قادة بريكس يرسمون خريطة جديدة للتجارة والأمن الغذائى العالمى (التفاصيل الكاملة)
على مدار 3 أيام عقدت قمة بريكس الـ16 في مدينة قازان الروسية، وحققت فوائد ونجاحات كبرى، حيث توقع زعماء دول مجموعة بريكس، التي تمثل 37% من الناتج الاقتصادي العالمي، أن ينمو نفوذ المجموعة بعد قمة قازان وحددوا مشاريع مشتركة تتراوح من تبادل الحبوب إلى نظام المدفوعات عبر الحدود.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن متوسط النمو الاقتصادي لمجموعة بريكس في عامي 2024 /2025 سيكون 3.8%، مقارنة بالنمو العالمي الذي يتراوح بين 3.2% و3.3%.
وتابع بوتين: "إن اتجاه الدور القيادي لمجموعة بريكس في الاقتصاد العالمي سوف يتعزز"، مستشهدًا بنمو السكان والتحضر وتراكم رأس المال ونمو الإنتاجية كعوامل رئيسية.
مكاسب قمة بريكس
وبحسب وكالة "رويترز" الإخبارية الدولية، فقد اقترحت روسيا، أكبر مصدر للقمح في العالم، إنشاء بورصة حبوب بريكس التي يمكن توسيعها لاحقًا لتجارة سلع رئيسية أخرى مثل النفط والغاز والمعادن، ورحب إعلان قازان بالمبادرة.
وقال بوتين لقادة دول بريكس: "إن دول بريكس من بين أكبر منتجي الحبوب والبقول والبذور الزيتية في العالم. وفي هذا الصدد، اقترحنا فتح بورصة حبوب بريكس".
وأضاف أن البورصة "ستساهم في تشكيل مؤشرات أسعار عادلة وقابلة للتنبؤ للمنتجات والمواد الخام، بالنظر إلى دورها الخاص في ضمان الأمن الغذائي".
وتابع: "تنفيذ هذه المبادرة سيساعد في حماية الأسواق الوطنية من التدخل الخارجي السلبي والمضاربة ومحاولات خلق نقص غذائي مصطنع".
وتابعت الوكالة، أن الزعماء الآخرين أيدوا إنشاء نظام مدفوعات مشترك عبر الحدود، والذي من شأنه أن يساعد دول مجموعة بريكس على التجارة مع بعضها البعض، متجاوزة النظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الدولار.
وقال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إن الوقت قد حان لدول مجموعة بريكس لإنشاء طرق دفع بديلة.
وأضاف أن بنك التنمية الجديد للمجموعة صُمم كبديل لما أسماه مؤسسات بريتون وودز الفاشلة مثل صندوق النقد الدولي.
ودعا إعلان قازان إلى إجراء دراسة جدوى للمبادرات الروسية الأخرى، ونظام تسوية الودائع والأوراق المالية BRICS Clear وشركة إعادة التأمين المشتركة.
قمة فاخرة في قازان
بينما أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن زعماء أبرز دول العالم الشرقي اجتمعوا في مدينة قازان الروسية الفاخرة، ووضعوا حدودًا للهمينة الغربية على النظام العالمي.
وتابعت أنه بالرغم من أن القمة تتعلق بالقضايا الاقتصادية في المقام الأول، فقط استحوذت الحروب في الشرق الأوسط وخصوصًا غزة ولبنان على بعض مناقشات القمة، بعد تحذير بوتين من أن الشرق الأوسط أصبح على شفا الحرب الشاملة.
وأضافت أن القمة لم تتطرق إلى الحرب الروسية الأوكرانية بصورة كبيرة، واكتفت بدعوات السلام والتركيز على ضرورة وقف إطلاق النار واللجوء للحلول الدبلوماسية.
وأشارت إلى أن اختيار مدينة قازان، التي تقع على بعد حوالي 500 ميل شرق موسكو لعقد القمة يعكس المرونة الكبيرة التي يتمتع بها الاقتصاد الروسي، حيث تعتبر العاصمة الثالثة لروسيا وواحدة من أغنى المدن في البلاد، حيث تتمتع ببنية تحتية جيدة ومشاريع استثمارية متوسعة.
كما تتحدث المدينة المضيفة عن إمكانية تواصل روسيا مع العالم الإسلامي، فهي عاصمة تتارستان، وهي منطقة شبه مستقلة تقع عند مفترق الطرق بين أوروبا وآسيا ذات أغلبية مسلمة، ويضم مركز المدينة القديم العديد من المواقع المقدسة، بما في ذلك مسجد وكنيسة.
نظام نقدي دولي بديل
بينما أكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن قمة بريكس سلطت الأضواء على ضرورة وجود نظام دفع دولي بديل يمنع استخدام الاقتصاد كسلاح، وتعمل روسيا على إنشاء بنية تحتية للتسوية والدفع تتجاوز نظام الدفع سويفت الذي يقع مقره في بلجيكا.
وأضافت أن إلغاء الدولرة كان الاقتراح الأقرب للتطبيق، حيث يعد تجمع بريكس محاولة للحد من الهيمنة الغربية على الأنظمة المالية العالمية.
ووصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أيضًا في وقت متأخر من يوم الإثنين، ليمنح التجمع مزايا إضافية واعترافًا أمميًا.
وأشارت إلى أن القمة أسفرت عن موافقة على التوسع، ومن المتوقع أن تضم المجموعة الجديدة، التي تتألف من مجموعة جغرافية وسياسية متنوعة، كوبا وبوليفيا وتايلاند وفيتنام وماليزيا وإندونيسيا وبيلاروسيا وتركيا ونيجيريا وأوغندا وكازاخستان وأوزبكستان، وقد أثار قرار تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، بالحضور دهشة الجميع.
عالم متعدد الأقطاب
أكدت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، أن نجاح قمة بريكس الـ16، يعكس فشل الجهود الغربية للحد من أي محاولات لإنهاء هيمنتها على النظام العالمي، وتؤكد أن العالم يتجه نحو نظام متعدد الأقطاب.
وتابعت أن قمة بريكس ظهرت كقوة موازنة للنظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب وضاعف جهوده لمغازلة دول الجنوب العالمي.
وأضافت الوكالة، أن من أهم نتائج القمة هى مقترحات إنشاء منصة استثمارية جديدة لمجموعة بريكس، والتي يمكن أن تصبح أداة قوية لدعم اقتصادات دول المجموعة، كما ستوفر الموارد المالية لدول الجنوب والشرق العالمي.
وفي إعلان مشترك، أعرب المشاركون في القمة عن قلقهم إزاء "التأثير التخريبي للتدابير القسرية الأحادية الجانب غير القانونية، بما في ذلك العقوبات غير القانونية" وأكدوا التزامهم بتعزيز التعاون المالي داخل مجموعة بريكس.
وأشاروا إلى فوائد "أدوات الدفع عبر الحدود الأسرع والأقل تكلفة والأكثر كفاءة وشفافية وأمانًا وشاملة، والتي تعتمد على مبدأ تقليل الحواجز التجارية والوصول غير التمييزي".