اليوم العالمي لمكافحة شلل الأطفال.. تحديات مستقبلية للحفاظ على عالم خالٍ من المرض
يحتفل العالم اليوم باليوم العالمي لمكافحة شلل الأطفال، وهي مناسبة تذكرنا بأهمية الجهود المستمرة للحد من هذا المرض الفتاك الذي كان يشكل تهديدًا كبيرًا لصحة الأطفال على مدى عقود.
على الرغم من التقدم الملحوظ في القضاء على شلل الأطفال، لا تزال هناك تحديات متعددة تواجه تحقيق هدف عالم خالٍ من هذا المرض.
إنجازات كبيرة
منذ إطلاق حملة التحصين العالمية ضد شلل الأطفال في الثمانينيات، تم تقليص عدد حالات الإصابة بشكل ملحوظ، فوفقًا لمنظمة الصحة العالمية، انخفضت حالات شلل الأطفال بنسبة 99%، حيث تم الإعلان عن بعض المناطق بأنها خالية من المرض، ويعدّ هذا الإنجاز نتيجة جهود دولية مشتركة، بما في ذلك توفير اللقاحات وتوعية المجتمعات.
جهود مصر في مكافحة شلل الأطفال
عانت مصر لفترة طويلة من شلل الأطفال، وهو مرض تاريخي يعود تاريخه إلى حوالي 3000 عام، حيث وُثِّق في النقوش الفرعونية وأثر بشكل كبير على ملايين الأطفال في مصر والعالم.
عام 1955، حقق العلماء إنجازًا مهمًا باكتشاف أول تطعيم ضد فيروس شلل الأطفال، الذي كان يتوفر عبر الحقن، وتلاه تطعيم آخر بالتنقيط في الفم عام 1961.
منذ ذلك الحين، نجحت العديد من الدول في القضاء على المرض من خلال تطعيم الأطفال دون سن الخامسة، وقد انضمت مصر إلى قائمة هذه الدول عام 2006، عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية واليونيسف عن أن مصر أصبحت خالية من شلل الأطفال، بعد آخر حالة تم تسجيلها عام 2004.
يعود الفضل في ذلك إلى الجهود المبذولة في تقديم التطعيم بشكل موسع في جميع محافظات الجمهورية، حيث تم إعطاء التطعيم عبر سبع جرعات ضمن جدول التطعيمات الروتينية الإجبارية، بالإضافة إلى الجرعات الإضافية التي تُعطى من خلال الحملات القومية.
عام 2018، دخلت مصر المرحلة النهائية للقضاء على شلل الأطفال بشكل تام وضمان عدم ظهور حالات جديدة نتيجة لأي فيروسات واردة من الخارج، واشتملت الاستراتيجية الدولية المتبعة على إضافة جرعة تطعيم بالحقن في الشهر الرابع، إلى جانب الاستمرار في تقديم الست جرعات الأخرى عبر الفم كما هو معتاد.
وتظل جهود مصر مستمرة لضمان حماية الأطفال، والحفاظ على خلو البلاد من هذا المرض القاتل.
التحديات المستمرة
على الرغم من هذه النجاحات، تواجه الحملات العالمية لمكافحة شلل الأطفال تحديات عديدة، منها:
1. التضليل المعلوماتي: تتسبب الشائعات حول اللقاحات في انخفاض معدلات التحصين، حيث يفضل بعض الآباء عدم تطعيم أطفالهم بسبب مخاوف غير مبررة.
2. الصراعات والنزاعات: تعيق الأوضاع الأمنية في بعض المناطق، مثل فلسطين ولبنان، حملات التطعيم، مما يؤدي إلى تفشي المرض في هذه المناطق.
3. القيود اللوجستية: الوصول إلى المجتمعات النائية أو المناطق ذات البنية التحتية الضعيفة يتطلب جهودًا ضخمة، ويشكل تحديًا كبيرًا للعاملين في مجال الصحة.
الطريق إلى المستقبل
حسب منظمة الصحة العالمية، للحفاظ على الإنجازات الحالية وضمان القضاء على شلل الأطفال، يجب على الدول والمجتمعات الدولية الآتي:
- تعزيز حملات التوعية: تبديد المخاوف والشائعات حول اللقاحات من خلال حملات توعوية تستهدف المجتمعات المحلية.
- توفير الدعم في المناطق المتأثرة بالصراعات: تعزيز التعاون مع المنظمات الإنسانية لضمان وصول اللقاحات إلى الأطفال في المناطق التي تعاني من النزاعات.
- استثمار المزيد من الموارد: يحتاج القطاع الصحي إلى موارد مالية وبشرية أكبر لتعزيز برامج التطعيم والمراقبة.
تقول منظمة الصحة العالمية، إنَّ اليوم العالمي لمكافحة شلل الأطفال هو تذكير لنا جميعًا بأن الطريق إلى عالم خالٍ من شلل الأطفال ما زال طويلًا، حيثُ يتطلب الأمر تضافر الجهود العالمية والمحلية، واستمرار الالتزام، والمثابرة، لمواجهة التحديات وتحقيق الأمل في عالم خالٍ من هذا المرض الفتاك.