطرف التى يقودها، هم من كان يعطل المفاوضات ويتهرب من جوالاتها ويرفض نتائجها، تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية بالصمت وتضارب المصالح ودعم جيش الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى بكل المجازر وحرب الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة ورفح والضفة الغربية والقدس.
.. بالتالى، هناك توقعات سياسية وأمنية، أن تتعثر المبادرة، نتيجة تعنت التنسيق بين الإدارة الأمريكية السفاح نتنياهو، وحكومة التطرف اليمينى التوراتى من جهة وشروط حركة حماس للتعاون أو الموافقة على أى مقترحات جديدة، ومع ذلك، مرحليًا: تمثل هذه الجهود الجديدة المرة الأولى منذ السابع من أكتوبر التى تسعى فيها الولايات المتحدة إلى ربط الصراعين اللذين يتضمنان إسرائيل فى جهد دبلوماسى واحد، كما أشارت إلى ذلك صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، وهى أكدت أن إدارة بايدن نجحت فى إقناع العديد من الدول الأوروبية والعربية بالموافقة على الشروط المقترحة، وكانت مستعدة للإعلان عن الاقتراح.
.. ولفتت إلى أنه: طالما ظلت إسرائيل عالقة فى سلسلة متصاعدة من الصراعات، فلن يكون لدى قيادة حماس الدافع للتوصل إلى اتفاق.
.. وفى تطورات الصراع بين حزب الله، ودولة الاحتلال، والعودة إلى طبيعة الضربات والردود العسكرية بين الحزب وجيش الاحتلال، والارتباط السياسى، كمحور مقاومة وإسناد مع حماس، فقد تدل إشارة النيويورك تايمز، إلى أن الولايات المتحدة تعتقد أن زعيم حركة حماس يحيى السنوار، سيكون لديه نفوذ أقل على الوضع إذا توقف القتال بين إسرائيل وحزب الله ويمكن أن يشعر بمزيد من الضغوط للموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة.
..وهنا، «المفارقة» أن حزب الله التزم الصمت السياسى، وقد يكون بموقفه رؤية أخرى: فلا يزال من غير المؤكد ما إذا كان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله،، أو/و حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى السفاح نتنياهو مستعدين للموافقة على وقف القتال.
* السفاح نتنياهو يغرق فى المستنقع
.. فى رؤية لكل دقائق ووقائع الحرب فى الجنوب اللبنانى، والتطورات العدوانية التى يخطط لها يقودها السفاح نتنياهو، يرى المحلل السياسى فى موقع «لبنان 24» على منتش أن هذه الحرب، على لبنان وحزب الله، تكشف عن أنه: من الواضح أن رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو أراد تحقيق هدف علنى من العملية العسكرية أو الحملة الجوية التى بدأها فى جنوب لبنان، وهو فرض توازن بين النازحين فى جنوب لبنان من جهة والمستوطنين الذين تركوا شمال فلسطين المحتلة ما يجعل إسرائيل أكثر قدرة على التفاوض مع خصومها، على قاعدة عودة المستوطنين من هنا فى مقابل عودة النازحين اللبنانيين من هناك، ما يحقق لرئيس حكومة تل أبيب نصرًا كبيرًا وحاسمًا.
.. وهذا يعنى، فى قراءات «بدأت أن دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، بدأت بحملة عسكرية جوية وحشية، أدت فى اليوم الأول إلى تهجير شبه كامل لأهالى وسكان الجنوب، أكان من جنوب نهر الليطانى أو من شماله، لكن بعد يوم واحد من بدء الحملة واجهت إسرائيل أزمة فعلية ستتفاعل وتتضخم فى الأيام المقبلة، إذ أن الحزب استطاع استيعاب الضربات وعاد ليوسع دائرة استهدافاته لتصل إلى حدود حيفا مع تكثيف عدد الصواريخ التى يتم إطلاقها ما أظهر أن الحزب قوى ولم يخسر أيًا من قدراته الصاروخية.
