أسطى الأصالة| رمضان.. مِنجّد يدوى: لم أترك المهنة رغم التطور وورثتَها لأولادى
فى ذاكرة كل منا مشهد من الطفولة لا يزال محفورًا فيها، وهو مشهد المنجد الذى يجلس فى الساحات قبالة البيوت، أو على الأسطح ليصنع المراتب والألحفة والمخدات المحشوة بالقطن ناصع البياض، الذى يتم تجهيزه عبر ماكينة خضراء مليئة بالتروس الحادة.
ومن مشاهد الذاكرة فى الطفولة إلى واقعنا الحالى، لا يزال يجلس رمضان الخطيب ذو الـ٨٣ عامًا، أحد أقدم المنجدين بمحافظة كفرالشيخ، فى محله وسط أكوام من القطن الجديد والمستعمل ليمارس مهنته فى تنجيد المراتب والمخدات للعرائس وأيضًا فى تجديد المراتب القديمة، ويساعده فى ذلك نجله «أيمن» ذو الـ٤٠ عامًا الذى ورث المهنة عن والده بل وورثها لنجله «أحمد» أيضًا الذى يبلغ من العمر ٢١ عامًا. يحكى رمضان الخطيب، لـ«الدستور» عن تفاصيل عمله، قائلًا: «نستخدم أدوات بسيطة مثل المشط الخشبى والإبرة الكبيرة، وأعمل بدقة وعناية لتوزيع القطن بالتساوى داخل القماش».
وقال: «ما زلنا متفوقين فى تلك المهنة رغم التطور الصناعى وظهور الماكينات الحديثة، لكن يبقى تنجيد القطن اليدوى فى محافظة كفرالشيخ أحد الفنون التراثية التى لا تزال تحتفظ ببريقها الخاص».
وتحدث بحزن عن التحديات الحالية التى تواجه تلك المهنة، قائلًا: «أبرزها المنافسة مع المنتجات الصناعية منخفضة التكلفة وسريعة الإنتاج، إذ إن التنجيد اليدوى أصبح مهددًا بالاندثار بسبب قلة الطلب عليه، ومع ذلك نتمسك بهذه المهنة لأنها تراثنا وهويتنا، ولكن ورغم التحديات، يزدهر الطلب على التنجيد اليدوى فى مواسم معينة، خاصة عند تجهيز العرائس، إذ يُفضل الكثير من الأهالى اقتناء مراتب وألحفة يدوية لثقتهم فى جودتها وقدرتها على التحمل، كما أن المنتجات اليدوية تحمل طابعًا مميزًا يجعلها أقرب إلى القلوب مقارنة بالمنتجات الصناعية».
فيما عبر نجله «أيمن» عن سعادته لأنه ورث تلك المهنة عن والده، وأيضًا ورثها لنجله الذى أيضًا برع فيها وأحبها وأصبح حاليًا يمارسها بكل حرفية، قائلًا: «المهنة فى الوقت الحالى أصبحت مربحة وما زال لها زبائنها سواء من الجيل القديم أو حتى جيل الشباب الحالى الذى يرتاح فى المراتب التنجيد اليدوى».