الكنيسة البيزنطية تحتفل بعيد ميلاد العذراء
تحتفل الكنيسة البيزنطية بعيد ميلاد العذراء، وهناك تقليد قديم، ذكره في القرن الثاني بعد المسيح مؤلف كتاب "ميلاد مريم" وأورده أيضاً في القرن الرابع مؤلف " انجيل يعقوب" المزوّر، نعرف منه أن يواكيم وحنّة، إذ لم يكن لهما ولد، تراءى لهما ملاك الرب وبشَّرهما بمولد ابنة لهما قد اختارها العليّ لشرف اثيل. بعد ميلاد الطفلة، حرصا أشدَّ الحرص على تربيتها، إلى يوم تمكنّا من تقدمتها إلى هيكل الرب حيث عاشت إلى أن خطبت ليوسف البتول. تدعونا الكنيسة في رتبة العيد إلى التأمل في الدور الذي شغلته مريم العذراء في عمل الفداء.
فمريم العذراء هي شريكة ابنها الفادي يوصفها امه. واذ اختارها الله منذ الأزل لتكون ام الكلمة المتجسد، نراها منذ مولدها سلطانة العالم، لانها هي التي اعطت البشرية شمس العدل، واغدقت عليها بابنها الالهي الفرح الابدي، ذلك ما يعبر عنه القدّيس يوحنا الدمشقي، اذ يهتف بيواكيم وحنّة:" هنيأً لكما، أَيها الزوجان! فإِن الخليقة كلها لمدينةٌ لكما. لانها استطاعت بكما أن تقدّم للخالق الهدية التي لا تعلوها هدية، الام البتول، التي هي وحدها جديرة بالخالق. فافرح يا يواكيم، لان الابن أعطيَّ لنا مولوداً من ابنتك".
وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: عندما خطئ الشعب في الصحراء ، أمر موسى النبي بني إسرائيل بوضع ثعبان على صليب، وعنى بذلك قتل الخطيئة... كان لا بدّ من مشاهدة الثعبان، لأنّ بني إسرائيل عوقبوا بالثعابين. ولماذا الثعابين؟ لأنّهم انتهجوا مسيرة آبائنا الأوّلين. لقد خطئ آدم وحوّاء عندما أكلا الثمرة؛ وتذمّر بنو إسرائيل بشأن الطعام. أليست الشكوى من نقص الخضار قمّة التذمّر؟ فهذا ما ورد في المزمور: "وعادوا يَخطَأونَ إِلَيه ويَتَمرَّدونَ على العَلِيِّ في البَرية". والحال هذه، في الجنّة أيضًا، كان الثعبان مصدر التذمّر.
كان على بني إسرائيل أن يتعلّموا أيضًا أن ذاك الثعبان الذي قاد آدم إلى الموت، قادهم أيضًا نحو الهلاك. لذا، علّق موسى الثعبان على الخشبة حتى يعود بهم بهذا التشبيه إلى ذكرى الشجرة. وهؤلاء الذين أداروا نظرهم إليه خَلصوا، لا بفضل الثعبان، إنّما بفضل توبتهم. كانوا ينظرون إلى الثعبان ويتذكّرون خطيئتهم. شعروا بالندم لأنّهم لُسعوا، ومرّة أخرى خلصوا. توبتهم حوّلت الصحراء إلى مسكنٍ للربّ، وأصبح الشعب الخاطئ بواسطة التوبة جماعة كنسيّة، وبالرغم من الثعبان، عبدوا الصليب.