الباحث العراقي خزعل الماجدي يكشف عن تفاصيل أحدث كتاباته (خاص)
عن مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع، صدر اليوم الثلاثاء، أحدث مؤلفات الباحث العراقي دكتور خزعل الماجدي، تحت عنوان: “الدين - مدخل لفهم ماهية وعلم وتأريخ الأديان”.
وفي تصريحات خاصة لـ “الدستور”، كشف خزعل الماجدي عن ملامح كتابه الجديد، مشيرا إلي: "مازال الدين يشكّل لغزًا عصيّ التفسير بخصوص معرفة أسراره العميقة وقدرته الكبيرة على التأثير في حياة الشعوب والحضارات. وقد حاول علم الأديان تقصّي طبيعة الدين ومكوناته وخرج بنتائج جيدة لكنه مازال بحاجةٍ لكشف الأسرار العميقة فيه.
وتابع “الماجدي”: ربما تنشأ الصعوبة من كون الدين يحتشد بالمقدّس، والذي هو مقاربة خاصة للمطلق، وهنا يصعب اكتناه ذلك المطلق حسب التصورات الدينية فهي تصف صفاته لكنها لاتقترب من طبيعته.
كان عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركهايم قد فتح إطلالةً جديدة لتعريف الدين عندما فصل بين عالمين مختلفين هما “المقدّس والدنيويّ” فقد عرف الدين كنظام متسق من المعتقدات التي تدور حول موضوعات مقدسة يجري عزلها عن الوسط الدنيوي وتحاط بشتى أنواع التحريم، وهذه المعتقدات والممارسات تجمع كل المؤمنين والعاملين بها في جماعة معنوية واحدة تدعى الجماعة أو الكنيسة أو المِلّة، وهي جماعة المؤمنين بهذا الدين أو ذاك.
توسعت هذه النظرة عند رودولف أوتو في كتابه “فكرة المقدّس”، ثم ميرسيا إلياد في “المقدّس والدنيوي”، لكن الأمر مازال بحاجةٍ للتوسع والتعميق أكثر وأكثر.
وشدد “الماجدي” علي: هذا الكتاب “ما الدين؟” يحاول فكّ اللغز من جهته، ويطلّ اطلالة جيدة على هذا الموضوع ويخرج بنتائج مناسبة.
خزعل الماجدي والنقد الذوقي
وتابع “الماجدي” كما صدر لي كتاب في النقد بعنوان “النقد الذوقي”، وهو نوعٌ من النقدِ الذي يُمارسُهُ الجميعُ بدرجاتٍ متفاوتةٍ، حيثُ يتداولُهُ الناسُ والشعراءُ والأدباءُ وغيرُ المختصينَ بشكلٍ عفويٍّ وبلا قصدٍ، وفقَ تذوقهم المباشرِ والصريحِ. يتجلى هذا النوعُ من النقدِ بلغةٍ وحساسيةٍ خاصةٍ، تبتعدُ نسبيًا عن اللغةِ الأكاديميةِ أو المدرسيةِ أو الأدبيةِ المعروفةِ، وتتصاعدُ مع رغبةِ من يقومُ بهِ في جمعِ وخلطِ خبراتِ الكتابةِ وتذوقِ النصوصِ في متونٍ فريدةِ التشخيصِ وفريدةِ اللغةِ.
يرى البعضُ أنَّ دورَ الذوقِ يتراجعُ كلما ارتقى النقدُ وأصبحَ موضوعيًا واتجه نحوَ الوسائلِ العلميةِ الدقيقةِ، وقد يكونُ هذا صحيحًا. فالنقدُ الأدبيُّ، بشكلٍ عامٍّ، قد يتحولُ إلى أداةٍ جامدةٍ عندَ فحصِ النصوصِ الأدبيةِ ذاتِ الطابعِ النفسيِّ والروحيِّ المنبثقِ من الذوقِ وليس من الفهمِ والمعرفةِ والعلمِ. وهنا يأتي دورُ الذوقِ المشتركِ بينَ النقدِ والنصِّ الأدبيِّ لكي يتبادلا الانسجامَ والطبيعةَ، وهو ما نسميهِ بالنقدِ الذوقيِّ.
ويوضح خزعل الماجدي": لقد توصلنا في مجالِ الفنونِ إلى القولِ بأنَّها لغةُ الحواسِ، وأنَّ طرقَ التعبيرِ عن الفنونِ لا بدَّ أن تمرَّ عبرَ الحواسِ أولًا ثم يتمَّ إدراكُها وتنظيمُها عقليًا. أما حينَ نحاولُ التعبيرَ عنها من خلالِ العقلِ واللوجوس، فإنَّها تفقدُ وظيفتها الجماليةَ. وكذلك الحكمُ عليها نقديًا، فلا بدَّ أن يبقى في مستواها الحسيِّ ولا يُربِكُ نقاءَها وطراوتَها بالعقلِ والعلمِ. وينطبقُ هذا تمامًا على الأدبِ.
كتابُنا هذا في النقدِ الذوقيِّ يحاولُ تسليطَ الضوءِ على هذا النوعِ من النقدِ، ويعززُ ذلك بنصوصٍ نرى أنَّها تسعى في هذا الاتجاهِ.