تفسير «منتش» يحيل ما حدث، ونحن ما زلنا تحت صليات نيران وويلات الحرب، أن: الأزمة الإسرائيلية، تكمن فى أن عدد المهجرين الإسرائيليين ارتفع من رقم ١٠٠ ألف مهجر ليصل إلى نحو ٣٠٠ ألف خرجوا من مستوطناتهم بعد تهجير مدينة صفد بالكامل وجزء كبير من طبريا إضافة إلى مستوطنات أخرى، كما أدخل الحزب فى الساعات الماضية نحو مليون إسرائيلى إلى الملاجئ وهذا ما زاد من أزمة حكومة نتنياهو.
* هل المشكلة فى نقص السلاح؟
.. وعبر مصادر المحلل السياسى، التى تبدو، غالبًا، متوقع، حسب ما تحيل مصادر مطلعة أن تكون الأيام المقبلة أصعب على إسرائيل، إذ أن مخزون القبة الحديدية سيبدأ بالنفاد تدريجيًا وستكون الصواريخ التى تطلق من الجنوب أقدر على إصابة أهدافها وهذا سيزيد من حجم الأذى الذى يتعرض له المستوطنون، وتاليًا سترتفع موجات النزوج الإسرائيلى من المدن والمستوطنات، كل ذلك يضع إسرائيل أمام خيارين لا ثالث لهما:
* الخيار الأول: «استنزاف.. وفق قواعد (حزب الله)».
يقوم هذا الخيار، استراتيجيًا وأمنيًا، على القبول بمرحلة استنزاف طويلة وفق قواعد «حزب الله»، حيث سيزداد الضغط على نتنياهو من قبل مستوطنى الشمال، فبدل ١٠٠ ألف باتت إسرائيل بحاجة إلى استيعاب أكثر من ٣٠٠ مهجر، الأمر الذى لن تستطيع الحكومة الإسرائيلية احتماله، فى ظل الهدف الذى وضعه السفاح نتنياهو على الطاولة وهو إعادة المستوطنين إلى الجليل.
* الخيار الثانى: «الذهاب إلى الحرب الشاملة»
فهو الذهاب إلى الحرب الشاملة لإعادتهم بالقوة بعد أن تفشل المعركة الحالية التى قد تكون، من وجهة نظر إسرائيل، شكلًا من أشكال الأيام القتالية.
هكذا ستكون إسرائيل أمام أزمة فعلية فى السير فى أحد هذين الخيارين، فالاستنزاف الطويل قد يشكل خطرًا وجوديًا، والحرب الشاملة ليست فى مصلحتها لأسباب عسكرية واستراتيجية، لذلك بدأ الإعلام الإسرائيلى والأمريكى يروج لمبادرات سياسية جدية قد تؤدى إلى حل قريب وإنهاء التصعيد بشكل فعلى بين «حزب الله» وإسرائيل. لكن المشكلة أن الحزب لا يزال عند موقفه بضرورة ربط الجبهات، أى جبهة غزة وجبهة لبنان، ميدانيًا سياسيًا.
* درس الديمقراطية على الطريقة الأمريكية
.. فى مسارات ونتائج الحرب التى تجرى على جبهات قطاع غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، وجبة حزب الله فى الجنوب اللبنانى، يستعيد المجتمع الدولى حرارة الحراك ضد الحرب، وأعيد طرح سؤال:
كيف يمكن للمجتمع الدولى، تحديدًا دول المنطقة والإقليم، أن تتعلم من الولايات المتحدة كيفية الحصول على شركاء ودودين عبر الطاولة؟!
.. وهل يمكن أن نتعلم من الولايات المتحدة التى خلقت الحرب أكثر من السلام باسم الديمقراطية منذ الحرب العالمية الثانية؟ وأى درس نتعلمه تحت المذاب المجاعة وتنامى حركة الاستيطان وتهديد الشعب الفلسطينى بالتهجير، وبالتالى تهديد دول الجوار الفلسطينى، أزمات وحروب قادمة، تهدد المنطقة.
