رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وقفة محتملة مع الصندوق

بتكليف رئاسى، قد تقوم الحكومة المصرية بمراجعة اتفاقها مع «صندوق النقد الدولى»، بشأن برنامج الإصلاح الاقتصادى الحالى، الذى حصلنا بموجبه على قرض قيمته ٨ مليارات دولار، لو أدّى تنفيذ هذا الاتفاق، فى ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة، إلى ضغط، غير محتمل، على المواطنين. 

كان الرئيس عبدالفتاح السيسى يتحدث، صباح أمس الأول، الأحد، فى افتتاح النسخة الثانية من «المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية»، حين تناول الأزمة الاقتصادية ومسار الإصلاح الاقتصادى، موضحًا أننا «عملنا برنامجين، برنامج فى ٢٠١٦ وده نجحنا فيه، مش بس بجهدنا، ولكن بسبب استقرار الأوضاع الإقليمية والدولية»، أما البرنامج «اللى إحنا شغالين فيه حاليًا»، فوجّه الرئيس بشأنه رسالة لنا، ولصندوق النقد والبنك الدوليين، ولكل المؤسسات المعنية بهذا الأمر، مفادها أننا نقوم بتنفيذ هذا البرنامج فى ظل ظروف إقليمية ودولية شديدة الصعوبة، لها تأثيرات سلبية للغاية على الاقتصاد فى العالم كله، ويُقال إن تداعياتها ستؤدى إلى ركود محتمل، خلال السنوات القليلة المقبلة.

نحن جزء من اقتصاد العالم، كما أضاف الرئيس، لافتًا إلى أن «البرنامج اللى إحنا شغالين فيه» لا بد أن يضع فى الاعتبار هذه التحديات، التى أفقدتنا ستة أو سبعة مليارات دولار، خلال الأشهر العشرة الماضية فقط، فى إشارة إلى حجم الانخفاض فى عائدات قناة السويس. وبعد أن أوضح أن هذا الوضع قد يستمر لمدة سنة إضافية، نتيجة التداعيات التى نراها، قال الرئيس موجهًا حديثه للحكومة: «إذا كانت التحديات دى حاتخلّينا نضغط على الرأى العام بشكل لا يتحمله الناس، فلا بد من مراجعة الموقف مع الصندوق».

بعد المراجعة الثالثة للاتفاق الموّقع فى أبريل الماضى، حصلت مصر من صندوق النقد الدولى على شريحة قيمتها ٨٢٠ مليون دولار، فى نهاية يونيو. وكان من المقرر أن يجرى الصندوق المراجعة الرابعة، أواخر سبتمبر، لكنه أرجأها، وبالتالى تأجّل حصول مصر على شريحة جديدة، قيمتها ١.٢ مليار دولار، إلى ما بعد انتهاء الاجتماعات السنوية للصندوق، التى بدأت أمس الإثنين، وستنتهى السبت المقبل، حسب رئيس مجلس الوزراء، الذى أعلن، فى ٩ أكتوبر الجارى، عن أن حكومته أوفت بجميع المتطلبات اللازمة لإتمام هذه المراجعة. فهل يعنى ذلك أن تحريك أسعار الوقود، مثلًا، جاء استجابة لضغوط من الصندوق؟

فى تصريحات أدلى بها، السبت الماضى، خلال زيارته محافظة المنيا، قال رئيس مجلس الوزراء إنه سبق أن تحدث، بمنتهى الوضوح، عن أننا مضطرون لزيادة تدريجية فى أسعار الوقود حتى نهاية ٢٠٢٥، مشيرًا إلى أن النقطة المهمة التى يريد التأكيد عليها هى أنه بالتنسيق مع وزير البترول، ووفق دراسات أجرتها الحكومة، ترتبط باستهداف ضبط التضخم، فقد تم التوافق مع إعلان الزيادة الأخيرة على ألا تحدث زيادة أخرى خلال الأشهر الستة المقبلة، من أجل تحقيق نوع من الثبات وخفض التضخم فى الفترة المقبلة.

منطقيًا، لا توجد حكومة ترغب فى زيادة الأسعار، كما أكد رئيس مجلس الوزراء، الذى أكد، أيضًا، أن الدولة تعى تمامًا تأثير ارتفاع الأسعار على المواطن، لكنه استدرك بأن حكومته تلجأ إلى ذلك فى إطار دراسة المنظومة، وانطلاقًا من إدراك حجم العبء المالى الكبير الذى تتحمله الدولة. كما أشار، فى الوقت نفسه، إلى أن الدولة حريصة على تحمل الجزء الأكبر من الأعباء عن المواطن، وشدّد على أن هذا هو توجّه الحكومة، ولن تقوم بتغييره، قدر الإمكان، وسوف تعمل، دائمًا، على تحقيق التوازن فى خدمات الكهرباء، وأى خدمات أخرى تمس حياة المواطنين، متعهدًا بمراعاة الشرائح، التى تمثل الفئات محدودة ومتوسطة الدخل، وبأن يظل الدعم موجودًا حتى بعد الوصول إلى نقطة التوازن.

.. وتبقى الإشارة إلى أن محافظ البنك المركزى المصرى، ووزير المالية، ووزراء المجموعة الاقتصادية، يشاركون فى الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، المستمرة حتى السبت المقبل، بالعاصمة الأمريكية واشنطن، والتى ستركز على عدد كبير من الملفات، أبرزها التنمية الاقتصادية، والمساعدات الدولية، و... و... والقضاء على الفقر، والتحديات الراهنة التى تواجه النظام المالى العالمى.