رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كل ما تريد معرفته عن الأرثوذكسية الرومية في أفريقيا

الأرثوذكسية الرومية
الأرثوذكسية الرومية

نشر الأنبا نيقولا أنطونيو مطران طنطا والغربية للروم الأرثوذكس ومتحدث الكنيسة في مصر ووكيلها للشؤون العربية نبذة تاريخية مختصرة عن الأرثوذكسية الرومية في أفريقيا

وقال خلالها إنه يعود انتشار الأرثوذكسية الرومية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى ما يقرب من المائة عام الماضية، في حين كانت الأرثوذكسية الرومية في شمال أفريقيا تعود إلى زمن القديس مرقص مؤسس كنيسة الإسكندرية. أما الكنائس الغربية، الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأنجليكانية ومختلف الكنائس البروتستانتية، فقد بدأت إرساليتها بوجود الاستعمار في أفريقيا، منذ مطلع القرن السابع عشر، بمساعدة حكوماتها.

وأضاف: بدأ الوجود الأرثوذكسي الرومي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بين المهاجرين اليونانيين في السنوات الأولى من القرن العشرين، وبقي هناك باعتباره في المقام الأول كنيسة المهاجرين. وكان هناك إدراك قوي بين الأفارقة بأن الحكام البيض لم يرغبوا في أن يتعرف الأفارقة على الأرثوذكسية الرومية لأنها لم تكن مرتبطة بالقوى الاستعمارية. أما النمو الرئيسي للأرثوذكسية الرومية فبدأ تحت الصحراء بين الشعوب الأصلية في وسط وشرق أفريقيا الذين وجدوا المسيحية الرومية الأرثوذكسية بعد أن أصبحوا غير راضين عن الممارسات التبشيرية المسيحية الغربية.

وتابع: كان ذلك بأنه في حالات عديدة أن أشخاص من الشعوب الأصلية تعرفوا على الكنيسة الرومية الأرثوذكسية من قرائة الكتب، ثم كانوا يسافرون، في كثير من الأحيان لمسافات طويلة، لمحاولة العثور على الكنيسة الرومية الأرثوذكسية. يمكن وصف هذا بـ"الكرازة الأدبية" التي تؤدي إلى "الكرازة العقلية". وكان واحد من عوامل الجذب للأفارقة تجاه الكنيسة الرومية الأرثوذكسية أنها لم تتوافق مع القوى الاستعمارية. وهذا ما ميزها عن الكنيسة الكاثوليكية وبعثاتها التي كانت مرتبطة مع الحكم الفرنسي والبرتغالي، وعن الكنيسة الأنجليكانية ومختلف الكنائس البروتستانتية وبعثاتها التي ارتبطت مع الإمبراطورية البريطانية.

وأردف: في العام 1926م أصبح الحدود الإدارية والروحية لبطريرك الإسكندرية الرومية على كل أفريقيا، وبالتالي أصبحت تقريبًا جميع الإرساليات الأرثوذكسية الرومية في أفريقيا تحت جناحها، مما أدى إلى رعايتها للإرساليات التبشيرية الرومية الأرثوذكسية العاملة جنوب الصحراء الأفريقية، وساعد على انتشار الأرثوذكسية الرومية في أفريقيا.

واستطرد: في عام 1929 أصبح التعليم في المستعمرات البريطانية تحت السيطرة الكاملة للإرساليات الأجنبية، وكانت جميع المدارس للكنيسة الميثودية والأنجليكانية. وقد سعت هذه الكنائس إلى تشويه سمعة الكنيسة الرومية الأرثوذكسية والتقليل من شأنها وأجروا دعاية معادية ضدها.

