هل يعني فوز كامالا هاريس نقطة تحول في مستقبل الشرق الأوسط وإفريقيا؟
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، تقود المصالح الكبرى للأعمال التجارية – خاصة تجار السلاح ولوبي النفط والوقود الأحفوري – منافسة شديدة بين المرشحين، وأثارات هذه الصراعات على النفوذ صداماً بين الفئات الاقتصادية والسياسية المؤثرة داخل الولايات المتحدة، حيث يتمحور الخلاف الرئيسي بين المواقف التي يمثلها الرئيس السابق دونالد ترامب وبين نائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس، التي تستعد لسباق الانتخابات بحضور لافت.
السؤال الأكثر أهمية هو، هل يعني فوز كامالا هاريس نقطة تحول في مستقبل الشرق الأوسط وإفريقيا؟.
تصعيد عدم الاستقرار العالمي
خلال فترة إدارة الرئيس جو بايدن، برزت سياسات أميركية أثارت جدلاً على الصعيدين الداخلي والدولي، وقد رأى آرون ديفيد ميلر (باحث أول في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، حيث يركّز على السياسة الخارجية الأميركية) في تقرير نشر عبر موقع"كارنيغي": "أن هذه الإدارة هي الأضعف في تاريخ الولايات المتحدة المعاصر، واتخذت هذه السياسات منحى محافظًا نوعاً ما تجاه البيئة وقضايا المناخ، في حين أنها أظهرت بعض التحفظات إزاء التدخلات العسكرية".
وقال ميلر: "لم يحصد الشرق الأوسط وإفريقيا أي استقرار جديد من هذه السياسة، بل إن بعض السياسات، مثل الانسحاب السريع من أفغانستان، أدت إلى اضطرابات إضافية عانت منها تلك المناطق بشكل كبير".
في المقابل، تركت فترة ترامب إرثًا من عدم الاستقرار الإقليمي، ولكن بأسلوب مختلف، إذ تقول الخبيرة السياسية كريستين فونتينروز( مديرة مبادرة "سكوكروفت" الأمنية للشرق الأوسط في المجلس الأطلسي) في تصريحات له عبر(DW): "اتسمت فترة ترامب بسحب العديد من القوات العسكرية وتجنب التصعيد المفرط في بعض المناطق".
وتابعت: "غير أن فوز كامالا هاريس قد يعكس تحولًا مقلقًا نظرًا لتوجهاتها المتشددة تجاه قضايا حقوق الإنسان والبيئة، وهي قضايا غالباً ما تستخدم كأوراق ضغط لتعزيز النفوذ الأميركي، ما يفتح المجال أمام سيناريوهات معقدة لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا".
مصالح النفط والسلاح وتباين الرؤى بين المرشحين
تُعتبر قضية النفط والوقود الأحفوري من بين الملفات الساخنة في الحملة الانتخابية، حيث تختلف مواقف ترامب وهاريس بشكل جوهري. يمثل ترامب مصالح لوبي النفط والفحم الصخري، مما يعني انفتاحاً على التجارة الحرّة ودعماً مباشراً للشركات التي تروج للوقود الأحفوري، ما قد يخفف من بعض القيود البيئية الصارمة التي فرضتها إدارة بايدن.
أما كامالا هاريس، فتقف في صف الإجراءات البيئية الصارمة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تقليص تدريجي لدعم الوقود الأحفوري، وخصوصاً الصخري، ما يثير قلق بعض الشركاء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذين تعتمد اقتصاداتهم على صادرات النفط والغاز.
وخلال خطاب قبول "هارس" في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، تطرقت إلى قضية التغير المناخي،وتطرق حديثها عن "حرية استنشاق الهواء النظيف، وشرب الماء النقي، والعيش في بيئة آمنة من التلوث المتسبب في تفاقم أزمة المناخ".
في المقابل، رفع ترامب شعارات مثل "احفر، حبيبي، احفر" خلال خطاب قبوله في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، مؤكداً عزمه على إلغاء ما وصفه بـ"الاحتيال الأخضر الجديد"، كما تعهد بتوسيع إنتاج الوقود الأحفوري، مثل النفط والغاز الطبيعي والفحم، وإلغاء أجزاء أساسية من قانون المناخ الصادر عام 2022.
تأثير الانتخابات على قضايا الشرق الأوسط وإفريقيا
بالنظر إلى تباين الرؤى بين ترامب وهاريس، يبدو أن الشرق الأوسط وإفريقيا قد يواجهان تحديات مختلفة بناءً على نتيجة الانتخابات، بحسب تصريحات البروفيسور ميتر، المؤرخ البريطاني الذي يدرس العلاقات الأمريكية الآسيوية في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، نشرت له عبر (BBC)، إذ يري أنه في حالة فوز هاريس، قد يتصاعد الضغط على الحكومات الشرق أوسطية بشأن بعض القضايا، ما قد يؤدي إلى توتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وبعض الدول الحليفة في المنطقة.
أما فوز ترامب، فيري "ميتر" أنه قد يعني توجه أكثر انفتاحًا نحو التعاون الاقتصادي المتبادل القائم على المصالح النفطية والأمنية.
تأثر الشرق الأوسط وإفريقيا
يتسم السباق الانتخابي الحالي في الولايات المتحدة بتأثيرات عميقة على مستوى العالم، خاصةً في الشرق الأوسط وإفريقيا.
ومع دخول الانتخابات الأميركية مرحلة حرجة، يظل التساؤل قائماً حول أي المرشحين سيحقق رؤية مستدامة للشراكات العالمية في ظل التحديات البيئية والاقتصادية، ومع تداخل المصالح بين النفط والسلاح، يبقى المستقبل الإقليمي معلقاً بنتائج هذه الانتخابات التي قد ترسم ملامح جديدة للصراعات والنفوذ في الشرق الأوسط وإفريقيا.