عالم أزهرى: الكلمة الطيبة صدقة يبقى أثرها إلى يوم القيامة
قال الدكتور صفوت محمد عمارة، أحد علماء الأزهر الشريف، إنَّ الكلمة التي تتكون من مجموعة حروف لها تأثير كبير على الفرد المرسل أو المستقبل لها، فهي تؤثر في عقله، وتحدد مسار تفكيره وردود أفعاله وفي صحته وطول عمره، وتحدد أسلوبه في التفاعل مع الآخرين، كما تحدد طريقة وأسلوب استجابة الآخرين في التفاعل معه، وما يتخذونه من مواقف تجاهه؛ فالكلمة ثمرة اللسان وأداة البيان، وقد منح اللَّه الإنسان نعمة النطق بالكلمات، وميزه بها عن سائر المخلوقات، وأمره بحسن انتقائها واستخدامها فيما يرضي اللَّه عزَّ وجلَّ.
وأكد «عمارة»، خلال خطبة الجمعة اليوم، بمسجد البحوث الزراعية، أنَّ الكلمة سلاح ذو حدين؛ فإن كانت طيبة فهي تؤلف القلوب وتسرُّ النفوس وتبهج الأسماع وتذهب الأحزان وإن كانت خبيثة فهي تضر صاحبها وتصنع العداوات، فهي علامة مفترق بين طريقين بين الحق والباطل؛ إما أن يرفع اللَّه بها أقوامًا، أو يحط بها آخرين، وقد بين اللَّه المنهج العام في الدعوة إليه؛ فقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، ولقد علمنا نبينا محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن نخاطب الناس على قدر عقولهم.
وأضاف الدكتور صفوت عمارة، أن مخاطبة الناس جميعًا يجب أن تتم بالكلمة الطيبة والحسنة لقوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83]؛ فالكلمة هي مناط الثواب والعقاب، وهذا يتضح من خلال الحديث النبوي الشريف؛ فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، أنه سمع النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يقول: «إنَّ العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان اللَّه، لا يُلقي لها بالًا، يرفعه اللَّه بها درجاتٍ، وإنَّ العبد ليتكلم بالكلمة من سخط اللَّه، لا يُلقي لها بالًا، يهوي بها في جهنم» [رواه البخاري]؛ ففي هذا الحديث بيَّن لنا النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أثر الكلمة وما يترتب عليها من أجرٍ أو وزرٍ، حتى إنَّ العبد ليتكلم بالكلمة مما يرضاه اللَّه ويحبه، لا يلقي لها بالًا أي: لا يتأملها بخاطره ولا يتفكر في عاقبتها ولا يظن أنها تؤثر شيئًا؛ فلا يلتفت لها قلبه وباله؛ لقلة شأنها عنده، فيرفعه اللَّه بها درجات في الجنة، وإنه ليتكلم بالكلمة الواحدة مما يكرهه اللَّه ولا يرضاه، لا يلتفت باله وقلبه لعظمها، ولا يتفكر في عاقبتها، ولا يظن أنها تؤثر شيئًا، ولكنها عند اللَّه عظيمةٌ في قبحها، فيهوى بها أي: ينزل ويسقط بسببها في درجات جهنم.
وأشار الدكتور صفوت عمارة، إلى أن الكلمة الطيبة صدقة يبقى أثرها إلى يوم القيامة، لأن الكلمة الطيبة تؤلف القلوب وتفتح أبواب الخير، وتغلق أبواب الشر، وتزيل الغضب، وتشعر بالرضا والسعادة، وتنشر الألفة والمودة في المجتمع وتعمق أواصر الوحدة بين الناس؛ فتؤدي إلى السعادة؛ أما إذا كانت الكلمة خبيثة فتهدم المجتمعات، وتدمر الأخلاق، وتخرب العلاقات، وتصنع العداوة، وتزرع التفرقة والكره والحقد في النفوس، والقسوة في القلوب، وتشعل الفتن، وتسمم الأفكار، وتدعو إلى الشر وتؤدي إلى الشقاء.