خبير بالشئون الإيرانية لـ"الدستور": الاختراق الإسرائيلى ثمن طبيعى لعدم الرد الإيرانى
قال الدكتور هاني سليمان، الخبير في الشأن الإيراني ومدير المركز العربي للبحوث والدراسات، إن الاختراق الإسرائيلي لأجهزة عناصر "حزب الله" اللا سلكية، هو تطور خطير للغاية في مستقبل المواجهات الإسرائيلية مع إيران ومع "حزب الله" بشكل خاص فيما يخص نمط التعاطي الأمني والتطور التكنولوجي، مؤكدًا أن هذا الاختراق هو تطور نوعي لم يحدث في أي مرحلة من مراحل المواجهات من قبل.
وأضاف لـ"الدستور"، أنه على الرغم من أن إسرائيل تقوم باختراقٍ كبير لدى الحرس الثوري الإيراني، وهناك تجارب تاريخية وسوابق موجودة، إلا أنه على مستوى المواجهات وحجم الخسائر والاستهداف، فإن ما حدث يُعد تطورًا نوعيًا غير مسبوق ويحسم التفوق العسكري والأمني لصالح الجانب الإسرائيلي.
مواجهة غير متكافئة
وتابع: "نحن الآن إزاء مواجهة غير متكافئة بين النظام الإيراني و"حزب الله" الذي يحاول الحرب من خلال الأيديولوجيا والحماسة الثورية في مقابل التقدم التكنولوجي والعلمي والعسكري لدى الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وبالتالي هناك فجوة كبيرة أصبحت موجودة بين الجانبين".
وأشار سيلمان، إلى أن ما حدث هو الثمن الطبيعي لعدم الرد الإيراني، وسبق التأكيد على حتمية الرد وأن يكون قاسيًا وشديد اللهجة، محذرًا من أنه إذا مرَّت الأمور بهذه الشاكلة ستتلاشى قدرة إيران وقدرة "حزب الله" على الردع، كما سيجعل هناك نوعا من التفوق والجرأة الإسرائيلية على استهداف "حزب الله" وتحديد أهداف إيرانية مرة أخرى.
وأوضح أن تأجيل الرد الإيراني وفقًا لتوازنات وحسابات مُعيَّنة أثبت بشكلٍ قاطع مدى الضعف الإيراني وعدم القدرة على اتخاز قرارات حاسمة وجريئة وشجاعة، وبالتالي، فإن الاختراق الأمني الأخير وهذه العمليات المتوازية والمتزامنة سببها عدم رد إيران.
وأكد أن "حزب الله" وضع نفسه في مربع شديد الضعف، وكان من الطبيعي أن تستغل إسرائيل هذه المرحلة؛ لأنها استطاعت أن تكتشف حدود وقدرات الرد الإيراني ورد "حزب الله".
وقال سليمان، إن هذه العمليات نالت بشكلٍ كبير من العديد من العناصر والقيادات الخاصة بـ"حزب الله" على مستوى الصفين الأول والثاني، فعلى سبيل المثال هناك إصابة للسفير الإيراني في لبنان، وهناك إصابة لمئات إن لم يكن آلاف من عناصر "حزب الله"، كما أن تكرار هذه العملية في يومين من خلال أجهزة "البيجر" ثم أجهزة أخرى يكشف حجم التراجع التكنولوجي والأمني لدى الأجهزة اللا سلكية وأجهزة الاتصال الخاصة بـ"حزب الله"، علاوة على قوة الاختراق الإسرائيلي ما نال من هيبة وقدرة "حزب الله" وسيضع فجوة في القدرة على المواجهة خلال الفترة المقبلة.
إزاحة "حزب الله" وعودة الإسرائيليين إلى الشمال
وحذَّر سليمان، من أن هذه العمليات قد تكون مُقدمة لعملية شاملة أو عملية نصف برية لإزاحة "حزب الله" وعودة السكان الإسرائيليين إلى الشمال مرة أخرى، ومن ثمَّ، يفتح باب التفوق الإسرائيلي بمزيد من العمليات وينذر بعدم استقرار في المنطقة خلال الفترة المقبلة.
وشدد على أنه إذا كان الرد الإيراني حتميًا في المرحلة السابقة، فإنه الآن أصبح إلزاميًا وواجبًا وإلا ستتلاشى قدرة "حزب الله" وإيران إلى الأبد، وسيثبت لدى إسرائيل ولدى "حزب الله" حدود التوازن العسكري على هذه الشاكلة بأن "حزب الله" من الضعف والوهن وعدم الجهازية العسكرية لخوض أي معركة، وأن إيران تستخدم فقط النبرات الصوتية وتتلاعب على مشاعر القضية الفلسطينية دون تقديم أي شيء، حتى إنها لا تستطيع حماية عناصرها وقيادتها تركيبًا على ما حدث مع إسماعيل هنية، ومن قبله قاسم سليماني، والعديد من القيادات في الحرس الثوري.
عهد جديد من الضعف الإيراني
ولفت سليمان، إلى أن ما حدث يُعد بداية عهد جديد من الضعف الإيراني، موضحًا أن خطابات "حسن نصر الله" خلال الفترة الأخيرة تؤكد أننا إزاء ظاهرة صوتية فقط ليس أكثر ولا أقل.
وفيما يخص تأثير هذه العمليات داخليًا على إسرائيل، أوضح سليمان، أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، يريد شراء الوقت والتقدم إلى الأمام وعدم التوصل إلى اتفاق إلى هدنة إنسانية أو وقف إطلاق النار، وبالتالي فإن مسألة الإفراج عن المحتجزين لدى "حماس" هي مسألة لا تهم نتنياهو بشكل كبير إلا فقط في حدود رفع الضغط عليه من الداخل.
وأوضح أن نتنياهو، يحاول التغلب على الضغوط الداخلية من خلال هذه العمليات، مشيرًا إلى أن رئيس وزراء الاحتلال عندما نجح في تحرير بعض المحتجزين، كان ذلك بمثابة انتصار له، وحاول ترويض ذلك داخليًا على أنه قادر على انتزاع باقي المحتجزين واستكمال العملية العسكرية وتوجيه صفعة للمعارضة الإسرائيلية في الداخل.
وأشار إلى أن هذه العمليات العسكرية علاوة على اغتيال إسماعيل هنية في السابق، يحاول بها نتنياهو مواجهة الضغوط في الداخل والتأكيد على أنه يصنع أمن إسرائيل ويعيد ضبط معدلات توازن القوى العسكري في المنطقة.