رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشاعر أسامة الحداد: جمال القصاص قادر على اكتشاف الجمال وتقديمه بتلقائية

جمال القصاص
جمال القصاص

تحدث الشاعر أسامة الحداد، عن الذكريات التي جمعته مع الشاعر جمال القصاص، وذلك خلال الاحتفالية التي عقدت ضمن فعاليات مؤتمر قصيدة النثر المصرية، الذي تستضيفه جريدة الدستور.

وقال "الحداد": سأعود لمنتصف الثمانينيات ومعنا اليوم الشاعر الصديق عبدالوهاب داود، وقد حضر هذه الأيام حين كنا نجتمع أنا والراحلين عبد الحفيظ طايل والشريف رزق أكثر من مرتين أو ثلاث مرات أسبوعيا، وكان همنا الشعر ووسيلته هل القصيدة المقروءة أم المسموعة واللغة؟ هل اللغة الجمالية أم اللغة الصادمة ذات المفردات الثقيلة؟ وكنت أميل إلى التدفق والكلمات السلسة، وأرى أنني من خلال هذه المفردات يمكن أن أقول أكثر الأشياء بشاعة فى هذا العالم فى حين كان عبد الحفيظ طايل والشريف رزق يحاولان الكتابة بعنف وحس ملحمي، عن الشريف الذى ظهر فى بعض أعماله.

وتابع "الحداد": يرى عبد الحفيظ فعلا مقاومة وكانا مفتونين بأدونيس وكنت قد نحوت نحو سعدي يوسف قبل أن أقرأ قصيدة جمال القصاص الهائلة "البحيرة تصفو لطائرها"، وكانت حدثا؛ لأن تقنيات هذه القصيدة كانت ذاتها تقنيات قصيدة النثر، حيث السرد الحكائي والصورة البصرية والكلية، فكانت دافعا لى للتغيير، وبعدها بسنوات جاءني صديق من مجلة الشعر وقد كتب جمال القصاص عن القصائد المنشورة فى مجلة الشعر، ومن بينها قصيدة لى وكانت دفعة قوية فى الوقت الذى كنت أود أن أترك الشعر وأترك الكتابة تمامًا لأسباب لا داعى لذكرها.

جمال القصاص امتداد لعفيفي مطر

كنت أتابع ما يكتبه جيل السبعينيات، لكن لم يرق لي بحكم أنه لم يقترب من طبيعتي سوى جمال القصاص
وهو امتداد طبيعي لمحمد عفيفى مطر، وهو امتداد لا يعني أنه يشبهه. عفيفى مطر كان الطوفان الهائل، حيث الحس الملحمي يمسك الطين يسويه خيولا. 

 أما جمال القصاص فالنهر الهادئ كما استمعنا لنصوصه الآن. انطلق النهر من الفيضان كالنهر الهادئ انطلق النهر من الفيضان، كانت هناك مقولات أتعجب منها مثل مقولة إدوارد الخراط  "الرومانتيكية الصلبة" وهو مصطلح عجيب لا يمكن قبوله بسهولة، كيف نحته الخراط لا أدري، الرومانتيكية فيها تدفق وحميمية تجافى الصلابة وترفضها، فكيف تكون الرومانتيكية صلبة؟

واختتم "الحداد" مشددا على: الحقيقة أن جمال القصاص شاعر متعدد يحقق ما ذهب إليه الدكتور صلاح فضل فى كتابة الأساليب الشعرية المعاصرة، أنه متعدد الأساليب الشعرية، وهو يحققها بسهولة وسلاسة تامتين. 

جمال القصاص قادر على اكتشاف الجمال وتقديمه بتلقائية وسلاسة

بعدما عدت للشعر وبدأت النشر فاجأني فى ديواني الثاني "أن تكون شبحا"، أن نشر دراسة جادة وجمالية ومهمة عن هذا الديوان، فى ذلك الوقت لم تكن العلاقة بيني وبين جمال القصاص وطيدة، فقد كنا تعارفنا، لكن العلاقة بسطية وبالتأكيد لم يكن السبب أنه كتب عني، لكن الشاعر الأكثر جدية فى جيله منذ أكثر من 50 سنة وهو مخلص للشعر والساعى إلى التكريس ليس لقصيدته وحدها، لكن للنصوص التى تروق له من الأجيال التالية التى أثر فيها بقوة ولا يمكن أن ننكر دوره فى ذلك، كان حلمي سالم، رغم أهميته جسرا بين مرحلتين، لكن عفيفى مطر طوفان هائل، كان أدونيس بذهنيته وسؤال الآخر فى الشعر لا ينسجم مع الذات الساعية للجمال، لكن جمال القصاص كان القادر على اكتشاف الجمال وتقديمه بتلقائية وسلاسة. 

الحقيقة أننا يجب أن نحتفى به أكثر من ذلك، الكثير من الشعراء يضعون وديع سعادة اللبناني أو رياض الصلح كآباء شعريين لكن القصاص هو أب شعري لكل شاعر مصري للأجيال التالية.