"التجلد السحابى".. قصة الظاهرة التى ستسقط الثلوج بالقرب من المصانع هذا الشتاء
أظهرت دراسات حديثة أن التلوث الصناعي قد يكون له تأثير غير متوقع على الأحوال الجوية، ومن بين هذه التأثيرات وقوع ظاهرة لم تكن معروفة بشكل كامل حتى وقت قريب، وهي ما تعرف بظاهرة التجلد السحابي، وقد أثارت الاهتمام بسبب تأثيراتها المحتملة على الطقس المحلي والمناخ العالمي.
إذ تشير الأبحاث إلى أن التلوث الناتج عن المصانع والمناطق الصناعية يمكن أن يُسهم في تحويل السحب السائلة إلى سحب جليدية عندما تنخفض درجات الحرارة، ما يؤدي إلى تساقط الثلوج في مناطق قد لا تكون معتادة على هذا النوع من الأحوال الجوية.
ما هو التجلد السحابي؟
التجلد السحابي هي ظاهرة تحدث عندما تتفاعل جزيئات التلوث الدقيقة، مثل الدخان والجسيمات الملوثة المنبعثة من المصانع، مع قطيرات السحب السائلة، وذلك عندما تنخفض درجات الحرارة، تعمل هذه الجزيئات كأنوية للتجميد، ما يؤدي إلى تحول السحب السائلة إلى سحب جليدية، وتتشكل بلورات الجليد في السحب، ثم تسقط على الأرض في شكل ثلوج، قد يتسبب حدث واحد من هذه الظاهرة في تساقط ثلوج يصل إلى 15 ملم في مناطق واسعة، وهو ما يمكن أن يكون له تأثيرات كبيرة على البيئة المحلية.
الدراسة والنتائج العلمية
كان قد قاد دراسة ظاهرة التجلد السحابي فريق من جامعة تارتو في إستونيا بالتعاون مع جامعة ريدينغ في المملكة المتحدة، واستندت الدراسة إلى بيانات الأقمار الصناعية التي تم تحليلها للكشف عن تشكيلات سحابية جليدية مميزة، فضلًا عن تراجع تغطية السحب في المناطق التي تقع في اتجاه الرياح من المدن الصناعية في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا، وأظهرت هذه البيانات أن الجسيمات الملوثة الناتجة عن المصانع مثل المعادن، ومصافي النفط، والمصانع الأسمنتية، قد تلعب دورًا رئيسيًا في تحويل السحب السائلة إلى سحب جليدية.
كما أظهرت النتائج أن السحب الجليدية التي تنتج عن هذا التلوث تسهم في زيادة تساقط الثلوج في المناطق المحيطة، ما يؤدي إلى ظواهر جوية غير متوقعة، ووُجد أيضًا أن هذا النوع من السحب الجليدية يعكس 14% أقل من ضوء الشمس إلى الفضاء، ما يمكن أن يؤثر على درجات الحرارة الأرضية بشكل غير مباشر.
أحداث التجلد السحابي البارزة
كانت واحدة من أبرز حالات التجلد السحابي التي تم توثيقها كانت في منطقة صناعية في أمريكا الشمالية، حيث استمر تساقط الثلوج لمدة ثماني ساعات، وغطت مساحة تزيد علي 834 ميلًا مربعًا، وهو ما يعادل ضعف حجم مدينة لندن، كما كانت هذه الظاهرة نتيجة لتلوث الهواء الذي تسببت فيه المصانع في المنطقة، حيث أدى الدخان الناتج عن الأنشطة الصناعية إلى تشكيل سحب جليدية وسقوط الثلوج في منطقة لم تكن معتادة على هذا النوع من الطقس.
في هذا الصدد قال أحد خبراء جامعة ريدينغ: "هذا الاكتشاف مهم جدًا بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون بالقرب من المصانع، حيث يمكن أن يؤدي التلوث الناتج عن الدخان الصناعي إلى تحويل سحب المطر إلى سحب ثلجية، ما يسبب تساقط الثلوج بشكل غير متوقع في مناطق معينة"، وتابع أن هذه الظاهرة تفتح المجال لمزيد من البحث حول تأثير التلوث على الطقس المحلي والعالمي.
التأثيرات البيئية والمناخية
من المثير للقلق أن ظاهرة التجلد السحابي قد تؤدي إلى آثار بيئية غير محمودة على المدى الطويل، إحدى أبرز النتائج التي لاحظها العلماء هي أن السحب الجليدية تميل إلى عكس 14% أقل من ضوء الشمس مقارنة بالسحب العادية، ما يعني أنها يمكن أن تُسهم في زيادة درجات الحرارة على سطح الأرض، ففي الوقت الذي يعمل فيه التلوث على تساقط الثلوج في بعض المناطق، فإنه أيضًا يمكن أن يسهم في احتباس المزيد من الحرارة في الغلاف الجوي.
وتعتبر هذه الظاهرة جزءا من سلسلة التحديات البيئية الكبرى التي يواجهها كوكب الأرض بسبب التلوث الصناعي، حيث يعزز تلوث الهواء من تأثيرات الاحتباس الحراري وتغير المناخ، ما يزيد من تعقيد الوضع البيئي العالمي.