سعيد شيمي في ندوة بمعرض القاهرة تستعيد مسيرة محمد خان السينمائية
شهد معرض القاهرة الدولي للكتاب ندوة خاصة لمناقشة الأجزاء الثلاثة من رسائل محمد خان إلى سعيد الشيمي، أدار الندوة الناقد والروائي محمود عبد الشكور، الذي حاور مدير التصوير سعيد الشيمي حول علاقته بمحمد خان والكواليس خلف الرسائل المتبادلة.
من الطفولة إلى الإبداع المشترك
افتتح سعيد شيمي الحديث باستعادة تفاصيل علاقته الطويلة بمحمد خان، التي بدأت منذ الطفولة حين جمعت بينهما السينما كحلم مشترك. "كنا نمثل الأفلام في بيوتنا، ونقيم الأفلام معًا حتى وصلنا لمرحلة بدأنا نفهم فيها ما هو الجيد وما هو السيئ"، هكذا وصف شيمي البدايات البسيطة التي مهدت الطريق لمغامرتهم في عالم السينما.
وأضاف أن خان، الذي ولد لأب باكستاني وأم مصرية، اضطر للسفر إلى لندن مع عائلته بعد أن تأثرت ظروفهم الاقتصادية في مصر في أواخر الخمسينيات. هناك، تخلى خان عن دراسة الهندسة وقرر الالتحاق بدراسة الإخراج، بينما أكمل شيمي مشواره في معهد السينما بالقاهرة، حيث بدأ حلمهما السينمائي يتخذ شكله الجدي.
رسائل تحمل بذور الإبداع
أشار شيمي إلى أن الكتاب يتضمن ثلاث أجزاء من الرسائل، ترصد مراحل مختلفة من حياة خان المهنية والشخصية، مشيرًا إلى أن هذه الرسائل لم تكن مجرد مراسلات شخصية، بل جسدت أحلام جيل بأكمله من عشاق السينما.
من بين اللحظات المؤثرة التي سردها شيمي كانت تجربة إنتاج فيلم قصير بعنوان البطيخة عام 1972، الذي أخرجه خان وصوره شيمي بجهود ذاتية. الفيلم، الذي لم يتجاوز 9 دقائق، عبّر عن معاناة الموظف البسيط في مصر، وكان بمثابة بذرة لأسلوب خان السينمائي الواقعي الذي ظهر لاحقًا في أفلامه الطويلة.
فيلم "ضربة شمس"
أشار شيمي إلى أن عودة خان إلى مصر في خريف عام 1977 شكلت نقطة تحول في مسيرته. بالتعاون مع نور الشريف، قدما فيلم ضربة شمس الذي فتح الباب أمام خان ليصبح أحد أبرز المخرجين في تاريخ السينما المصرية. ومن هناك، استمر خان في تقديم أعمال مميزة تجاوزت 22 فيلمًا، ما جعله أيقونة سينمائية خالدة.
رحلة إعداد الكتاب
في لحظة مؤثرة، تحدث شيمي عن الصعوبة النفسية التي واجهها أثناء استعادة هذه الرسائل. قال: "أصعب خمسة شهور في حياتي كلها وأنا أعمل على إخراج هذه الرسائل إلى النور، كنت أشعر بمسئولية كبيرة تجاه خان الذي كان يريد لهذه الرسائل أن ترى النور."
وأضاف محمود عبد الشكور، الذي قام بتبويب الرسائل والتعليق عليها، أن الكتاب يعكس جانبًا إنسانيًا نادرًا في حياة خان، ويكشف كيف كان شغوفًا بالسينما حتى في أصعب لحظات حياته.
أثر يتجدد مع الأجيال
أشار شيمي إلى أن أفلام خان لا تزال تجد طريقها إلى قلوب الشباب، وهو دليل على قوة الفن وقدرته على تجاوز حدود الزمن، موضحًا أن خان ظل عاشقًا لمصر طوال حياته وكان حلمه الدائم أن يعمل في الإخراج بمصر.
وأضاف أن هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة ليس مجرد مجموعة من الرسائل، بل هو نافذة على أحلام جيلين من السينمائيين، وسجل حي لتاريخ سينمائي وإنساني غني بالتفاصيل. محمد خان غاب بالجسد، لكنه حاضر بروحه وأفلامه التي ستظل شاهدة على عبقريته وشغفه الذي لا يُنسى.