أبرزها "الرفاعى".. قراءة فى أهم 5 روايات جمال الغيطانى
يعد الكاتب الصحفي، الروائي، جمال الغيطاني، واحدًا من أبرز الأصوات الأدبية المصرية في النصف الثاني من القرن العشرين، الغيطاني الذي فارقنا في مثل هذا اليوم من العام 2015، وإن كان رحل بالجسد، إلا أن روحه التي سربها في أعماله الإبداعية، ما زالت سارية عبر كتاباته. وفي هذا التقرير نقدم لكم قراءة في أبرز أعمال جمال الغيطاني الروائية.
الزيني بركات
في العام 1974، استقبل قراء جمال الغيطاني، روايته “الزيني بركات”، التي تدور أحداثها في مصر خلال فترة الحكم المملوكي، وبطلها “الزيني بركات” أشهر محتسب عرفته القاهرة، الذي استلهم الغيطاني شخصيته من التراث، تحديدا كتاب بدائع الزهور لابن إياس.
وحسب الباحث الإيراني علي رضا، في دراسته المعنونة بـ"بنية الشخصية في رواية الزيني بركات لجمال الغيطاني"، ترتكز الرواية على شخصية “الزيني بركات” باعتبارها شخصية مركزية تدور حولها الأحداث المتشابكة التي تصوغ بنية الرواية. إن الزيني بركات من الأشخاص الذين كان لهم وجود حقيقي في حقبة من حقبات تاريخ العصر المملوكي.
ويلفت “رضا” إلى: وفي تقديم الشخصية الروائية إلى القارئ قد يلجأ الكاتب إلي نفسها مباشرة، وذلك باستعمال ضمير المتكلم. هذا ما فعله الروائي في حادث تدخل الزيني بركات لرفع الظلم عن شخص ما، إذ يقدم الزيني بركات نفسه ـ وفق الراوي العليم ـ قائلا: لن تحدث فاحشة في زماني أبدا، أنا ما أخشي إلا هو، أشار بإصبعه إلى السماء".
الرفاعي
وفي العام 1977، صدرت للروائي جمال الغيطاني، رائعته “الرفاعي”. التي تنتمي لأدب الحرب. وعن الرواية يذهب الناقد “نبيل حداد” إلى: “أحسن الغيطاني في اختيار لحظة متوهجة في ذاتها هي حرب أكتوبر 1973. لقد تجمعت للروائي في ”الرفاعي" شروط النجاح في الرواية التاريخية، وأول هذه الشروط حدث ضخم ينطوي على ظرف نموذجي، وشحنات درامية وتحول مصيري للإنسان والمجتمع والأمة بعامة. إنها لحظة مفصلية يتضافر فيها الواقع الموضوعي مع العالم الداخلي للشخصية النموذجية “المقاتل” بصورة لا مثيل لها. وبالإضافة إلى هذا فقد توافرت لدي الروائي خبرة موضوعية. بل تجربة مباشرة، فالغيطاني كان عسكريا ثم مراسلا حربيا أثناء الحرب، وقد زودته درايته الموضوعية الإنسانية بالحرب وأجوائها وأسلحتها ومواقعها ومعاركها ومقاتليها بذخيرة فكرية ومعرفية جعلته ينجز جانب الصدق التاريخي في روايته علي وجه صحيح، وتكفلت أدواته الناضجة بإنجاز الصدق الفني. فكان إنجاز الرفاعي، من ثم ثمرة علاقة توازن تدين لاحترام الحقيقة التاريخية من جهة ومراعاة المتطلبات الفنية من جهة أخري.
