الذهب الأحمر.. كيف صعدت الفراولة المصرية إلى القمة؟
قال خبراء إن الفراولة من أبرز المحاصيل الزراعية التى حققت فيها مصر تقدمًا ملحوظًا على الساحة العالمية؛ موضحين أن هذا المحصول الذى يلقب أحيانًا بـ«الذهب الأحمر»، لم يصبح مجرد منتج زراعى، بل أصبح رمزًا للتفوق المصرى فى الزراعة والصادرات.
وأضاف الخبراء، لـ«الدستور»، أن مصر تمكنت من تحويل الفراولة إلى قصة نجاح زراعى على مدار السنوات الماضية؛ إذ صعدت تدريجيًا لتصبح من أكبر الدول المنتجة والمصدرة لهذا المحصول الحيوى، وقد انعكس هذا التفوق على سمعة الفراولة المصرية عالميًا، خاصة مع تحقيق مصر للمركز الأول عالميًا فى تصدير الفراولة المجمدة، والمركز الرابع فى تصدير الفراولة الطازجة، ما يجعلها لاعبًا رئيسيًا فى الأسواق الدولية.
وأشار الخبراء إلى أنه رغم التحديات العديدة التى تواجهها هذه الصناعة، من منافسة دول أخرى إلى مشكلات التغيرات المناخية وارتفاع تكاليف الشحن، فإن الفراولة المصرية ما زالت تحتفظ بمكانتها الرفيعة، سواء فى الأسواق المحلية أو العالمية.
مطالب بتخفيض الرسوم على الأصناف المستوردة للزراعة داخل البلاد
أكد المهندس أشرف الشرقاوى، رئيس الاتحاد العام لمنتجى ومصدرى الحاصلات البستانية التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، أن إنشاء اتحاد لمنتجى الفراولة خطوة مهمة، وسيضطلع بدور حيوى فى دعم القطاع الزراعى من خلال تقديم الإرشادات اللازمة وتوفير مستلزمات الإنتاج للمزارعين والمصدرين، على حد سواء.
وقال «الشرقاوى» إن اتحاد منتجى ومصدرى الحاصلات البستانية يسعى جاهدًا إلى تعزيز الإنتاج الزراعى بما يسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، لافتًا إلى أن الأهداف الاستراتيجية للاتحاد تشمل تحسين الزراعة البستانية وخلق فرص عمل جديدة وزيادة الصادرات البستانية المصرية، ما يسهم فى زيادة الدخل القومى وتعزيز مكانة المنتج المصرى فى الأسواق العالمية.
وأشار إلى أن الاتحاد قد أنشأ مجالس نوعية متخصصة لعدد من الحاصلات البستانية، مثل النباتات الطبية والعطرية والبطاطس والتمور والفراولة، بمشاركة واسعة من كبار المنتجين والمزارعين والمستوردين للشتلات، إلى جانب المصدرين والمصنعين وبعض من قيادات وزارة الزراعة.
ولفت إلى أن إجمالى الصادرات الزراعية المصرية منذ بداية العام وحتى ٢٢ أغسطس الجارى، قد تجاوز ٦ ملايين طن، مقارنة بـ٥.٥ مليون طن خلال نفس الفترة من العام الماضى، مشددًا على أهمية محصول الفراولة كأحد أبرز المحاصيل التصديرية.
ونوه بضرورة دراسة الأسواق الخارجية وفهم احتياجاتها ومستوى الأسعار، إضافة إلى إبرام عقود التصدير مع الجهات الدولية، وتزويد الأعضاء بمستلزمات ومعدات الإنتاج اللازمة، إلى جانب تقديم الإرشادات الفنية المتعلقة بجميع مراحل الزراعة وإعداد المنتجات للتصدير.
وذكر أن أبرز التحديات التى تواجه منتجى ومصدرى الفراولة تتمثل فى فرض رسوم عالية على الأصناف المستوردة التى تُزرع فى مصر، ولا يمكن الحصول على شهادات الحجر الزراعى الخاصة بالتصدير إلا بعد إصدار فاتورة من الشركة المستوردة تلك الأصناف.
وقال: «لا توجد أصناف فراولة محلية تنتج فى مصر، ما يستدعى ضرورة تفعيل دور مركز البحوث الزراعية لإنتاج أصناف تتناسب مع البيئة المصرية»، لافتًا إلى أن المزارعين يشكون من ارتفاع تكلفة أجهزة تعقيم التربة، ولا بد من توفير هذه الأجهزة بأسعار مناسبة.
وأشار إلى أن سوق الأسمدة والمبيدات تعانى من أزمة الرقابة، سواء من حيث الأسعار أو الجودة أو الأنواع المسموح باستخدامها، ما يؤثر على صحة النباتات وسلامة المحصول، ويجرى صرف الأسمدة بناءً على الحيازة الزراعية فقط، دون مراعاة المعاينة الفعلية للأراضى المزروعة، ما يحد من كفاءة توزيع الأسمدة.
وتابع: «يعانى المزارعون من نقص الوعى بكيفية استخدام المبيدات وحدودها الآمنة، ما يستدعى تفعيل دور الإرشاد الزراعى بشكل أكثر فعالية، ولا توجد فروع للمعمل المركزى لتحليل متبقيات المبيدات فى المحافظات الأكثر إنتاجًا للفراولة، ما يعوق عملية تحليل المحصول المصدر والمحلى».
