حظر المعادن.. اشتعال الحرب التجارية بين الصين وأمريكا يهدد اقتصاد العالم
حذر خبراء من اشتعال الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن حظرت الصين تصدير المواد الأساسية المستخدمة في تصنيع مجموعة واسعة من المنتجات المتقدمة، بما في ذلك الهواتف الذكية والمركبات الكهربائية وأنظمة الرادار، ردًا على قرار بوضع قيود تصدير تشمل عشرات الشركات الصينية التي تصنع المعدات المستخدمة لإنتاج رقائق الكمبيوتر المتقدمة.
وأوضحت وكالة "أسوشتيد برس" الأمريكية في تقرير اليوم، أن واشنطن وبكين تستندان إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي فيما يتهم كل منهما الآخر بـ "تسليح" التجارة.
تسليح التجارة بين واشنطن والولايات المتحدة يهدد الاقتصاد
هذا فيما حذر المحللون من أن القيود الأخيرة بين الجانبين سيكون تأثيرها واسع النطاق على التصنيع في العديد من الصناعات وسلاسل التوريد.
وقالت جريسلين باسكاران وميريديث شوارتز من مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية، إن “الأمن المعدني” أصبح مرتبطًا بشكل جوهري بحرب التجارة التكنولوجية المتصاعدة بسبب قرار بكين حيث حظرت مواد معدنية مهمة للغاية، فيما سيعتمد التأثير الكامل جزئيًا على ما إذا كانت الصناعات الأمريكية قادرة على تعويض أي خسارة في الوصول إلى المواد والمعدات والمكونات المهمة استراتيجيًا.
وأوضحت الوكالة أن هذا التصعيد المتبادل قد يكون نقطة تحول في الصراع التجاري بين أكبر اقتصادين، في وقت كان من المتوقع فيه بالفعل أن تزداد وتيرة العداء بمجرد تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه، نظرا لتعهداته بزيادة التعريفات الجمركية على واردات المنتجات المصنوعة في الصين.
الصين تحارب الولايات المتحدة بحظر المعادن الحيوية
وبحسب التقرير حظرت الصين، صادرات الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون إلى الولايات المتحدة وهي معادن أساسية مطلوبة لصنع أشباه الموصلات المتقدمة، كما شددت بكين الضوابط على صادرات الجرافيت، الذي يستخدم في السيارات الكهربائية والبطاريات حيث تعد الصين أكبر مصدر لمعظم هذه المواد وتهيمن أيضًا على تكرير هذه المواد، والتي تستخدم في السلع الاستهلاكية والأغراض العسكرية.
وتشمل الحدود التي تم الإعلان عنها يوم الثلاثاء أيضًا صادرات المواد شديدة الصلابة، مثل الماس والمواد الاصطناعية الأخرى غير القابلة للضغط والكثيفة للغاية حيث يتم استخدامها في العديد من المجالات الصناعية.
وقال الخبراء إن الحظر المحتمل التالي من قبل الصين سيتضمن قائمة مواد مهمة مثل سبائك التنغستن والمغنيسيوم والألمنيوم.
وجاءت قرارات الصين بعد أن وسعت واشنطن "قائمة الكيانات" الخاصة بها للشركات التي تواجه ضوابط تصدير صارمة لتشمل 140 شركة أخرى، كلها تقريبًا مقرها في الصين أو مملوكة للصين.
الولايات المتحدة تبرر قيود التجارة ضد الصين
فيما قالت وزيرة التجارة الأمريكية جينا رايموندو إن القواعد المنقحة تهدف إلى إضعاف قدرة الصين على استخدام التقنيات المتقدمة التي "تشكل خطرًا على الأمن القومي الأمريكي"، كما تحد اللوائح المحدثة من صادرات شرائح الذاكرة عالية النطاق الترددي إلى الصين والتي تعد ضرورية لمعالجة كميات هائلة من البيانات في التطبيقات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي.
ومن المرجح أن يتم رفض تراخيص التصدير لأي شركة أمريكية تحاول القيام بأعمال تجارية مع الشركات الـ 140 المضافة حديثًا إلى "قائمة الكيانات"، فضلًا عن العشرات من الشركات الأخرى الموجودة بالفعل في القائمة.
كما وسعت واشنطن القيود المفروضة على صادرات تكنولوجيا أشباه الموصلات المتقدمة إلى شركات في دول أخرى، رغم أنها استبعدت الشركات في حلفاء رئيسيين مثل اليابان وكوريا الجنوبية وهولندا التي يُعتقد أن لديها ضوابط تصدير كافية خاصة بها.
وأوضحت الوكالة أنه بالنسبة للولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وغيرها من منتجي التكنولوجيا المتقدمة والمكونات، فإن الوصول إلى المواد ذات الخصائص مثل الموصلية العالية أمر بالغ الأهمية، حيث يستخدم الغاليوم والجرمانيوم في أشباه الموصلات المتقدمة بدلًا من السيليكون، كما أن المواد الخاضعة لضوابط التصدير الصينية هي من بين 50 مادة صنفتها هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية على أنها "معادن حرجة" وهي معادن ضرورية للأمن الاقتصادي أو الوطني الأمريكي.
وقدرت دراسة أجرتها هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية مؤخرًا التكلفة الإجمالية المحتملة للاقتصاد الأمريكي من الاضطرابات في إمدادات الغاليوم والجرمانيوم وحدهما بأكثر من 3 مليارات دولار، فيما تنتج الصين النسبة الأكبر من معظم المعادن المهمة، بينما تحاول واشنطن استغلال مصادر أخرى غير الصين، فقد شكلت "شراكة أمن المعادن" مع الاتحاد الأوروبي و15 دولة أخرى.
وسلطت زيارة الرئيس جو بايدن إلى إفريقيا منذ أيام الضوء على هذا الجهد كما حفزت الاضطرابات المحتملة في الإمدادات الجهود الرامية إلى استغلال رواسب الولايات المتحدة من المعادن النادرة وغيرها من المواد المهمة في جنوب شرق وايومنغ ومونتانا ونيفادا ومينيسوتا وأجزاء من جنوب غرب أمريكا.