رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"إخوان مخادعون".. بين الشعارات الدينية ومؤامرات التخريب

لا يمكن الحديث عن جماعة الإخوان المسلمين فى مصر دون الإشارة إلى التجربة الكارثية التى خاضتها البلاد تحت حكمهم، وكذلك الفترة التى تلت سقوطهم، إذ أثبتت تلك التجربة بما لا يدع مجالًا للشك أن هذه الجماعة لم تكن يومًا مشروعًا وطنيًا، بل كانت كيانًا يسعى للسلطة بأى ثمن، ولو على حساب استقرار الوطن ووحدة شعبه.

حين تولى محمد مرسى الرئاسة فى 2012، كان المصريون يأملون فى أن تقدم «الجماعة» نموذجًا جديدًا فى الحكم، يعكس تطلعات يناير نحو الحرية والعدالة الاجتماعية، لكنهم سرعان ما اكتشفوا أن الجماعة لا ترى فى السلطة وسيلة لتحقيق أهداف وطنية، بل تعتبرها غاية فى حد ذاتها، فقد عمل الإخوان على إقصاء الجميع، واحتكار السلطة بطريقة فجة، تحت شعار «الشرعية» الذى تحول إلى أداة لقمع أى صوت معارض.

والحقيقة، فالدستور الذى فرضوه فى 2012 كان دليلًا واضحًا على نواياهم، ولم يكن دستورًا يعبر عن إرادة الشعب، بل وثيقة مصممة لخدمة أجندتهم الخاصة، وعندما واجهوا احتجاجات شعبية على سياساتهم، لم يترددوا فى استخدام العنف ضد المتظاهرين، كما حدث فى أحداث قصر الاتحادية، فكيف يمكن لجماعة تدعى أنها تمثل «الإسلام السياسى» أن تتجاهل قيم العدل والشورى التى يدعو إليها الدين نفسه؟، وبعد أن أطاحت ثورة 30 يونيو 2013 بحكمهم، لم تستوعب «الجماعة» الدرس، بدلًا من أن تراجع نفسها وتعيد التفكير فى سياساتها، اختارت طريق العنف والفوضى، حيث أن العمليات الإرهابية التى شهدتها مصر فى السنوات التالية كشفت الوجه الحقيقى لهذه الجماعة، لقد أثبتت أنها مستعدة لإراقة الدماء من أجل العودة إلى السلطة.

وبعد الإطاحة بـ«مرسى» فى 3 يوليو 2013، أظهرت الجماعة وجهها الحقيقى، فبدلًا من قبول إرادة الشعب، لجأت إلى العنف والتخريب فى محاولة يائسة للانتقام من الدولة والشعب استخدمت الجماعة قنواتها الإعلامية وخطابات قياداتها للتحريض على العنف واستهداف الجيش والشرطة والمواطنين، ومن ثم تحولت مصر إلى ساحة لموجة من العمليات الإرهابية التى تورطت فيها خلايا مرتبطة بالإخوان، سواء بشكل مباشر أو من خلال تحالفات مع جماعات متطرفة مثل «أنصار بيت المقدس» و«داعش»، واستهدفت التفجيرات مؤسسات الدولة والمنشآت الحيوية والمواطنين الأبرياء.

ولجأ الإخوان إلى سياسة التخريب الممنهج، حيث استهدفت شبكات الكهرباء والسكك الحديدية والطرق لإحداث حالة من الفوضى وتعطيل حياة المواطنين، كما حاولوا استغلال المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الدولية لتقديم أنفسهم كضحايا، متجاهلين تورطهم فى العنف والإرهاب، واستخدموا الأكاذيب والادعاءات الملفقة للتأثير على صورة مصر فى الخارج.

وخلال تلك السنوات، انكشف الكثير من مخططات الإخوان التى كانت تستهدف هدم الدولة، إذ ظهرت أدلة على تواصل الجماعة مع جهات خارجية لزعزعة استقرار مصر، بما فى ذلك التنسيق مع قوى إقليمية معادية، بالإضافة إلى استغلال الشباب واستقطابهم إلى أعمال إرهابية تحت شعارات مضللة، مثل «الدفاع عن الشرعية».

إن جرائم الإخوان خلال فترة حكمهم وبعد سقوطهم ليست مجرد أخطاء سياسية، بل تعكس فلسفة كاملة تقوم على الاستغلال والانتهازية.

«الجماعة» استخدمت الدين لتحقيق أهداف سياسية أدت لكارثة، إذ إن الدين قيمة سامية يجب أن تظل بعيدة عن ألاعيب السياسة، ومصر التى عانت من انقسامات كبيرة بسبب هذه الجماعة، تستحق اليوم أن تلتف حول مشروع وطنى حقيقى، يقوم على المواطنة والعدالة والتنمية.

«الإخوان» ليسوا مجرد حركة سياسية أخطأت فى الحكم، بل مشروع خطير يهدد وحدة المجتمعات التى يتسللون إليها، التجربة المصرية معهم قدمت درسًا للجميع: لا يمكن الثقة بمن يخلط الدين بالسياسة لتحقيق أهداف ضيقة، فالوطن يحتاج إلى من يحبونه بصدق، لا من يتاجرون به.