رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أولوياتنا فى قمة قازان

بتأييد واسع، قوبلت الرؤى والمقترحات المصرية بشأن سبل تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء فى تجمع الـ«بريكس»، منذ الاجتماع الأول من سلسلة الاجتماعات والفعاليات، التى نظمتها الرئاسة الروسية للتجمع، وصولًا إلى القمة السادسة عشرة لقادة دول التجمع، التى انطلقت أعمالها، الثلاثاء، بمدينة قازان، والتى يشارك فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وحوالى ٢٤ رئيس دولة وحكومة.

تلك هى مشاركة مصر الأولى فى قمة رؤساء دول وحكومات الـ«بريكس»، بعد أن صارت، اعتبارًا من بداية السنة الجارية، عضوًا كاملًا فى التجمع، الذى يضم أبرز الاقتصادات الناشئة، الصاعدة، والذى كنا قد أوضحنا، فى مقال سابق، أن توسيعه سيؤدى إلى تعزيز إمكاناته وقدراته وأوزانه الاقتصادية والسياسية. وعليه، لم تفاجئنا إلفيرا نابيولينا، رئيسة البنك المركزى الروسى، حين أكدت أن حصة دول الـ«بريكس» من الناتج المحلى الإجمالى العالمى ارتفعت إلى ٣٥٪ فى نهاية ٢٠٢٣، متجاوزة حصة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، التى تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان.

حتى نهاية السنة الماضية، كان تجمع الـ«بريكس»، BRICS، يضم الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، وبانضمام مصر والإمارات والسعودية وإيران وإثيوبيا، مع بداية السنة الجارية، صار التجمع يضم عشر دول. وقطعًا، سيؤدى انضمام المزيد من الدول إلى إعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية، وبناء نظام عالمى جديد، متعدد الأقطاب، أكثر مساواة وعدالة من النظام القائم، و... و... وإحياء مبادرات عديدة، جرى الإعلان عنها، منذ سنوات، وقد تحدث، حال تفعيلها أو تنفيذها، تحولات جذرية فى القواعد، التى تحكم السياسات الاقتصادية والمالية الدولية.

من هذا المنطلق نرى أن عضوية مصر فى الـ«بريكس»، ستضيف إلى ثقلها الاستراتيجى، على مختلف الأصعدة، وستزيد من إسهاماتها فى تعزيز السلام والتنمية على المستويين الإقليمى والدولى. وهذا ما أكده التأييد الواسع، الذى قوبلت به الرؤى والمقترحات المصرية، التى ينبغى التركيز عليها خلال سنة الرئاسة الروسية، والتى تضمنت دفع جهود التحول الصناعى، وتكثيف التعاون فى مجالات الطاقة والأمن الغذائى ونقل التكنولوجيا واللوجستيات، وإنشاء صلات مؤسسية بين الهيئات المعنية بالاستثمار فى الدول الأعضاء، ودعم آليات التنسيق بشأن إصلاح النظام الاقتصادى العالمى، ودفع الجهود لزيادة تمثيل الدول النامية فى الأطر المالية والنقدية الدولية، وتعزيز الروابط بين التجمع والقارة الإفريقية، إضافة إلى العمل على تطوير نظم المدفوعات بين دول التجمع بالعملات الوطنية، أو بصيغة أوضح، تقليل الاعتماد على الدولار، والتوسع فى استخدام العملات الوطنية فى تسوية المعاملات التجارية.

تجمّع الـ«بريكس» صار، بالفعل، يجتذب المزيد من الدول ذات التفكير المتماثل، أو التى تتشارك فى المبادئ الأساسية للتجمع. وفى كلمة ألقاها بمناسبة بدء تولى بلاده رئاسة التجمع، أكد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، أن حوالى ٣٠ دولة ترغب فى الانضمام، لافتًا إلى أن بلاده ستضع هذا الأمر على جدول أعمال القمة. كما سبق أن أعرب الرئيس السيسى، خلال مشاركته فى قمة التجمع التاسعة، التى استضافتها الصين، سنة ٢٠١٧، عن تطلعنا، تطلع مصر، إلى أن يتمكن الـ«بريكس»، من التوصل إلى آلية مناسبة للتواصل والحوار مع كل الدول النامية، التى يمكن أن تكون لها إسهاماتها فى التجمع.

.. وتبقى الإشارة إلى أن سنة الرئاسة الروسية للـ«بريكس»، تحمل شعار «تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن الدوليين العادلين»، وشهدت أكثر من ٣٠٠ اجتماع، حدث، وفعالية، من بينها اجتماع وزراء خارجية دول التجمع، فى يونيو الماضى، بمدينة «نيجنى نوفجورود». كما سبق أن طرحت الدول الأعضاء رؤيتها أو مقترحاتها حول الأولويات، التى ينبغى التركيز عليها خلال سنة الرئاسة الروسية، خلال اجتماع منسقى الـ«بريكس» ومساعديهم، الذى استضافته العاصمة الروسية موسكو.