رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

12 محاضرة للباحث العراقي خزعل الماجدي

التفاصيل الكاملة لـ "رحلة جلجامش إلى بلاد الفايكنج"

من إحدي المحاضرات
من إحدي المحاضرات

رحلة جلجامش إلي بلاد الفايكنج، عنوانُ سلسلةِ الندوات التي قدمها الباحث العراقي دكتور خزعل الماجدي، الباحث في تاريخ وعلوم الحضارات والأديان والأساطير، خلال الفترة بين 7 – 21 سبتمبر 2024 في السويد.

اختارت العنوان وأشرفت على رعاية الندوات والمحاضرات، جمعية رامسين الثقافية بالتعاون مع جمعيات ثقافية أخرى في السويد، فتنوعت سلسلة تنويرية من المحاضرات والندوات والنقاشات المفتوحة في أهم المدن السويدية.

قبلها بإسبوع كان المحاضر قد زار أوسلو في النرويج، وقدم أربع محاضرات بهذا الإتجاه وتحدث فيها عن أول الحضارات البشرية ومدنها وملاحمها وأساطيرها، وخصوصًا في وادي الرافدين حيث فجر حضارة الإنسان بما قدمته للبشريةِ من علومٍ وفنونٍ وآداب وملاحم.

جولته في السويد أكملت زيارته لأرض الفايكنج القديمة، وقدم فيها إثنا عشرَ محاضرةً، خمسةٌ منها في ستوكهولم العاصمة ومحيطها، وأربعة منها في ننشوبنج ويونغشوبنج وخوفدي ويوتوبوري، وثلاثة في مالمو. 

محاضرات شمال السويد وستوكهولم الخمسة

انطلقت محاضرته الأولى في ستوكهولم، حيث استضافه النادي الثقافي الاشوري في بلدية بوتشيركا، وكانت محاضرته بعنوان “الحضارة الآشورية..البدايات والنهايات مع موجز عن منجزاتها الحضارية” قدمه فيه عمانؤيل خوشابا مدير جمعية رامسين الثقافية، وتناول فيها موجز تأريخ وعناصر الحضارة الآشورية ومنجزاتها، وبدايات الحضارة الآشورية وصعودها، نهايات الحضارة الآشورية وغروبها بعد هبوط العناصر المعنوية والمادية وانهيارها.ثم الإستنتاجات والعِبر والدروس من هذه النهاية.

المحاضرة الثانية أقامتها الجمعية الآشورية في سودرتاليا، وأدارها عمانؤيل خوشابا كانت بعنوان “حضارات وادي الرافدين الأساسية شروقها ومنجزاتها وغروبها”. قدم فيها الماجدي شرحًا وافيًا عن ثقافات ما قبل التاريخ في وادي الرافدين وشرحا موجزا عن الحضارات الأربع الأساسية في وادي الرافدين: السومرية، الأكدية، البابلية، الآشورية، والحضارات الأربع المشتركة بين وادي الرافدين ومايجاوره وهي: الآمورية، العيلامية، الحورية، الآرامية، وهو منهج جديد درج عليه المحاضر في تقسيم حضارات الرافدين، واختتمها بالحديث عن وادي الرافدين من سقوط بابل إلى ظهور بغداد 1100 سنة.

المحاضرة الثالثة كانت في قاعة تابعة لكنيسة السريان الأرثودوكس قدمه فيها فارس إبراهيم، وكانت بعنوان “نساء عظيمات من وادي الرافدين”، تناول القسم الأول منها المرأة في وادي الرافدين في عصور ما قبل التاريخ، مابين العصر الأمومي (العصر الحجري الحديث 8000- 5000 ق.م)، والعصر الأبوي (العصر الحجري النحاسيّ 5000- 3200 ق.م)، في الأقسام المتبقية تناول وضع النساء في وادي الرافدين من سومريات وأكديات وبابليات وآشوريات.

وعكست الأختام واللقى الأثرية مشاركة المرأة في الأدب وفي العزف والغناء على الآلات في مختلف عصور حضارات وادي الرافدين، فالسومريات لهنّ الحق بامتلاك الإماء والبساتين والأرض والماشية والأملاك الأخرى ولها حقوق الشراء والبيع وامتلاك وإعتاق الخدم والعبيد، ولها حق إبرام العقود. وللمرأة الحق برفض من يتقدم لها، ولها الحق بالحصول على مؤخر الطلاق. تميزت المرأة بمهنة الغناء والعزف وخاصة لعازفي المعابد، وتعد من المهن المرموقة وإلا لما ذُكر تميز الملك شولكي ثاني ملوك سلالة أور الثالثة بإجادته العزف والغناء وهو الملك.

