المثلث الغامض.. أسرار اختفاء 2000 طائرة فى وادى الموت بالولايات المتحدة
عندما يُذكر "مثلث برمودا"، يتبادر إلى الأذهان ذلك المثلث الغامض في المحيط الأطلسي الشمالي، حيث اختفت سفن وطائرات وأفراد في ظروف غامضة على مدى العقود، إلا أن القليل فقط من الناس يعرفون أن هناك ظاهرة مشابهة تحدث في الولايات المتحدة، تحديدًا في ولاية نيفادا، حسبما كشفت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
مثلث نيفادا الغامض الذى ابتلع 2000 طائرة أمريكية
وتابعت الصحيفة أن "مثلث نيفادا" يقع على مساحة تُقدَّر بحوالي 225 ألف ميل مربع، وتمتد حدوده بين لاس فيجاس ورينو في ولاية نيفادا، ومدينة فريسنو في ولاية كاليفورنيا، ومنذ أكثر من 50 عامًا، يُعتقد أن هذه المنطقة قد شهدت اختفاء ما يقرب من 2000 طائرة، بعضها لم يُعثر عليه مطلقًا، بسبب التضاريس الوعرة والجبال الشاهقة التي تجعل عمليات البحث صعبة بل ومستحيلة في بعض الأحيان، في منطقة أصبحت أشبه بوادي الموت.
ويعتقد الخبراء أن الطقس القاسي والتضاريس الجبلية الوعرة في سلسلة جبال سييرا نيفادا تلعب دورًا رئيسيًا في اختفاء هذه الطائرات.
ويؤكد "مارتن بيفيل"، رئيس ومؤسس شركة Fresno Flight Training لتدريب الطيارين، أن الطبيعة الجغرافية لهذه المنطقة تُشكل تحديات كبيرة للطيارين، حيث قال في تصريح لشبكة "فوكس26": "عندما تحلِّق الطائرات في مناطق مرتفعة، تنخفض قوة المحرك بسبب قلة كثافة الهواء، كما تتأثر قوة الرفع في الأجنحة، وتنخفض قدرة التسارع، وتفقد الطائرة الكثير من خصائص الطيران الأساسية عند الطيران في ارتفاعات عالية".
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم وجود بعض التفسيرات العلمية، لا تزال بعض الحوادث التي وقعت في مثلث نيفادا تُثير الحيرة، خاصة وأن بعض الطائرات التي تحطمت هناك لم يتم العثور عليها لعقود طويلة.
وأوضحت أن واحدة من أبرز الحوادث التي وقعت في مثلث نيفادا كانت اختفاء قاذفة القنابل "بي – 24"، أثناء الحرب العالمية الثانية، وفي 5 ديسمبر عام 1943، انطلقت الطائرة التي أطلق عليها اسم "لاكي لي" من قاعدة هامر فيلد في فريسنو، كاليفورنيا، في رحلة تدريبية ليلية كانت تمتد لمسافة 111 ميلًا فقط، تشمل التوجه إلى بيكرسفيلد ثم توسان، أريزونا، والعودة إلى القاعدة.
وكان على متن الطائرة طاقم مكوّن من ستة أفراد، بقيادة الطيار الملازم الثاني ويليس تورفي ومساعد الطيار روبرت إم هيستر"، كما شمل الطاقم كلًا من الملاح وليام توماس كرونين، والمفجر إيليس إتش فيش، والمهندس روبرت بيرسي، ومشغل الراديو هوارد أ. واندتك.
وأشارت إلى أن الطائرة لم تعد أبدًا، مما أثار حالة طوارئ وأدى إلى إطلاق عملية بحث واسعة النطاق شاركت فيها تسع طائرة “بي 24” أخرى، ولكن المفاجأة الكبرى حدثت في صباح اليوم التالي، عندما اختفت إحدى الطائرات المشاركة في البحث أيضًا.
لم يُعثر على الطائرة إلا بعد 12 عامًا، وتحديدًا عام 1955، عندما تم تفريغ مياه خزان هنتنجتون لإصلاح أحد السدود، ليظهر حطام الطائرة في القاع ومعه جثث أفراد الطاقم الذين بقوا داخلها.
وأكدت التحقيقات أن العواصف الشديدة والرياح العاتية كانت سببًا رئيسيًا في فقدان السيطرة على الطائرة وتحطمها.
أما بالنسبة للطائرة الأصلية، "لاكي لي"، فقد ظلت مفقودة لعقود طويلة، ما دفع والد الطيار المساعد، روبرت هيستر، إلى تخصيص حياته للبحث عنها. لكنه توفي عام 1959 بسبب أزمة قلبية دون أن يتمكن من معرفة مصير ابنه والطائرة.
وفي مفارقة عجيبة، تم العثور على حطام طائرة "لاكي لي" عام 1960، أي بعد 17 عامًا من اختفائها، وعلى بعد 100 ميل فقط من موقع تحطم الطائرة الثانية.
وبعد أكثر من ستة عقود على حادثة قاذفتي القنابل "بي 24"، ووقع حادث آخر أثار اهتمام العالم، وهو اختفاء المغامر الشهير ستيف فوسيت في مثلث نيفادا.
يُعرف فوسيت بأنه أول شخص يطير بمفرده حول العالم دون توقف على متن منطاد هوائي. لكن في 3 سبتمبر 2007، أقلع بطائرته الصغيرة بولاية نيفادا، ولم يُشاهد مرة أخرى.
أطلقت السلطات عملية بحث ضخمة استمرت أكثر من شهر، شاركت فيها فرق إنقاذ جوية وبرية، لكن دون العثور على أي أثر له أو لطائرته.
وفي مفارقة أخرى، أسفرت عمليات البحث عن العثور على حطام لعدة طائرات أخرى مفقودة منذ سنوات، لكن لم يُعثر على طائرة فوسيت.
بعد عام كامل، وتحديدًا في سبتمبر 2008، اكتشف أحد المتنزهين بطاقة هوية تعود لفوسيت، ملقاة في جبال سييرا نيفادا على بعد 65 ميلًا من موقع إقلاعه، وبعد بضعة أسابيع، تم العثور على حطام طائرته وبعض من عظامه، خلصت التحقيقات إلى أن الطائرة تحطمت نتيجة ارتطام قوي بالأرض، وتوقع الخبراء أن باقي رفاته قد تفرق بسبب الحيوانات البرية في المنطقة.
رغم تعدد النظريات حول مثلث نيفادا، لم يتم التوصل إلى تفسير نهائي للظاهرة، ويعتقد بعض العلماء، أن العدد الفعلي لحوادث التحطم في المثلث أقل مما يُشاع.
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم الجهود المستمرة لكشف أسرار هذه المنطقة، لا يزال مثلث نيفادا أحد أكثر المناطق غموضًا وخطورة للطيران في الولايات المتحدة، ما يجعله مصدر جذب لعشاق الألغاز والغموض، ومحط اهتمام الباحثين والخبراء في الطيران والمناخ.