المخرج الفلسطينى رشيد مشهراوى: مصر منحتنا فرصة لإيصال أصواتنا إلى العالم
عبّر المخرج الفلسطينى رشيد مشهراوى، مخرج فيلم «أحلام عابرة»، الذى عرض فى حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، عن فخره وشكره لمصر على ما قدمته من دعم لبلاده.
كما وجه «مشهراوى»، فى حواره التالى مع «الدستور»، شكرًا عميقًا لإدارة المهرجان على اهتمامها بالفيلم الفلسطينى، ما يدعم ويقوى الوعى بقضية بلاده فى أذهان شعوب العالم، كاشفًا عن كواليس الفيلم الصعبة، بسبب قرب مواقع التصوير فى القدس القديمة وبيت لحم من أماكن تمركزات وحواجز قوات الاحتلال الإسرائيلى.
«مشهراوى» وُلد عام ١٩٦٢ فى مخيم «الشاطئ» للاجئين فى قطاع غزة، ويُعتبر أحد أبرز الأصوات السينمائية الفلسطينية. بدأ مشواره فى الثمانينيات، ومنذ ذلك الحين أخرج العديد من الأفلام التى تعكس واقع الحياة الفلسطينية، وتركز على قضايا اللجوء، والهوية، والصراع اليومى الذى يواجهه الشعب الفلسطينى.
وتــدور أحــداث فيلم «أحلام عابرة» حول طفل فلسطينى يدعى «سامى»، يبلغ من العمر ١٢ عامًا، ويأخذنا فى رحلة ليوم وليلة، رفقة عمه وابن عمه الأكبر، بحثًا عن طائره المفقود، وذلك من مخيم لاجئين فى الضفة الغربية إلى مدن فلسطينية مختلفة، بما فى ذلك بيت لحم والقدس القديمة وحيفا.
■ كيف تلقيت خبر عرض «أحلام عابرة» بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى؟
- فخور جدًا وسعيد بأن فيلمى فيلم افتتاح المهرجان، لأن الحدث يعد من أهم المهرجانات العربية والعالمية فى المنطقة، ومشاركة فيلمى فيه شرف لى ولأى فنان، لأن المهرجانات السينمائية تلعب دورًا كبيرًا وقويًا فى نقل وإيصال الرسائل المهمة إلى العالم كله، من خلال الأعمال المعروضة، ومعظم أفلامى عُرضت فى مهرجان القاهرة السينمائى من قبل، وسبق وحصلت على جائزة الهرم الذهبى عن فيلمى «حتى إشعار آخر». وفيلم «أحلام عابرة» تجربة سينمائية يتناسب اسمها مع أحلام الفلسطينيين.
■ ماذا عن ردود الفعل حوله؟
- رد فعل الجمهور بعد عرض الفيلم فى حفل الافتتاح وفى أول أيام المهرجان كان مبهرًا وغير متوقع بالنسبة لى، فقد تفاجأت بهذا الكم من الترحيب والثناء على الفيلم وقصته، وطالبنى البعض بتقديم المزيد من الأفلام التى تفضح الكيان الصهيونى وتقدم رؤية واضحة للوضع فى فلسطين، وأشكر الجمهور المصرى على هذا الاحتفاء الكبير بالقضية الفلسطينية وأفلامها السينمائية.
■ كيف ترى احتفاء المهرجان بالسينما الفلسطينية هذه الدورة ورفع شعار «فلسطين فى القلب»؟
- فى البداية أشكر النجم حسين فهمى على هذا الاهتمام الكبير الذى أولاه للسينما الفلسطينية ودعمه الكبير للقضية، وأرى أن هذه المشاركة الفلسطينية فى المهرجان مهمة للغاية، وأن تكون فلسطين هى محور المهرجان هذا العام، شرف كبير، ومصر بيتنا الثانى، كما أن المهرجان فرصة تسمح لصناع السينما الفلسطينيين بتوصيل الرسائل الإنسانية المتعلقة بالقضية عن طريق المشاركة والعرض خلال الفعاليات.
■ ماذا عن أفلام «من المسافة صفر»؟
- سعيد جدًا بمشاركة هذا العمل فى المهرجان، خاصة بعد ترشيحه لأكثر من مهرجان دولى ولجائزة الأوسكار ٢٠٢٥.
وأفلام «من المسافة صفر» مجموعة من الأفلام التى تم صنعها فى غزة، وهى معايشة حقيقية لما يحدث مع سكان القطاع، والمعاناة التى يتعرضون لها خلال الحرب التى يخوضونها مع الكيان المجرم، والأفلام الفلسطينية المعروضة فى المهرجان توثق للمقاومة بطريقة فنية مختلفة، وحرصنا على استخدام القوة الناعمة فى إيصال رسالة إلى كل العالم بالكوارث الإنسانية التى تحدث، وهذه المبادرة تحمل رسائل وطنية تبرز الهوية الفلسطينية بشكل لا يمحى، وأؤمن بأن السينما هى الصوت الذى أدافع به عن القضايا التى أعتنقها.