تحسين جودة الإنتاج وخفض تكاليف الشحن «أولوية قصوى»
قال المهندس هانى جعفر، عضو مجلس إدارة منتجى ومصدرى الفراولة، إن مصر تحتل المركز الأول عالميًا فى تصدير الفراولة المجمدة، بينما تأتى فى المرتبة الرابعة فى تصدير الفراولة الطازجة، مشيرًا إلى أن هذا الإنجاز يضع مصر فى مقدمة الدول المصدرة للفراولة، ويسلط الضوء على الجهود المبذولة لتطوير هذا القطاع الحيوى.
وأشار إلى أن الفراولة المصرية تعتبر من المنتجات الزراعية ذات الجودة العالية، ما جعلها تنافس بقوة فى الأسواق الدولية، ومع ذلك تواجه مصر منافسة قوية من دول أخرى مثل المغرب وإسبانيا، اللتين تشاركان فى نفس موسم الحصاد، ما يتطلب من المنتجين والمصدرين المصريين الاستمرار فى تحسين جودة الإنتاج وكفاءة عمليات التصدير.
وأضاف أنه فى إطار سعيها لزيادة حجم الصادرات وتوسيع قاعدة الأسواق الخارجية، تمكنت مصر من فتح أسواق جديدة أمام الفراولة المصرية خلال الموسم الحالى، مشيرًا إلى أنه من أبرز هذه الأسواق سوق البرازيل، التى تعتبر واحدة من الأسواق الواعدة فى أمريكا اللاتينية، كما تمكنت مصر من الدخول إلى أسواق آسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا، ما يعزز من انتشار الفراولة المصرية فى مناطق جديدة، ويعكس قدرة المزارعين المصريين على تلبية الطلب المتزايد على هذا المنتج فى مختلف أنحاء العالم.
وأكد أنه رغم النجاحات التى حققتها مصر فى فتح أسواق جديدة، فإن هناك تحديات تواجه عملية التصدير، موضحًا: «أدى ارتفاع تكاليف الشحن إلى تقليص التنافسية السعرية للفراولة المصرية فى الأسواق الخارجية».
وقال: «الفراولة المصرية تحتل المرتبة الأولى عالميًا من حيث الجودة، إلا أن ارتفاع تكاليف الشحن يشكل تحديًا كبيرًا يجب معالجته لضمان استمرار نمو الصادرات وزيادة الحصة السوقية».
وكشف عن أنه على المستوى المحلى، تعتمد مصر بشكل كامل على استيراد الشتلات من الخارج، وهو ما يطرح تحديًا كبيرًا يتمثل فى احتمال تلقى شتلات ذات جودة منخفضة، يؤكد أن هناك خطرًا حقيقيًا من استيراد شتلات درجة ثانية أو شتلات رديئة، ما يؤثر سلبًا على جودة الإنتاج وحجم المحصول، مشيرًا إلى أن هذه المشكلة تتطلب وضع آليات صارمة لمراقبة جودة الشتلات المستوردة وضمان عدم تأثر المحصول المصرى.
وأوضح: «تشير التوقعات إلى احتمال تراجع المساحات المزروعة بالفراولة فى الموسم المقبل ٢٠٢٥، نتيجة لتراجع جودة الشتلات من جهة، وتأثير التغيرات المناخية من جهة أخرى. وأضاف، الفراولة من المحاصيل الحساسة جدًا للظروف المناخية، ويعتبر تغير المناخ أحد أكبر التحديات التى تواجه زراعتها فى مصر، لذلك، يتعين على المزارعين تبنى تقنيات زراعية حديثة تساعد على التكيف مع هذه التغيرات وضمان استمرارية الإنتاج».
وقال إنه لضمان استمرار مصر فى موقعها الريادى كأحد أكبر منتجى ومصدرى الفراولة على مستوى العالم، هناك حاجة ماسة لتبنى استراتيجيات طويلة الأجل تركز على تحسين كفاءة الإنتاج والتصدير، ومنها يتعين على مصر الاستثمار فى تحسين بنية الشحن والخدمات اللوجستية المرتبطة بتصدير الفراولة، بهدف تقليل تكاليف الشحن وزيادة القدرة التنافسية فى الأسواق الخارجية، وقد يشمل ذلك تعزيز التعاون مع شركات النقل البحرى والجوى وتطوير تقنيات جديدة لتخزين ونقل الفراولة بشكل يحافظ على جودتها ويقلل من الفاقد. وأكمل: «علينا وضع آليات لضمان استيراد شتلات ذات جودة عالية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الشراكة مع الشركات العالمية الرائدة فى إنتاج الشتلات والتأكد من توفير أصناف ملائمة للظروف المناخية فى مصر». وأشار إلى أنه يتطلب تأثير التغيرات المناخية تبنى تقنيات زراعية حديثة وفعالة، ويمكن أن تشمل هذه التقنيات استخدام أنظمة رى متطورة، وزراعة أصناف فراولة مقاومة للحرارة والجفاف، وتطبيق ممارسات زراعية مستدامة تقلل من تأثير التغيرات المناخية على المحصول. وعلى الرغم من النجاحات التى تحققت فى فتح أسواق جديدة، فإنه يجب الاستمرار فى السعى لتوسيع قاعدة الأسواق الخارجية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز العلاقات التجارية مع الدول المستوردة وتكثيف حملات الترويج للفراولة المصرية فى الأسواق العالمية.