اختفاء أحياء بالكامل.. إسرائيل تمحى الهوية اللبنانية بأعنف عدوان على صور
شهدت مدينة صور اللبنانية القديمة، التي تحمل أحد أهم الآثار اللبنانية وموقعها مدرجة على قائمة التراث العالمي "اليونسكو"، أعنف قصف إسرائيلي، ومطالبة الاحتلال لسكانها بإخلائها فورًا، حيث اهتزت المدينة بالكامل جراء العدوان الوحشي، واختفت أحياء بالكامل تحت الأنقاض.
وحسب شبكة "آر إف آي" الفرنسية، فإنه قبل الحرب كان الميناء المطل على البحر الأبيض المتوسط، والذي يبعد 12 ميلًا عن الحدود مع إسرائيل، موطنًا لـ200 ألف شخص، ولم يتبق في صور سوى قرابة 15 ألف شخص، والتي يعود تاريخها إلى العصر الفينيقي، وهي واحدة من أقدم المدن المأهولة بالسكان بشكل مستمر في العالم.
محو الهوية اللبنانية
وأضافت الشبكة أن صور كانت من المدن الآمنة في جنوب لبنان، حيث تفتخر المدينة ببقايا مضمار سباق روماني يعود إلى القرن الثاني، ومقبرة، وقوس نصر، وقناة مائية.
وأظهرت لقطات نشرت على الإنترنت أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد في السماء، وقالت وكالة الأنباء الوطنية اللبنانية في البداية إن طائرة إسرائيلية دون طيار أطلقت النار على أحد الشوارع.
وأشارت الشبكة الفرنسية إلى أن ما حدث في صور كان أشبه بالكابوس وفقًا لما رواه سكان المدينة، حيث اهتزت المدينة بالكامل جراء القصف الإسرائيلي الوحشي، لواحدة من أهم المدن الأثرية اللبنانية.
وقالت رنا، وهى من السكان، إن الغارات، التي كانت من بين الأسوأ منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحزب الله الشهر الماضي، ضربت قلب صور للمرة الأولى.
وأضافت أنها بعد فرارها إلى صور في أعقاب تحذير عسكري إسرائيلي للمواطنين بإخلاء جزء كبير من وسط صور في الصباح، هزت المدينة بأكملها.
وشوهدت أعمدة كثيفة من الدخان الأسود تتصاعد من عدة أحياء، مع أجزاء من منطقة الإخلاء على بعد 500 متر فقط من أنقاض المدينة القديمة.
وقالت وكالة الأنباء الوطنية الرسمية إن الضربات تسببت في "دمار هائل وأضرار جسيمة في المنازل والبنية التحتية والمباني والمتاجر والسيارات".
وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن 16 شخصًا أصيبوا في الضربات على صور، بينما أظهرت لقطات لوكالة "فرانس برس" أحياء بأكملها مدفونة تحت الأنقاض.
وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، في منشور على موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، إن الجيش الإسرائيلي قصف "مجمعات قيادة وسيطرة لوحدات مختلفة من حزب الله".
وقال بلال كشمر، من وحدة إدارة الكوارث في صور، إن سبعة مبان سويت بالأرض بالكامل، وتضرر أكثر من 400 شقة في محيطها في الضربات.
نزوح جديد
وأكدت الشبكة الفرنسية أنه قبل أن يبدأ حزب الله وإسرائيل تبادل إطلاق النار عبر الحدود العام الماضي، كان يعيش ما لا يقل عن 50 ألف شخص في صور، وهي مدينة نابضة بالحياة تضم مسيحيين ومسلمين.
وتابعت أن المدينة أصبحت شبه خاويه بعد تصاعد التوترات، حيث كانت تعتبر في البداية بعيدة عن هدف إسرائيل الذي كان متمثلا في استهداف معاقل حزب الله في مناطق محدودة جنوب لبنان والضاحية الجنوبية في بيروت، ولكن تدمير مدينة صور يعكس توسع العدوان الإسرائيلي في جنوب لبنان.
وأضافت أن المدينة شهدت حالات نزوح جديدة، حيث بدأ اللبنانيون في الفرار فور إصدار جيش الاحتلال الإسرائيلي تحذيرًا بإخلاء أربعة أحياء صباح أمس الأربعاء.
وقال مصور فيديو يعمل مع وكالة "فرانس برس" إن فرق الطوارئ اللبنانية تجولت في المدينة، وحثت المواطنين على الإخلاء عبر مكبرات الصوت.
وشاهد مصور الوكالة في مدينة صيدا، إلى الشمال، عشرات السيارات على الطريق الساحلي مليئة بالعائلات التي تحمل الفرش والحقائب والملابس.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام إن "بعض العائلات التي لم تغادر مدينة صور من قبل بدأت في مغادرة منازلها للبقاء بعيدًا عن المناطق التي هدد العدو الإسرائيلي باستهدافها".
وأضافت الوكالة الوطنية للإعلام أن فرق الدفاع المدني ساعدت في نقل كبار السن والأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة "إلى مناطق آمنة".
مدينة أثرية
وأكدت صحيفة "تايمز" البريطانية، أن ما حدث في صور كان كارثة، فهي موطن لمواقع أثرية مهمة، معظمها من العصر الروماني، وتحمل آثار الهوية اللبنانية.
وأوضحت أن القصف الإسرائيلي ألحق أضرارا بالغة بالمواقع التراثية.
وقالت "اليونسكو" إنها تتابع عن كثب تأثير الصراع الدائر على موقع التراث العالمي في صور"باستخدام أدوات الاستشعار عن بُعد وصور الأقمار الصناعية".