كتاب التجليات
وفي العام 2005، قدم جمال الغيطاني لقرائه ومحبيه، سفره الضخم، “كتاب التجليات” والمكون من ثلاثة أجزاء، ومن بينها حكاية "ما جرى للمحارب الذي تقاعد" والتي تكشف عن التحولات المجتمعية التي أصابت المجتمع المصري بحالة من الهلامية تجلت في حالة النكران واللفظ للمحاربين المصريين ممَن ضحوا بأرواحهم في الحرب في حين ذهبت العائدات المترتبة على النصر إلى طبقة الأثرياء التي لم تشارك في الحرب الانفتاح الذي استكمل بناه الاستهلاكية الفارغة واستثماراته الريعية التي خلقت طبقة الطفيليين والقطط السمان أحاطت بالمُحارب القديم ضابط الاتصالات الذي شهد 3 حروب وقام بجهد استثنائي في تأمين قنوات اتصال بديلة وابتكار أخرى للتشويش على العدو استحق عليها نوط الشجاعة وحينما تضع الحروب أوزارها يحال للتقاعد فيتبدّل عالمه العسكري بكل ما فيه من روح الانضباط وتفاصيل علاقته مع زملاء خدمته ورفاق السلاح زمن الحرب إلى عالم المدنية الذي هجره ولم يعرف عنه شيئًا إلا أنه صار مجبرا على التعامل معه من جديد.
رواية شطح المدينة
وصدرت الرواية ضمن الأعمال الكاملة التي أصدرتها الهيئة المصرية العامة للكتاب، لجمال الغيطاني، في العام 1996. وفي كتابه "الفأر في المتاهة"، يذهب الناقد أحمد ع. الحضري، إلي أن: "منذ السطور الأولى للرواية تتم الإشارة إلى صراع ثقافي سياسي بين مكوِّنَيِ المدينة الأساسيَّيْن: الجامعة والبلدية، سبب الصراع ينبع من إشكالية قديمة تتمثل في سؤال الأسبقية، أيهما أسبق: المدينة أم الجامعة؟ هل نشأت المدينة أولًا ثم تلتها الجامعة، أم أن الجامعة كانت هي السابقة ثم تلا بناؤها ونتج عنه عمار المناطق المجاورة؟ يمكن أن نرى الجامعة كمعادلٍ للعقل أو ربما الروح، بينما قد نرى المدينة معادلًا للجسد أو المادة، وفي هذه الحالة يمكن تأويل الجدل الذي يدور في أروقة الرواية عن أسبقية الجامعة أو المدينة، بشكلٍ فلسفي يمكن اعتباره أحد جوانب سؤال الهوية الذي تطرحه الرواية منذ أول صفحة، وإلى آخر سطر.
ويضيف “الحضري”: الرواية هنا تصوِّر حالة من الانحلال، تبدأ بالجسم الذي أصابه المرض، وغادره الشباب، وانتهاءً بالعقل الذي تتتابع فيه الذكريات وتتشابك، كالبحر المضطرب. وإذا ارتحل الإنسان عن ذاته القديمة وعن جسده القديم، فما الذي يمكن أن يعرفه؟ ما الذي يتبقى منه؟ أوراق الهوية.
رواية الزويل
وفي العام 1974، أصدر جمال الغيطاني، روايته “الزويل”، وفي رسالة لنيل درجة الدكتوراه، تذهب الباحثة المغربية بثينة رداوي: بطل الرواية والتي تدور أحداثها في أجواء غرائبية خيالية، هو قبيلة “الزويل”، وهي قبيلة متطرفة دينيا تدعي الدين الإسلامي وتخطط لحكم العالم، تغتال الأجانب وتعذب أفراد القبائل الصحراوية من مصر إلى السودان.
وتشدد “رداوي” علي: لموقفه الأيديولوجي ورفضه الفكر الديني المتطرف والمتمثل في جماعة الإخوان المسلمين وتطرفهم، ثم البحث عن الصراع في المجتمع المصري وتبيان أن التطرف عمل إرهابي لا يخدم المجتمع، ومن ثم سجل جمال الغيطاني رؤيته الذهنية القائلة بزوال التطرف الديني وعدم قبول نحر وقتل الأجانب.
رواية الزويل، يأخذنا فيها الراوي ــ جمال الغيطاني ــ إلى التفاصيل التي تحيره في كل عمل أدبي يكتبه، فهي تنغمس في الصحراء بين مصر والسودان الموغلة بالعتمة ليلا ووصفا وتقريرا، تتلصص علي رمال ناعمة تطأها أقدام مرتحلة بين حدود مصر والسودان وتقع ما بعد جبل الزويل المظلم.