توسيع دائرة الحرب ومواجهة الناتو.. ماذا يعنى تغيير بوتين العقيدة النووية الروسية؟
أكد الكرملين، اليوم الثلاثاء، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وافق على تعديل العقيدة النووية لروسيا، وذلك بعد الكشف عن موافقة الرئيس الأمريكي جو بايدن على ضرب أوكرانيا للأراضي الروسية بأسلحة أمريكية بعيدة المدى.
وسبق وقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في سبتمبر الماضي، رؤى حول التغييرات التي طرأت على العقيدة النووية الروسية الجديدة، موضحًا أن المهمة النووية "تتوسع" وحدد العديد من التغييرات عن العقيدة السابقة لعام 2020.
تفاصيل العقيدة النووية الروسية الجديدة
كذلك سبق وأكد نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف، في سبتمبر الماضي، أن روسيا تعمل على تحديث عقيدتها النووية ردًا على التدخل الغربي في الحرب المتصاعدة في أوكرانيا.
وأوضحت هيذر ويليامز مديرة مشروع القضايا النووية وزميلة بارزة في برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة، أن هذه التغيرات تؤكد أن روسيا تزيد من اعتمادها على الأسلحة النووية في محاولة لردع المساعدات الغربية لأوكرانيا، مشيرة إلى أن الغرض من العقيدة الجديدة قد لا يكون الردع فحسب، بل محاولة تقسيم الحلفاء الأوروبيين على أساس مدى استعدادهم لقبول المخاطر في دعم أوكرانيا.
وبحسب دراسة ويليامز نشرها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، كانت العقيدة النووية الأحدث لروسيا هي المبادئ الأساسية للسياسة العامة للدولة في الاتحاد الروسي بشأن الردع النووي لعام 2020، وقد أشارت إلى أهمية الردع النووي لضمان "سيادة روسيا وسلامة أراضيها".
وحددت العقيدة النووية الروسية أربعة شروط تستخدم روسيا بموجبها الأسلحة النووية، بما في ذلك تلقي بيانات حول هجوم صاروخي باليستي قادم؛ واستخدام الأسلحة النووية أو أي سلاح آخر من أسلحة الدمار الشامل ضد روسيا أو حلفائها؛ والهجمات على البنية الأساسية للقيادة والسيطرة والاتصالات النووية الروسية؛ والهجمات ضد روسيا بأسلحة تقليدية تهدد "الوجود ذاته" للدولة الروسية.
كما أشارت العقيدة إلى أهمية الأسلحة النووية لمنع "تصعيد الأعمال العسكرية وإنهائها بشروط مقبولة للاتحاد الروسي وحلفائه"، وتشير هذه اللغة، بحسب ويليامز، إلى جانب الخطاب في دوائر الدفاع الروسية، إلى أن روسيا ستعتمد على أسلحتها النووية ليس فقط عندما يكون بقاء الدولة في خطر، ولكن أيضًا عندما تكون منخرطة بالفعل في قتال تقليدي وتسعى إلى إكراه أو ترهيب دولة أخرى لإخضاعها.
وأشارت ويليامز إلى أن هذا العام شهد أكثر من 200 تصريح لقادة روس يشيرون إلى الأسلحة النووية في سياق الحرب في أوكرانيا، ومع تصاعد الصراع على الأرض، تصاعدت أيضًا التهديدات النووية الروسية، في الأشهر الستة الماضية وحدها، أجرت روسيا تدريبات عسكرية تتضمن أسلحة نووية تكتيكية مع بيلاروسيا، وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت عن التدريبات للجمهور الروسي، بالإضافة إلى ذلك، سحبت روسيا تصديقها على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية في عام 2023.
تداعيات تغير العقيدة النووية الروسية
وأوضحت ويليامز أن هناك أربعة اختلافات رئيسية على الأقل بين العقيدة النووية الروسية الجديدة وعقيدة 2020، أولًا، بدلًا من الإشارة إلى "الحلفاء" على نطاق أوسع، فإن العقيدة تذكر بيلاروسيا صراحة باعتبارها محمية بالمظلة النووية الروسية.
وتابعت: "ثانيًا أوضحت العقيدة الروسية لعام 2020 أن الأسلحة النووية يمكن استخدامها ضد الهجمات التقليدية "عندما يكون وجود الدولة في خطر"، وقالت إن الردع النووي "يضمن حماية السيادة الوطنية وسلامة أراضي الدولة" لكن تفسير بوتين للعقيدة الجديدة يتخلى عن هذه العبارة، ويصرح بدلًا من ذلك بأن الأسلحة النووية يمكن استخدامها ضد تهديد خطير لسيادتنا وهي عبارة أوسع وأكثر غموضًا".
وقالت إن بوتين بهذا يخفض عتبة الاستخدام النووي المحتمل بينما يزيد من الغموض حول متى سيتم استخدام الأسلحة النووية، ويشير إلى الاستعداد لتحمل مخاطر أكبر في الحرب في أوكرانيا ومحاولات لزرع عدم اليقين في أذهان خصوم روسيا.
ثالثًا تحمل العقيدة النووية الروسية الجديدة الدول الثلاثة التي تدعم الهجمات التقليدية على روسيا المسئولية، حتى لو لم تكن هي التي تنفذ الهجمات، ويستهدف هذا التغير بوضوح أعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" الذين يسلحون أوكرانيا وفق ويليامز.
وأخيرًا بحسب ويليامز نصت العقيدة السابقة على أن الأسلحة النووية يمكن استخدامها في حالة تأكيد البيانات على هجوم صاروخي باليستي قادم، ولكن العقيدة النووية الروسية الجديدة توسع أيضًا طبيعة الهجمات القادمة التي قد تبرر الاستخدام النووي لتشمل "الهجوم الجوي الفضائي"، مثل "الطائرات والصواريخ والطائرات بدون طيار".