كابتن نجيب محفوظ.. ذكريات هوس أديب نوبل بلعبة كرة القدم
يفتخر الأديب نجيب محفوظ أثناء حواره مع الكاتب رجاء النقاش، بكونه كان في يوم من الأيام "كابتن" في كرة القدم، ويكشف كواليس وأسرار هوسه بـالساحرة المستديرة، حتى دخوله عالم الجامعة وانشغاله بالأدب الذي ملأ حياته، حتى لم يستطع الالتفات إلى غيره.
وفي ذكرى ميلاده اليوم، الموافق 12 ديسبمر، نستعرض في التقرير التالي، لحظات من أسعد أيام نجيب محفوظ كأحد نجوم كرة القدم البارزين في طفولته.
كابتن نجيب محفوظ.. ذكريات هوس أديب نوبل بـ كرة القدم
يحكي أديب نوبل، لـ رجاء النقاش، في كتاب "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ"، عن مماسته لعبته المفضلة وهي كرة القدم قائلًا: كان من الممكن أن أكون من كبار لاعبي كرة القدم واستمر عشقي لها حوالي 10 سنوات متصلة، في أثناء دراستي بالمرحلتين الابتدائية والثانوية. ولم يأخذني منها سوى الأدب، ولو كنت داومت على ممارستها لربما أصبحت نجما من نجومها البارزين".
وبدأ نجيب محفوظ ممارسته لهوايته المفضلة، عند انتقال أسرته إلى العباسية، حيث يتذكر قائلًا: "كنت وقتذاك قد التحقت بالمدرسة الابتدائية، واصطحبني شقيقي ذات يوم إلى منزل صديق حميم له من عائلة الديواني، وهي عائلة معروفة، ومن أبنائها أطباء ومستشارون، وكان بيت هذا الصديق يطل على محطة للسكة الحديد، وعندما فرغنا من تناول الغداء اقترح أن يصطحبنا لمشاهدة مباراة في كرة القدم بين فريق مصري وآخر إنجليزي، وكم كانت دهشتي كبيرة عندما فاز الفريق المصري فقد كنت أعتقد حتى هذا الوقت أن الإنجليز لا ينهزمون حتى في الرياضة".
ويصف نجيب شعوره حينها: "رجعت يومئذ للبيت وذهني كله معلق بكرة القدم وبأسماء الفريق المصري الذي هزم الإنجليز".
وعلى الفور، قرر نجيب محفوظ ممارسة لعبة كرة القدم، وهو مفتونًا بأداء قائد الفريق وقتها، حسين حجازي، الذي وصفه بأنه "نجم مصر ذائع الصيت"، كما ألح على والده أن يشتري له كرة، حتى وافق.
من لعب الكرة بفناء المنزل إلى كابتن فريق قلب الأسد
يسترجع نجيب محفوظ، أسعد لحظاته، حينما بدأ لعب كرة القدم من فناء المنزل بمفرده محاولاً تقليد ما شاهده في تلك المباراة التي "خلبت عقله"، وبسرعة شديدة استطاع أن يتقن المبادئ الأساسية للعبة.
رجعت يومئذ إلى البيت وذهني كله معلق بكرة القدم وبأسماء الفريق المصري الذي هزم الإنجليز، وخاصة قائد الفريق حسين حجازي نجم مصر ذائع الصيت في ذلك الوقت، طلبت من والدي أن يشتري لي كرة، وألححت عليه حتى وافق، وبدأت أمضي وقتا طويلا في فناء المنزل ألعب الكرة بمفردي محاولا تقليد ما شاهدته في تلك المباراة التي خلبت عقلي، وبسرعة شديدة استطعت أن أتقن المبادئ الأساسية للعبة".
ويتذكر محفوظ "انضممت إلى فريق اسمه (التيمبل) في المدرسة الابتدائية، وهو فريق الصغار وكان يوجد فريقا آخر للكبار، كانت الدراسة الابتدائية في ذلك الوقت لا تلتزم بسن محددة للالتحاق بها، فكنت تجد أطفال في عمر الثامنة والتاسعة، وشبابا تجاوز العشرين ولهم شوارب كبيرة، ولذلك كان هناك فريق للكبار في نفس المدرسة".
وعن دوره في فريق كرة القدم في فريق التيمبل، لعب محفوظ في "مركز الهجوم" وتحديدا في الجناح الأيسر، قائلًا: رغم أنني لا أجيد اللعب بقدمي اليسرى، وكان ذلك المركز يحد كثيرًا من حركتي إلا أنني كنت هدافا للفريق، ولما انتقلت إلى مدرسة فؤاد الأول الثانوية تغير مركزي وأصبحت ألعب كقلب دفاع، أجدت في المركز الجديد لدرجة أن كثيرين ممن شاهدوني في ذلك الوقت تنبأوا لي بمستقبل باهر في كرة القدم وبأنني سألعب بأحد الأندية الكبيرة، ومنها إلى الأولمبياد مع المنتخب الوطني.
كما يتباهى نجيب محفوظ كونه أصبح كابتن فريق "قلب الأسد" الذي كونه مع أصدقائه في منطقة العباسية، أثناء دراسته الابتدائية، وكان مقره شوارع العباسية.
وعلى الرغم من ممارسته للعبة كرة القدم، إلا أنه مع الدخول إلى الجامعة، توقف عن اللعبة، وهو ما أثار دهشة جميع أصدقاءه في فريق الكرة، حيث انشغل لاحقًا بالأدب وابتعد عن عالم كرة القدم.
وهكذا اتجه محفوظ للكتابة، ونشر أول رواياته "عبث الأقدار" عام 1939، وكتب أكثر من 30 رواية ومئات القصص القصيرة، ومن أشهر أعماله الثلاثية وهم: بين القصرين، قصر الشوق، السكرية، وأبدع في أشهر رواياته "زقاق المدق"، ورواية "أولاد حارتنا" و"الحرافيش" وغيرها.