رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جيل التيك توك.. كيف تؤثر "الريلز" على الصحة العقلية؟

صورة مولدة بالذكاء
صورة مولدة بالذكاء الاصطناعي

تخيل أنك تسير في طريق مظلم، وكل ما حولك ضباب كثيف، وفجأة يظهر أمامك ضوء ساطع يجذبك نحوه، هذا الضوء هو الريلز، وهو يعدك بحياة مثالية، ولكن عندما تقترب منه تجد أنه مجرد وهمم، فيتسلل الشعور بالإحباط والخيبة إليك، وتعود إلى الظلام مرة أخرى، بحثًا عن ضوء جديد.

هذا هو بالضبط ما يحدث عندما ننغمس في عالم الريلز، فنحن نسعى باستمرار وراء هذا الشعور المؤقت بالسعادة، ونهمل حياتنا الحقيقية وعلاقاتنا الاجتماعية، وهذا بدوره يؤدي إلى العديد من المشاكل النفسية، مثل الاكتئاب والقلق والشعور بالوحدة.

"الريلز" هي خاصية أطلقتها منصة إنستجرام  لمنافسة تيك توك، وتم إطلاقها لأول مرة في البرازيل في نوفمبر 2019، ثم توسعت إلى أسواق أخرى مثل فرنسا وألمانيا في يونيو 2020، وأخيرًا تم إطلاقها عالميًا في أغسطس 20201، وتتيح ميزة “ريلز” للمستخدمين إنشاء مقاطع فيديو قصيرة تصل إلى 60 ثانية، مع إمكانية إضافة موسيقى وتأثيرات بصرية، مما يجعلها مشابهة جدًا لتنسيق الفيديوهات القصيرة على تيك توك.

فمقاطع الفيديو القصيرة المصممة بعناية تحفز إفراز هرمون الدوبامين، وهو هرمون السعادة، مما يجعلنا نشعر بالمتعة والإدمان، ولكن مع مرور الوقت، يحتاج الدماغ إلى جرعات أكبر من هذا الهرمون للحصول على نفس الشعور، وهكذا ندخل في دوامة لا نهاية لها.

الصورة بالذكاء الاصطناعي

في السطور التالية، يتحدث عدد من المتخصصين عن مخاطر "الريلز" النفسية وتأثيراتها على الصحة العقلية، وكيف يمكن حماية أنفسنا من هذه المخاطر.

متخصصة في التأهيل التربوي: أخطار "الريلز" تطال الكبار والأطفال

بداية، تحدثت شيماء فتحي، المتخصصة في التأهيل التربوي، مؤكدة أن تأثير مقاطع "ريلز" القصيرة على إنستجرام  يشكل خطرًا كبيرًا على البالغين والأطفال على حد سواء، موضحة أن هذه المقاطع، التي تعد أداة إعلامية للإعلانات أكثر من كونها وسيلة للتعليم أو المعلومات، تروج لأحلام غير واقعية يمكن تحقيقها في دقيقة واحدة، وهو ما تصفه بـ"الكلام الفارغ".

وأشارت "فتحي"، في حديثها، إلى أن إدمان مشاهدة "ريلز" يؤدي إلى عدة تأثيرات سلبية، منها: السلوك الحاد والعنيف، استخدام ألفاظ غير مناسبة، ضياع الوقت، فقدان القدرة على القراءة المطولة سواء كانت كتبًا أو مقالات، فقدان التركيز وعدم القدرة على الاستماع للآخرين، وارتفاع سقف التوقعات بسبب بعض الفيديوهات التي تعد بتحقيق الأحلام، مما يؤدي إلى الإحباط عند عدم تحقيقها.

الصورة بالذكاء الاصطناعي

وانتقلت للحديث عن تأثيرها بالنسبة للأطفال، والتي تشمل: فرط الحركة والعدوانية، استخدام ألفاظ غير مناسبة، تشتت الانتباه وقلة التركيز، نوبات الغضب وفقدان السيطرة على النفس، الرفض المستمر وفقدان الشهية، وضياع الوقت.

ودعت إلى ضرورة الانتباه لهذه المخاطر والسيطرة على استخدام هذه المقاطع لحماية الصحة النفسية للبالغين والأطفال على حد سواء، وتؤكد على أهمية اتخاذ خطوات جادة للحد من هذا الإدمان للحفاظ على سلامة العقل والجسم.

أظهرت دراسة نُشرت في نوفمبر 2021 في مجلة "JAMA Pediatrics" أن الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات قد ارتفع بشكل ملحوظ منذ بدء الجائحة. المراهقون الآن يمضون حوالي ثماني ساعات يوميًا أمام الشاشات، وهو ضعف الوقت الذي كانوا يقضونه قبل الجائحة. هذا الوقت يشمل الأنشطة الترفيهية مثل مشاهدة التلفزيون، الألعاب الافتراضية، ومنصات التواصل الاجتماعي، ولا يشمل الدروس الافتراضية.