نحتاج كمجموعة فى منطقة تعيش أزماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى أن نكون دولًا وشعوبًا حازمة حتى لا تصبح شريكًا فى الإبادة الجماعية.
الحرب العدوانية الإسرائيلية العنصرية، على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، كما على لبنان، تفرض نوعية من الحوار الجيوسياسى، حول كيف يجب على الولايات المتحدة أن تتعلم عدم إساءة استخدام الديمقراطية.
* صحيفة «Guardian»: ينبغى للأمم المتحدة أن تمنع نتنياهو من دخول مقرها
.. «بدلًا من منحه منبرًا، ينبغى للأمم المتحدة أن تمنع نتنياهو من دخول مقرها. لا بد من اعتقاله من قبل شرطة نيويورك ومكتب التحقيقات الفيدرالى. فنتنياهو خطير، ولا بد من إيقافه بكل الوسائل غير العنيفة المتاحة»، هذا ما خلصت اليه أكبر الصحف البريطانية «The Guardian» التى كتبت فى افتتاحية عددها الصادر أمس الأول: «لا بد من وضع حد لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، فالرعب الذى يتكشف فى لبنان يشكل جريمة تضاف إلى الجرائم الأخرى. فهل ستغض بريطانيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة وكل من يفترض أنهم يهتمون بأرواح المدنيين وحقوق الإنسان والقانون الدولى الطرف عن هذا الهجوم الذى يكرره نتنياهو الخارج عن السيطرة مرة أخرى؟ إن هذا الاحتمال المروع لا يصدق».
كما أوردت الصحيفة: «إن كلمة (مرة أخرى) فى هذا السياق تعنى أن نتنياهو يحول جنوب لبنان، وربما البلاد بأكملها، إلى نوع من غزة ثانية. فقد لقى أكثر من 41 ألف فلسطينى من سكان غزة، معظمهم من المدنيين، حتفهم منذ الهجوم الذى ارتكبته حماس فى السابع من أكتوبر. كما أدت الهجمات الإسرائيلية إلى استشهاد ما يقرب من 500 شخص فى لبنان يوم الإثنين، بما فى ذلك العديد من الأطفال، كما وفر عشرات الآلاف من منازلهم. فكم من الأبرياء سوف يقتلهم هذا الرجل قبل أن يترك منصبه؟».
.. أيضًا وفى عمل إعلامى، سياسى نادر، كشفت الصحيفة البريطانية واسعة الانتشار، عن أن هناك ما يمكن أن يفسر بدقة: «يقول نتنياهو إن هذه المذبحة الأخيرة ضرورية (لاستعادة التوازن الأمنى)، لكنه هو نفسه يفتقر إلى التوازن. فمن خلال أمره القاطع لسكان جنوب لبنان بإخلاء المنطقة على الفور، أشار إلى أن الهجمات الجوية الإسرائيلية غير المسبوقة سوف تشتد أكثر، وقد يتبع ذلك توغل عسكرى برى. إن هذا الأمر لم ينجح فى عام 2006 ولن ينجح الآن. فـ(استراتيجية) نتنياهو، كما هى الحال دائمًا، تؤدى إلى هزيمة الذات. فعلى الرغم من شن 1300 غارة إسرائيلية يوم الإثنين، فإن حزب الله يطلق المزيد من الصواريخ على إسرائيل أكثر من ذى قبل، ويوسع نطاقها، وبالتالى لا يستطيع الإسرائيليون النازحون العودة بأمان، وهو الهدف الأساسى الذى يسعى نتنياهو إلى تحقيقه. فالعنف يولد العنف ولا يجلب الأمن، بل المزيد من الكراهية والانتقام».
