رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشوك والقرنفل.. قراءة فى "ميراث السنوار"

الشوك والقرنفل
الشوك والقرنفل

رواية “الشوك والقرنفل”، رواية سيرة ذاتية سطرها يحيي السنوار، ونشرت قبل عشرين عاما، تحديدا  في العام 2004، وتقع الرواية في 342 صفحة، كتبها خلال فترة أسره في سجن الاحتلال الإسرائيلي “بئر السبع”. 

أهالى غزة يتسابقون على معسكر الجيش المصرى

 

حسب ما يمهد “السنوار” في روايته، من أن أحداثها حقيقية وقعت بالفعل، غير أنها ليست قصته الشخصية، ويستهلها برصد وتسجيل الظروف السيئة الصعبة التي تفتح عليها وعيه وهو في الخامسة من عمره، وظلت محفورة في ذاكرته.

مشاهد الخيمة التي يغرقها المطر، ووعاء تضعه الأم لتجميع المطر وسكبه أمام الخيمة كلما امتلأ، الجنود المصريون وهم يحنون علي أطفال غزة بمنحهم الحلوى، كان للسنوار وشقيقه نصيب منها إلا أنهما حرما منها إثر هزيمة 67 وما إن رحل الجنود المصريون حتى تسابق أهالي غزة على اقتحام المعسكر وكل يظفر بما يقدر علي حمله من أثاثه ومحتوياته.

مع احتلال إسرائيل غزة، ينقطع أثر الأب، وتختفي الأم لفترة ومن ثم تظهر، ويرصد السنوار الأوضاع الجديدة التي عاش فيها وعائلته وكل أهالي غزة، ومصاعب الحياة بدءا من الحصول على الضرورات اليومية كالمياه والطعام من وكالات الغوث، مرورا برحلات الجد للبحث عن المفقودين، وصولا لألعاب الأطفال من أهالي غزة الجديد التي تركزت في لعبة “اليهود والعرب”.

مع فقدان يحيي السنوار للأب وضياع عائل الأسرة، يحاول الخال ــ الذي يمتلك مصنعا للنسيج ــ مساعدة شقيقته وأولادها، إلا أنها بعد أن قبلت المساعدة مرة، رفضتها في الثانية، فكان أن عرض عليها أن يعمل ولداها في مصنعه بعد خروجهما من المدرسة، فتوافق.   

يعرج يحيي السنوار بالحديث في الرواية عن بزوغ المقاومة في قطاع غزة والضفة الغربية وما ترتب عليها من تنكيل قوات الاحتلال الإسرائيلي بسكان المخيمات، أهونها حظر التجوال، وأبشعها ما أفرزته هذه الظروف من ظواهر وانعكاسات علي الأطفال، فيحكي السنوار عن كيف سرق شقيقه “حسن” نصف ما كان في كيس جده من نقود كان يعيلهم بها.

بدء ظهور حركة فتح

يلفت الراوي إلي بدء ظهور حركة “فتح” وحركات المقاومة وكيف أن المقاومة في غزة كانت أشد من الضفة والتي تكونت من جيش التحرير الذي حارب ضد إسرائيل وفككته في أعقاب العام 1967، ويرصد وضع الأسرة الاقتصادي الذي وصفه بأنه “متوسط” وإن كان أقل من بقية الأسر التي يعمل أربابها داخل الأرض المحتلة، إلا أن وكالة الغوث كانت تسد ما ينقص لدي الأسر مثل أسرة السنوار.

ينتقل الراوي إلي الحديث عن أثر انتصار الجيش المصري في حرب أكتوبر 1973، وما ترتب عليه من فرحة وأحلام بدأت تداعب أحلام الفلسطينيين في استرداد أراضيهم، خلال هذه الفترة كان “محمود” شقيق يحيي السنوار قد عاد من مصر بعد أن أنهى دراسته الجامعية بها لتعتقله قوات الاحتلال ويوضع بالسجن، ليقضي فترة طويلة فيه قبل أن يطلق سراحه ويتزوج، وفي هذه الأثناء يتخرج شقيقه حسن  ويعمل في مصنع بيافا تمتلكه امرأة إسرائيلية،

يلتحق محمد وإبراهيم ابن عم يحيي السنوار بجماعة الإخوان المسلمين في غزة وهو ما لا يقبله شقيقه محمود ويحذر منه، وكان يحتد في الحديث عليه ــ حسب الراوي ــ و"يصل به الحد إلى القول إن الإخوان عملاء، لكن حديث حسن عن الإخوان يعجبني ويستهويني ويجد صداه في نفسي وروحي".  

 حول اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، يذهب الراوي إلى أنها شكلت صدمة للفلسطينيين، في الوقت الذي بدأ التحالف في غزة بين جماعة الإخوان وغيرهم ضد "الشيخ الجعبري" الذي كان في البلدية منذ الحكم الأردني في الضفة الغربية.

يتناول يحيي السنوار في روايته، الحرب الأهلية في لبنان وكيف كان الفلسطينيون “جزءا مؤثرا ومتأثرا بها”، ومن ثم يصل إلى العقد التاسع من الألفية الجديدة، فيلتحق يحيى السنوار بالجامعة الإسلامية في غزة، وخلال هذه الفترة كانت الغلبة للكتلة المتشددة في انتخابات اتحاد الطلاب، ليصل إلى محطة سجن “بئر السبع” إثر انتفاضة الحجارة الأولى.