المحاضرة الرابعة كانت عن سموّ وتألق الحضارة الآشورية، قدم المحاضر فيها الدكتور جابريل دنخو في قاعة الجمعية الثقافية الآشورية في أسكلستونا، أوضح المحاضر أن الحضارة الآشورية بدت وكأنها آخر حضارة رافدينية، بالمعنى العملي، فقد ورثت نتائج الحضارات السومرية والأكدية والبابلية، ولذلك جمعت خلاصات ومصول هذه الحضارة وخلطتها مع بعضها لتخرج بمصل جديد ونكهة جديدة. وأعطتهم الإحساس القوي بأن الهجوم هو أفضل وسائل الدفاع فرط ما عانوه من هجمات وهيمنة الشعوب التي حولهم ومنهم شعوب وادي الرافدين. فكان ذلك مدعاة لنهضة قوية في جميع المجالات الحضارة وتحت قوة عسكرية ودينية عظيمة.

أما المحاضرة الخامسة فقد كانت في الجمعية المندائية في ستوكهولم بعنوان “بدايات ونهايات العالم والإنسان في الديانة المندائية”، قدمه فيها صلاح العوفي وتضمنت مقدمة تمهيدية عن علمي البدايات والنهايات، وعن بدايات ونهايات العالم والإنسان اعتمادًا على النصوص الدينية وخصوصًا ماورد في الكنزا ربّا، واعتمدت على منهج البحث العلمي في علم الأديان بالتحليل والشرح حيث قام الماجدي بتحليل علمي دقيق لكل مجريات الخليقة الأولى للعالم والإنسان، وكذلك النهايات الأربع للعالم ومنها النهاية القادمة والاخيرة عن طريق العصف والريح.

محاضرات وسط السويد الأربعة

انتقل جلجامش في رحلته لوسط السويد وكانت محطته الأولى في 12 سبتمبر هي مدينة لينغشوبنج، جمعية رامسين الثقافية بمحاضرة “علوم الآشوريين”، التي قدمه فيها عمانؤيل خوشابا، حيث شرح المحاضر أنواع العلوم الرياضية والطبيعية الهندسة، الفلك، الطب، التقنيات الفيزيائية، الأحياء، الكيمياء. والإنسانية التاريخ، الحضارة، الجغرافيا، التخطيط الحضري، التربية والتعليم، المكتبات، التي قدمها الآشوريون للعالم.

المحطة الثانية وسط السويد كانت في مدينة خوفدي في النادي الآشوري الذي استضافها في قاعة بارك ستونا في لقاء مفتوح وحر بين سؤال وجواب مع المفكر خزعل الماجدي، حيث شملت المواضيع التي دارت حول الحضارات والثقافات والأديان وتأريخها وبداياتها ونهاياتها ومواضيع آخرى.

وفي مدينة يونغشوبنج استضافت جمعية طور عابدين الآشورية محاضرة “فنون الآشوريين”، التي شرح فيها المحاضر الكثير من جوانب فنون العمارة والنحت والرسم والفنون الصغرى، ثم فنون الزخرفة والديكور والملابس والأزياء والحليّ، وفنون الغناء والموسيقى والدراما الدينية في أعياد الأكيتو. وقد حفل عرضه بالشواهد والأمثلة والصور الكثيرة لهذه الفنون، وأغنى الجمهور محاضرته بالحوار والمناقشات.

أما في مدينة يوتوبوري فقد استضافت الجمعية الآشورية محاضرة “تراجيديا سقوط الحضارة الآشورية” وقدم المحاضر وأدار المحاضرة عمانؤيل خوشابا، حيث ركّز الماجدي على السنين الأخيرة من عمر الحضارة الآشورية وكيفية سقوطها المفاجئ وغير المتوقع، مبينًا الأسباب الداخلية لهذا السقوط وأهمها المناخ حيث حلّ الجفاف والقحط في المناطق المحيطة بالمدن الاشورية المهمة وحلول المجاعة التي أهلكت الجيش الآشوري وعدم قدرتها على ممارسة الدفاع عن المدن، وكذلك ضعف الملوك الاربعة الاخيرين وفساد بلاطهم، وجاء الضربة المدمرة من التحالف الرباعي بين الميديين والبابليين والإسكيثيين والكيمريين حيث دخلوا نينوى واحرقوها واهالوا التراب على مرافقها.