.. عمليًا: قد يكون هذا العمل الإعلامى النادر من الجار يان، نقطة تحول، وهى تقول: «وكما هى العادة، يرسل نتنياهو رسائل مختلطة. فماذا نصدق؟ إنه يزعم أن العملية لها هدف عام محدود: إضعاف حزب الله ودفعه بعيدًا عن الحدود، تحديدًا شمال نهر الليطانى. كما يزعم أنه يهتم بالمدنيين اللبنانيين، تمامًا كما يزعم أنه يهتم بالرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس منذ السابع من أكتوبر. ولكن فى الحقيقة، وبعد أن فشل فشلًا ذريعًا فى تحقيق هدفه الوهمى المتمثل فى تدمير حماس، يعمل نتنياهو عمدًا على خلق جبهة ثانية من خلال تصعيد المواجهة مع حزب الله، وهو بالضبط ما أمضى الدبلوماسيون الأمريكيون شهورًا فى محاولة منعه. وكانت الهجمات التى استهدفت أجهزة البيجر واللا سلكى وعمليات اغتيال القادة الرئيسيين فى حزب الله الأسبوع الماضى بمثابة مقدمة لهذه العملية. والخلاصة أن (الحرب إلى الأبد) وحدها هى التى تبقيه فى منصبه وفى السلطة».
وحسب الصحيفة: «لا شك أن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتى يرى أن نتنياهو يجب أن يتوقف. فقد قال: (إن استمرار العدوان الإسرائيلى على لبنان هو حرب إبادة بكل معنى الكلمة). وناشد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجمعية العامة و(الدول المؤثرة) التحرك لمنع اتساع نطاق المذبحة. من جانبها، تتهم إيران نتنياهو بالسعى عمدًا إلى إشعال حرب أوسع نطاقًا يزعم أنه لا يريدها. أما حزب الله فقد كان واضحًا طوال الوقت، فهو يقول إنه سيتوقف عن إطلاق الصواريخ عندما يتم الاتفاق على وقف إطلاق النار فى غزة، وليس قبل ذلك. ويقال إن نتنياهو عرقل مثل هذا الاتفاق فى مناسبات عديدة».
ورأت الصحيفة: «نتنياهو يجب إيقافه، ولكن من سيفعل ذلك؟ ليس الرئيس الأمريكى جو بايدن، الذى سيقول مرة أخرى هذا الأسبوع فى الأمم المتحدة إنه لديه خطة. إنه يخشى أن يؤدى اندلاع حريق فى كل أنحاء الشرق الأوسط إلى الإضرار بفرص كامالا هاريس والديمقراطيين فى انتخابات أكتوبر. فلماذا لا يتدخل؟ لأنه يخشى أكثر من الظهور بمظهر منحاز ضد إسرائيل.ونظرًا لموقف واشنطن المتذبذب، فلا نتوقع من حكومة كير ستارمر البريطانية أن تفعل أى شىء ذى معنى من تلقاء نفسها. ولكن ماذا عن المحاكم؟ فى الحقيقة، من غير المعقول أن يصدر القضاة فى المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب فى غزة،. فهذا التأخير الطويل غير المبرر يثير الشكوك. ولكن ماذا عن الأمم المتحدة؟».
.. ينتظر العالم، المجتمع الدولى ودول المنطقة، نتائج اجتماعات ومبادرات ومشاريع الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، بالذات فى ملف الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، والوضع المأساوى فى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين من غزة ورفح والشجاعة والنصيرات، التى تعيش الإبادة اليومية والمرض والمجازر، ونقص المساعدات الإنسانية، وأيضًا هنا أولوية تمسكت بها مصر والأردن، للنظر فى الحرب التى تجرى فى لبنان، التى تنذر الانفجار وبالتالى سيادة منطق الحرب الشاملة، وربما تتوسع إلى حد خلق أزمة حرب عالمية جديدة، فى الألفية الثالثة.