الدراسة، التي شملت 5412 مراهقًا تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عامًا، كشفت أن الأطفال أمضوا معدّل 7.7 ساعات يوميًا أمام الشاشات، بزيادة 3.8 ساعات يوميًا مقارنة بما قبل الجائحة. وأشار الدكتور جايسن ناغاتا، المشرف على الدراسة، إلى أن الجلوس لوقت طويل أمام الشاشات مرتبط بتراجع في الصحة العقلية وزيادة في مستويات الإجهاد بين المراهقين.

استشاري نفسي: "الريلز" تمنح شعور مؤقت بالسعادة

فيما أوضحت نهاية الريماوي، الاستشارية النفسية والتربوية، أن مقاطع الفيديو القصيرة تعمل على تدفق هرمون الدوبامين، مما يمنح شعورًا مؤقتًا بالسعادة يشبه تأثير الإدمان، وبعد انتهاء المشاهدة، يعود الأطفال إلى الواقع، مما يسبب فجوة في الدماغ تؤدي إلى القلق والتوتر والغضب.

وتابعة "الريماوي"، في حديثها، أن المراهقين أيضًا يشعرون بالذنب عندما يقضون وقت الدراسة في مشاهدة "ريلز"، مما يؤثر على قدرتهم على إنجاز المهام المطلوبة منهم.

الدكتورة نهاية الريماوي - Dr. Nihaya Rimawi | Amman
د. نهاية الريماوي

في مقال منشور عام 2021؛ تحدث عن أنه في عام 2021، شهدنا تحولًا كبيرًا في كيفية استهلاك المحتوى الرقمي، حيث أصبحت الفيديوهات القصيرة هي الشكل المفضل للمحتوى، وهذا التحول يعود بشكل كبير إلى قصر فترات الانتباه لدى الجمهور، ومنصات مثل TikTok وInstagram Reels أصبحت شائعة جدًا لأنها تقدم محتوى قصير وممتع يمكن مشاركته بسهولة، وهذه المنصات تعتمد على خوارزميات تعرض للمستخدمين محتوى يتناسب مع اهتماماتهم، مما يزيد من تفاعلهم مع الفيديوهات القصيرة.
وأوضح المقال، أن الدراسات أظهرت أن الفيديوهات القصيرة يمكن أن تؤثر على الصحة النفسية للمستخدمين، حيث يمكن أن تؤدي إلى زيادة مستويات القلق والاكتئاب بسبب التعرض المستمر للمحتوى المتجدد والسريع.

استشاري نفسي: "الريلز" تصيب بـ"العقل غير السعيد"

كما حذرت الدكتورة إيمان عبدالله، استشاري الطب النفسي، من الخطر الذي يهدد العقل نتيجة إدمان مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة على منصات التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” و"إنستجرام" و"تيك توك"، موضحة أن هذه المقاطع تجعل العقل شاردًا، مما يؤدي إلى حالة تُعرف طبيًا بـ"العقل غير السعيد".

د. إيمان عبدالله: كيف تقدم القيادة الدعم لكل فئات الشباب؟.. - بوابة دار المعارف الإخبارية.. بوابة إلكترونية تهدف إلى إثراء المحتوى الرقمي العربي من خلال الفنون والقوالب الصحفية المتنوعة والمتميزة
د. إيمان عبدالله

كشفت دراسة جديدة عن إحصاءات مخيفة حول إدمان الجيل الجديد لمقاطع الفيديو القصيرة "الريلز" المنتشرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ونتج عنها إدمان 60% من الشباب على ريلز منصات التواصل لمدة 3 ساعات متواصلة في اليوم، مما يشعرهم بعد ذلك بالحزن والذنب، والإحساس بأن وقتهم ضاع. 

وأوضحت الدراسة أن جميع منصات وسائل التواصل الاجتماعي، مصممة لإبقاء المستخدمين على اتصال، وذلك لأنها تتضمن ميزات تجذب المشاهد، مثل التمرير اللانهائي والتشغيل التلقائي والمحتوى المخصص والموجه حسب الاهتمام والفئة العمرية، وهذه الاستراتيجية تعمل بنجاح كبير مع الأجيال التي تتراوح أعمارها ما بين 8 سنوات و23 عامًا، كما  أن إدمان مقاطع الريلز يؤثر على تركيز الطلاب، ومدى انتباههم وتركيزهم بشكل عام. 

وأضافت أن 65% من الطلاب شعروا أيضا بالذنب بعد فترات طويلة من مشاهدة الفيديو، خاصة وقت الامتحانات.

إحصائيات عن الريلز (إنفوجراف)