مؤسس مهرجان «لازم مسرح»: عروض الدورة التاسعة تناولت مفهوم الهوية ما بعد الاستعمار
قال المخرج عادل عبدالوهاب، مؤسس مهرجان «لازم مسرح»، إن الدورة التاسعة من المهرجان، التى حملت عنوان «استرداد»، جاءت بالتزامن مع اضطرابات واسعة تحدث بالمنطقة العربية، مشيرًا إلى الحرص على استقطاب عروض عربية ودولية ملتزمة بالقضايا المسرحية والسياسية.
وأضاف «عبدالوهاب»: «تدور البرمجة الفنية حول مفهوم الهوية فى مرحلة ما بعد الاستعمار- colonial، سعيًا إلى استكشاف عمق هذا المفهوم وتأثيره على واقعنا المعاصر»، موضحًا: «بدأنا فى البحث عن عروض تتواءم مع هذا الطرح البرامجى، وبالفعل برمجنا عدة عروض تتناول هذه التيمة الفنية وتتنوع من حيث الشكل والوسيط الفنى والمعالجة. وقدمنا ثلاثة عروض لأول مرة فى مصر».
ولفت إلى أن العرض الأول هو «وجهات نظر» من سويسرا، ويتناول العنصرية المتغللة فى المجتمع الأوروبى تجاه السود والملونين، وكان العرض يمزج بين الحكى والرقص المعاصر ورقص «الهيب هوب»، أما العرض الثانى فهو عرض «استعمار» للفنان سليم جعفرى، وهو فنان جزائرى يعيش ويعمل فى بلچيكا وفرنسا، وقدم عرضًا مسرحيًا متميزًا، ينطلق من مسرحة المحاضرة، ويمزج بين أرشيفه العائلى من صور ووثائق وبين تغلغل مفهوم الاستعمار لغويًا فى الثقافة الفرنسية وربما الأوروبية، ويوضح أن الاستعمار ما زال مستمرًا فى البنية الأوروبية ولكن بوجه مبتسم.
وأشار إلى أن العرض الثالث هو «دريسنج رووم»، الذى عرض فى القاهرة فى مهرجان «وسط البلد للفنون المعاصرة- دى كاف»، ويناقش هذه التيمة من منظور نسوى فى غاية القوة والرهافة، والعرض من تمثيل الفنانة السورية حلا عمران، وإخراج الفنانة بيسان الشريف، ويمزج بين اللقاءات الشخصية المصورة مع نساء من أعمار مختلفة، ولكن يجمعهن تعدى عتبة الخمسين وهاجس التقدم فى العمر ورحلتهن مع الحروب والنضال والفقد وحب الحياة. ويتقاطع مع هذه الفيديوهات نص نسجه الدراماتورج وائل على، مع بيسان وحلا عمر، وأدته حلا عمران ما بين التعليق الصوتى والتمثيل والتشخيص، بلا تقمص، فقد كانت تتحدث للجمهور بلا إيهام مسرحى تقليدى.
ونوه بأن «التحديات دومًا هى إيجاد الدعم لدعوة العروض العربية، ونحاول أن نتغلب على ذلك بالحرص على وجود فنانين عرب ضمن الفرق الأوروبية»، مشددًا على أن اختيار العروض فى مهرجان «لازم مسرح» يكون بالبحث عن عروض تتقاطع مع التيمة التى يحددها المدير الفنى للمهرجان والقيم الفنية، وهى آلية تختلف عن آلية الدعوة المفتوحة، والتى تناسب المهرجانات الكبيرة.
وتابع: «نحن نبحث دائمًا عن الفرق المستقلة التى تعمل فى حقل المسرح المعاصر، على أن تكون رؤيتها المسرحية تنتمى لما يمكن أن نطلق عليه المسرح ما بعد الدرامى -Post dramatic theatre، وهو حديث نسبيًا، ويشمل العديد من أشكال العروض المسرحية».
وعن ورش العمل فى النسخة التاسعة بالمهرجان، قال مؤسس المهرجان إنها كانت متنوعة، موضحًا: «كانت هناك ورشتان للرقص المعاصر، وتولت التدريب فيهما الفنانة المصرية ومصممة الرقص المعاصر شيماء شكرى، وقدمت ورشة تقوم على استخدام إضاءة غير تقليدية على المسرح والرقص، وهذه الورشة كانت بالتعاون مع المهرجان الهولندى (الرقص على الحافة)».
وأضاف: «من أهم الورش هذا العام كانت ورشة طويلة على مدار ثلاثة أسابيع ضمن أحد مشاريعنا التدريبية، والتى تدعمها المؤسسة الثقافية السويسرية، تولى التدريب فيها اثنان من المدربين المسرحيين على ورش متخصصة فى الدراماتورجيا المسرحية القائمة على البحث، وكانت الورشة الأولى مع آلان ألبينفيلت، فنان ودراماتورج سويسرى، وتعرضت لمفهوم الجمهور والمسرح التفاعلى وحرية الجمهور وأدواره فى المسرح المعاصر، وتعد هذه الورشة متخصصة فى الدراماتورجيا المسرحية القائمة على البحث».
وتابع: «الورشة الثانية عمل الفنان المصرى سلام يسرى، مع الفنانين، على الخلق الجماعى وتطوير مشاهد فردية وجماعية وكيفية بناء عرض جماعى متعدد التخصصات Multi-disciplinary»، مشددًا على أن المهرجان يحاول أن يتفاعل مع جمهور معظمه من شريحة الشباب، وأن يمنحهم تجربة ملهمة فى المسرح.