نجيب محفوظ.. العالمى "صنيعة الصدفة" وحكاية "عبث الأقدار"
يوافق اليوم ذكرى رحيل الأديب والروائي نجيب محفوظ، 30 أغسطس عام 2006، تاركًا إرثًا كبيرًا من الأعمال الأدبية، يذكرنا بها الكاتب والدكتور غالي شكري، وهو من أوائل النقاد الذين انتبهوا إلى عبقرية محفوظ، وأشاد بها في كتابه "نجيب محفوظ من الجمالية إلى نوبل".
غالي شكري يكشف: كيف استبعد نجيب محفوظ من بعثة لدراسة الفلسفة؟
قال غالي شكري: "نُشرت رواية نجيب محفوظ الأولى بمحض الصدفة، فقد كان سلامة موسى يظن طول الوقت أنه أمام طالب مجتهد في الفلسفة يُعِد نفسه للوظيفة والترفيه عن النفس بالكتابة الفلسفية، أو في أقصى التقديرات، الكتابةِ الاجتماعية".
وعن عشق نجيب محفوظ للفلسفة، قال شكري: فعلًا كاد نجيب محفوظ أن يصبح فيلسوفًا، فقد كان ترتيبه في التخرج من الجامعة متقدمًا، أحد الثلاثة الأوائل على قسم الفلسفة، ولكن اسمه كان مطابقًا لاسم أشهر طبيب ولادة في مصر؛ هو نجيب محفوظ باشا.
وكشف غالي شكري عن استبعاد نجيب محفوظ من بعثة دراسية، قائلًا: اللجنة التي شُكلت في كلية الآداب قسم الفلسفة لاختيار اثنين للسفر في بعثة إلى فرنسا لدراسة الفلسفة والعودة للعمل في هيئة التدريس الجامعي، استبعدت نجيب محفوظ من البعثة بالرغم من تقدمه، وكانت مفاجأة، وحُرِم من استكمال دراساته العليا والعمل في الجامعة، وإنما عمل موظفًا في وزارة الأوقاف.
بالصدفة.. حكاية أول عمل روائي لـ نجيب محفوظ
يحكي غالي شكري بدايات نجيب محفوظ في عالم الكتابة والأدب، قائلًا: "كان سلامة موسى يسأله ماذا سيفعل، حين قال له ببساطة (إنني أتسلى وأكتب بعض الحكايات في أوقات الفراغ)، واستوقفه سلامة مستفسرًا تقول حكايات؟ انت بتكتب أدب؟، فأجابه: نعم".
يتابع: طلب سلامة موسى منه نموذجًا مما يكتب، فأحضر له مسودة (عبث الأقدار)، وقد فوجئ نجيب محفوظ- وحياته ستصبح جملة مفاجآت- ذات يوم من أيام ١٩٤٣م؛ وأحدهم يطرق عليه الباب ويحمل بكلتا يديه مجموعة كبيرةً من نسخ (عبث الأقدار) مطبوعة، كانت هذه النُّسخ هي أول ما تقاضاه من (أجر) على عمل روائي.
غالي شكري عن نجيب محفوظ: موظف بيروقراطي تعلم الإصغاء لنبض الشارع الشعبي
يصف الناقد والكاتب غالي شكري، شخصية نجيب محفوظ، قائلًا: الموظف البيروقراطي قد تعلم الإصغاء عميقًا لنبض الشارع الشعبي منذ كان طفلًا في الحارة، وعلمته البيروقراطية الانضباط والنظام والبعد عن وجع الدماغ.
أضاف: إذا كان سلامة موسى قد تولى تربيته الفكرية والاجتماعية، إلى جانب الجامعة، وإذا كان قد شجعه على الكتابة عمومًا وعلى كتابة الرواية خصوصًا، فقد كان طه حسين وعباس محمود العقاد من أهم الذين ساهموا في صياغته العقلية والنفسية.
أوضح: أخذ عن طه حسين العقلانية والتفاعل الخصب مع الغرب، وأخذ عن العقاد (القديم) تمردَه واعتداده بنفسه ككاتب.