■ يضم «المسافة صفر» ٢٢ قصة من إخراج ٢٢ مخرجًا فلسطينيًا.. هل كانت هناك شروط معينة فى اختيار صناع الأفلام؟
- بالطبع، كانت لدينا معايير واضحة تمامًا لاختيار الأفلام وهى الفكرة، التى تقدم حكاية لم تقدم من قبل وتبتعد عن التقارير والتحقيقات المصورة والأخبار والأشياء التى شاهدها العالم خلال الأشهر الماضية، وأن يكون المخرج أو المخرجة فنانًا وموهوبًا وأن تكون الفكرة قابلة للتنفيذ، لأننا نقدم أفلامًا تشرح معاناة اللجوء وتنفذ تحت القصف، مع أشخاص يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة، ويصارعون لتدبير الطعام والماء لأسرهم، وهم نفس الأشخاص الذين ينفذون الفيلم.
■ بالعودة إلى فيلم «أحلام عابرة».. هل ترى أنه يدعو فى المقام الأول إلى إيجاد حل للمشكلة الفلسطينية؟
- السينما وظيفتها طرح التساؤلات وتقديم الواقع والخيال وليس شرطًا أن تجيب عن كل شىء، فلا أستطيع حل كل المشاكل، لكن وجدنا أنفسنا وتعرفنا عليها فى الفيلم. السينما ليست ردة فعل ولكن فعل ولا بد أن نوصل للجمهور أننا نعيش هذه الأوضاع، وهى تحمى الثقافة والوطن والتاريخ والهوية فى الذاكرة، فلا يستطيع أحد طمسنا طالما نقدم هذه المفاهيم فى رؤيتنا الفنية.
■ كيف كانت كواليس الفيلم؟ وما الصعوبات التى واجهتكم أثناء التصوير؟
- كواليس صناعة «أحلام عابرة» كانت صعبة للغاية، ففى فلسطين التصوير ليس سهلًا إطلاقًا ولا بد من تحضير أكثر من خطة مسبقة وخطط بديلة لمواقع التصوير، بالإضافة لصعوبة التحرك بالمعدات، لأنك لن تستطيع الوصول إلى أماكن كثيرة، خاصة فى بيت لحم والقدس، فهناك حواجز وجدار وليس مسموحًا لكل طاقم العمل الحضور فى اللوكيشن.
ورفضت الحصول على تصاريح من الكيان الصهيونى لتصوير الفيلم كى لا يمنحهم ذلك الشرعية أو أنهم اليد العليا التى تمنح وتمنع، ولو حصلت على هذه التصاريح فإننى أعطيه شرعية أن القدس له، وهو ما أرفضه تمامًا، وكنت مدركًا منذ البداية أن الفيلم سيواجه صعوبات كثيرة مثل صعوبات تصوير المشاهد الخارجية، فى ظل الحرب وانتشار القوات الإسرائيلية، بالقرب من مناطق التصوير، وشهدنا صعوبات فى التصوير بأحياء القدس القديمة والمخيمات، مثل حيفا، ولكن عرفنا كيف نتعامل مع الصعوبات جيدًا وتجاوزناها جميعًا حتى خرج الفيلم إلى النور وسعيد بأننى أنجزت الفيلم فى هذه المدة رغم هذه الصعوبات، لكن كان لدىّ إصرار كبير على نقل الواقع والمشاهد الحقيقية للجمهور، لأن السينما مرآة الواقع.
■ لماذا استخدمت الحمامة كرمز للتعبير عن الضياع؟
- الفيلم يميل فى أسلوبه إلى استخدام الرمزية بشكل كبير، وهو يأتى بعد تجارب كثيرة ومختلفة، ويعتقد البعض أن الحمام يرمز للسلام، ولكن قصدت من خلال الفيلم استخدام الحمامة كرمز يمثل رحلة البحث عن فلسطين كوطن وعن الجمال بداخلنا رغم ما يحاوطنا من قبح ودمار.
■ لماذا حرصت على أن تكون نهاية الفيلم مفتوحة؟
- «أحلام عابرة» ليس نهاية بالنسبة لى، ولكنه بداية لسلسلة جديدة من الدعم للقضية الفلسطينية، فالقضية لم تنته، ونهاية الفيلم معبرة جدًا وتوضح أن القضايا ما زالت مستمرة، والسينما لا بد أن تترك مساحة من التفكير والتخيل للجمهور، فالفيلم بالنسبة لى طريقة للمحافظة على فلسطين وتحدٍ كبير لإظهار معاناة الشعب الفلسطينى وصموده فى رحلة البحث عن الهوية.