محاضرات جنوب السويد الثلاثة

انتقل جلجامش في رحلته لبلاد الفايكنغ لجنوب السويد حيث مدينة مالمو، وهنا أحيا دكتور خزعل الماجدي ثلاث أمسيات ثقافية، فقد قدم محاضرة “الحرب الدافئة بين عالمي القطبية الواحدة والقطبيات المتعددة” التي قدمه فيها دكتور حسين الأنصاري، حيث تناول بشكل سريع تطور الحضارات عبر التاريخ وصولًا للمرحلة المعاصرة التي نحن فيها وكيفية تفرد الولايات المتحدة بقطبية واحدة في قيادة العالم، وامكانية نشوء قطبيات جديدة تقود العالم معها مركزًا على الصين وروسيا والهند واليابان والبرازيل وأوربا الغربية، فهي الأقطاب المرشحة القادمة. ورأى أن هذه الأقطاب الستة التي ذكرها ستنمو وسيتوسع نفوذها وأهميتها وستتطور شعوبها ويزداد تمسكها بالعلم وبتراثها الخاص معًا، وسينتج عن هذا ظهور حضارات قومية قائمة على أساس العلم ( وليس الدين كما في الحضارات القديمة ). أما ماتبقى من شعوب الأرض فستحاول النهوض والوصول لمستوى القطبيات التي ذكرها ولحالة من اقامة حضارات جديدة قومية علمية لكن الأمر غير مضمون وسيحتاج لقرون وقرون من العمل والنجاح.

المحاضرة الثانية كانت في النادي الثقافي المندائي في مالمو حيث قدمه يحيى الأميري في محاضرة “حوار وصراع وصدام الحضارات عبر التاريخ”، حيث تعرض خزعل الماجدي لتوضيح مصطلحات: ثقافات، أديان، حضارات، ثم عرض طبيعة حوار، صراع، صدام، في تاريخ البشرية منذ عصور ما قبل التاريخ ثم العصور التاريخية القديمة والوسيطة والحديثة والمعاصرة. وتعرض لمستقبل العلاقة بين الحضارات وتفعيل حوار الثقافات من خلال وسائل الإتصال والتواصل الإجتماعية، وكيفية معالجة التعصب العرقي والثقافي.

المحاضرة الثالثة في مالمو كانت في 21 سبتمبر “الانقلاب الذكوري وتداعياته في الحضارات والأديان” في منتدى قهوة وكتاب، حيث قدمه المخرج المسرحي كريم رشيد، وتحدث المحاضر عن نشأة الدين الماترياركي في العصر الحجري الحديث ( نيوليث)، ثم الإنقلاب الذكوري (الباترياركي ) في العصر الحجري النحاسي (كالكوليث)، ثم الباترياركية في الأديان والحضارات القديمة، والوسيطة والحديثة والمعاصرة.

وخلص “الماجدي” إلى أن الإنقلاب الذكوري حدث ما قبل تاريخي استمر تصاعده منذ 5000 ق.م ووصل لقمته في حدود 1500 م ثم بدأ بالهبوط بشكل بطيء حتى 1945 م وبعدها تسارع في الغرب ومازال يهبط هناك وفي الشرق بدأ أول خطوات الهبوط. وأن العوامل التي كرست هذا الإنقلاب وجعلته مستمرًا هي الأديان التقاليد الإجتماعية المتوارثة، القبائل، الحروب، التخلف... إلخ).

ولابد من عملٍ دؤوب وتدريجيّ في طروحاته حسب طبيعة المجتمعات من أجل توفير فرصة النجاح الأفضل له. والوعي التاريخي بخطورته ومسبباته والإطلاع على تاريخ اضطهاد المرأة، وعلى العلوم المصاحبة مثل علوم الجنس والجندر والنسَوية، أمور كفيلة بتقبل الدفاع عن المرأة وحقوقها.

والعمل على ثقيف الرجال قبل النساء في هذا الأمر والبداية تكون من الأسرة والمدرسة قبل كلّ شيء. على الدول والحكومات دعم حقوق وحرية المرأة.وعدم الغلوّ والتطرف من قبل النساء والرجال في جعل الأمر وكأنه حرب اجتماعية ضارية ونافية لحقوق وبعضهما. وأن التوازن الحضاري بين النساء والرجال الماترياركية والباترياركية، هو الكفيل بنيل حقوق ومكانة كلٍّ منهما في الحياة الإجتماعية المعاصرة. وكانت هذه المحاضرة هي المحاضرة الأخيرة، الثانية عشرة في برنامج رحلة الدكتور خزعل الماجدي إلى السويد.