وأكمل: بعد الحرب العالمية الثانية تكثف الحكم الاستعماري في أفريقيا، خلال تلك الفترة عاملت الكنيسة الاستعمارية البريطانية الكنيسة الرومية الأرثوذكسية بنفس الطريقة التي عالج بها البلاشفة الكنيسة الأرثوذكسية الروسية. فتم إغلاق مدارسها ومعابدها من قبل النظام الاستعماري، وأحرقت العديد من كنائسها من قبل القوات المسلحة الاستعمارية، ووُضع الإكليروس الأرثوذكسي الرومي في معسكرات الاعتقال؛ حتى تم حظرها في عام 1952م. ويُثبت ذلك الأحداث المزعجة التي حدثت خلال حركات الاستقلال بعد الحرب العالمية الثانية من معاداة السلطات الاستعمارية تجاه الكنيسة الرومية الأرثوذكسية في أفريقيا. بعد عشر سنوات من القمع من قبل النظام الاستعماري البريطاني، والدعاية الخادعة للأنجليكان وللكاثوليك والبروتستانت الذين أيدوا ذلك، كانت الكنيسة الرومية الأرثوذكسية في أفريقيا في حالة محفوفة بالمخاطر، لكنها كانت تنمو بسرعة.

وتابع: منذ عام 1980 كان هناك نمو سريع، ليس فقط في كينيا وأوغندا ولكن أيضًا في وسط وغرب أفريقيا. وقد تميز هذا النمو بمجموعة مذهلة من أنشطة وأساليب الإرساليات التبشيرية الرومية الأرثوذكسية. في أوقات وأمكنة معينة، غالبًا ما تُلاحَظ أعمال الإرسالية التبشيرية الرومية الأرثوذكسية لنُهُج معين يميز هذا الزمان والمكان، وهو نادر أو غير موجود في أوقات أو أماكن أخرى. ومع ذلك، فقط، في الإرسالية التبشيرية الرومية أرثوذكسية في إفريقيا الاستوائية يمكن للمرء أن يجد كل أسلوب وطريقة جُربت في أي مكان.

وأوضح أنه في عام 1988 وضعت بطريركية الإسكندرية وسائر أفريقيا الرومية الأرثوذكسية برنامجًا تطويريًا طموحًا للخدمات الصحية والتعليمية في أفريقيا، كان غير موجود تقريبًا قبلاً. وقد تم إحراز تقدم في بعض الأماكن، بينما في حالات أخرى، لم يحدث شيء. في مثل هذه المشاريع، غالباً ما، يتم تقديم المساعدة من قبل كنائس فنلندا واليونان وقبرص، ومن قبل مركز الإرسالية الأرثوذكسية الرومية في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد سافر فريق من المتطوعين على المدى القصير من هذه البلدان لمساعدة السكان المحليين في بناء وتجهيز العيادات والمستوصفات والمدارس والكنائس. كما توجد أكاديميه نيروبي في كينيا، التي أنشأها المغبوط مكاريوس رئيس ساقفة قبرص، وتضم كلية للاهوت لتخريج الكهنة الأفارقة والذين يرسل البعض منهم لإتمام دراسته في اليونان بمنحة من الحكومة اليونانية.

كما توجد مدرسة "القديس أثناسيوس الكبير" في مدينة الإسكندرية للأفارقة، التي أنشأها البابا ثيودروس الثاني، لإعداد كهنة مؤهلين للخدمة الكهنوتية والتنمية البشرية في المناطق التي سيخدمون فيها.

حاليًا يبلغ عدد رعايا بطريركية الإسكندرية وسائر أفريقيا الرومية نحو المليون والنصف أرثوذكسي موزعين في كل أفريقيا. ويبلغ عدد المتروبولتيات (المطرانيات) فيها 29 متروبوليتية (مطرانية) يرأس كل منها متروبوليت (مطران)، وعدد الأسقفيات 15 أسقفية يترأسها أسقف مساعد للمتروبوليت الذي ينتمي إليه الأسقف.

من هؤلاء المتروبوليتية (المطارنة) والأساقفة يوجد عدد 2 متروبوليت من المصريين والناطقين العربية، وعدد 4 متروبوليت وعدد 6 أساقفة من الأفارقة من أهل البلاد المحليين. والباقي منهم من اليونان وقبرص.