بهيجة حافظ طلبت وساطتي وشعرت أن الله حل لي مشاكلي.. حكايات من مذكرات فاروق فلوكس
في كتابه الذي صدر عن دار صفصافة للنشر والتوزيع تحت عنوان "الزمن وأنا.. مذكرات فاروق فلوكس بين الهندسة والفن والحياة" والذي كتبه حسن الزوام عن سيرة الفنان القدير، يروي الأخير عدد من المواقف منها طلب بهيجة حافظ وساطته.
فاروق فلوكس
يقول فاروق فلوكس:" استمر عملي بإدارة ضبط جودة الإنتاج في مصنع 9 الحربي، لكني لم أكن راضيًا ولم أتخيل نفسي أكمل حياتي في هذه الوظيفة، ذهبت إلى الأستاذ فؤاد المهندس ليتوسط لي للنقل إلى المؤسسة المصرية العامة للإذاعة والسينما والتليفزيون التي كان يرأسها صلاح عامر، هذا الرجل المهم أحد بناة مبنى التليفزيون عندما كان رئيس الإذاعة للشؤون الهندسية، وهو أيضًا الذي بنى حي المهندسين بالكامل، ليقوم بمخاطبة المصانع الحربية وطلب نقلي للعمل في مؤسسة السينما وقد كان.
ويضيف:" أوصلت طلب المهندس صلاح عامر إلى المصانع الحربية، وبات عليَّ إقناع مديري بالاستغناء عني والموافقة على تنفيذ النقل، ذهبت إلى الصاغ المهندس السمنودي بك المدير الفني بمصنع 9 الحربي في منزله واستجديته أن يوافق على طلب نقلي، أخيرًا رأف بحالي ووافق، انتقلت إلى المؤسسة المصرية العامة للإذاعة والسينما والتليفزيون، وتحديدًا إلى شركة مصر لصناعة السينما، إحدى شركات المؤسسة وكان عملي في إستوديو مصر، وهناك واجهت ما لم أكن أتوقعه.
أفلام السينما الخام
ويواصل:" كانت الشركة تقوم بإنتاج أفلام السينما الخام، وطلب مني دراسة لإعادة تسعير هذا المنتج، أظهرت في الدراسة أن الفيلم الأبيض وأسود 35 ملي يتكلف 23 مليم للمتر ويباع بـ 17 مليم، الأخطر من هذا أنني اكتشفت أن أحماض مثل "هايبو نترات الفضة" التي تستخدم لتحميض الأفلام ينتج عنها فضة خالصة تسقط في قاع 14 برميل تستخدم في التحميض، وأن عامل المعمل وكان يدعى الحاج "عبد الفتاح" يحصل على هذه الفضة مجانًا، كان يمتلك فيلا بجوار الإستوديو ويحصل على أجره سنويًّا، ولا يهتم بالحصول على الأجر شهريًّا.
بهيجة حافظ
ويكمل:" بعد هذا التقرير، قامت الشركة بتعديل أسعار الأفلام، ولكني اكتسبت عداوة المستفيدين من الوضع القديم، في موقعي هذا وفي يوم من الأيام، فوجئت بالنجمة الكبيرة بهيجة حافظ التي كانت في زماننا أسطورة فنية لأنها كانت من أوائل الرائدات في صناعة السينما، فهي ممثلة ومخرجة وكاتبة ومنتجة، وأول امرأة قامت بتأليف الموسيقى التصويرية للأفلام في السينما المصرية.
ويستطرد:" هذه القامة العظيمة وجدتها تقف أمامي تطلب مني التوسط لعرض فيلمها المعطل في مؤسسة السينما، وتحكي لي كيف أن كل الإكسسوارات حقيقية ومن مقتنياتها الشخصية، وحقيقة لم يكن بمقدوري فعل أي شيء لأن الأمر ليس من تخصصي، لكنني وجهتها إلى المهندس رئيس الشركة.
ويتابع:" أيضا قابلت الأستاذ الكبير أحمد كامل مرسي، كان أيضًا مؤسسة فنية تمشي على قدمين، فهو مخرج سينمائي وتليفزيوني ومسرحي وناقد فني ومؤلف ومترجم، في بيته وفي وجود مديري الشركة جاؤوا برجل وطلبوا مني كتابة تقرير إيجابي عنه للموافقة على تعيينه وحاجة القسم الذي أعمل به لوجوده، كتبت التقرير بالفعل بعد الاستعلام عن مهاراته باعتبار أنني رئيس قسم الإنتاج.
ويكمل:" كنت أعشق عملي كمهندس، وفي هذه الفترة وضعت تصميم "كاميرا كرين" محمولة للتصوير الخارجي، وبالفعل صممت أجزاءها حتى أن وفدًا إنجليزيًّا زار الشركة وشاهد ما فعلته وانبهروا به، قالوا إن ما أفعله يقوم به مكتب هندسي متكامل وليس فردًا واحدًا، وأوصوا بتنفيذ التصميم الذي وضعته، لكنني فوجئت بعد الانتهاء من التصميم النهائي للكاميرا أن الشخص الذي كتبت تقريرًا لتعيينه للعمل معي، أصبح هو رئيسي المباشر وهو المكلف بتنفيذ تصميماتي، كان القرار مستغربًا بالنسبة إلي، كيف أوافق على تعيين شخص ليصبح مساعدًا لي ثم يصبح هو رئيسي.
ويختتم:" كان معظم المديرين بشركة مصر للإنتاج السينمائي من أصحاب الفكر اليساري، ولم أكن مقربًا منهم ولا مندمجًا معهم، انفعلت وبشدة رافضًا هذا الأمر، جاء رئيس مجلس الإدارة ويدعى فؤاد بك وجدني غاضبًا، طلب مني الهدوء وتعليق الموضوع حتى يفصل فيه بعد عودته من السفر إلى الخارج في مهمة عمل؛ لكن تشاء الأقدار أن تحترق الطائرة به في رحلة السفر، ويتفرق الثلاثي اليساري الذي لم يكن يحبني، ليتم نقل مديري إلى مكان آخر وينقطع الشخص الذي كتبت تقرير تعيينه عن العمل، ويصبح سكرتير الإدارة كاتبًا في القسم تحت رئاستي، يا سبحان الله... شعرت أن الله يحل لي مشكلتي