رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"مالو" الفائز بالهرم البرونزى من مهرجان القاهرة

يُبرز المخرج «بيدرو فريرى» ليس فقط القوة العاطفية للعلاقات العائلية بل أيضًا قوتها الجسدية، حيث تتشاجر نساء العائلة بمنتهى القسوة والعنف مع الكثير من الكراهية.
الفيلم البرازيلى «مالو» الحاصل على جائزة الهرم البرونزى لأفضل عمل أول أو ثانٍ من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ45، يدور فيلم بيدرو فريرى حول العلاقات العائلية العاصفة والمستوحاة من حياة والدته الحقيقية «مالو روشا»، التى لعبت دورها «يارا دى نوفانس» الحاصلة على جائزة أفضل ممثلة من مهرجان القاهرة أيضًا. 
«مالو» امرأة قوية الشخصية، وهى ممثلة متقاعدة تعيش حياتها كعرض مسرحى مستمر، نراها تمارس تمارين صوتية على سطح منزلها المتهالك الواقع فى أحد الأحياء الفقيرة فى ريو دى جانيرو. بشكل عام إن المسرحية جوهر الفيلم، الذى يتجلى فى شكل قطعة غنائية خانقة، قد تكون أيام مجد «مالو» وثروتها، لكنها لا تزال تحلم بتحويل المبنى المتهدم إلى مسرح مجتمعى ومركز ثقافى يعرض مسرحياتها السياسية التى تمت مهاجمتها من الدولة، ومع ذلك فالمنزل يعد سكنًا لها ووالدتها المسنة «ليلى»/ جوليا كارنيرو، التى تتمتع بشخصية قوية مماثلة، ما يجعلها فى صراع مستمر مع ابنتها. يشاركهما المسكن صديق مالو الأسود «تييرا»/ أتيلة بى، الذى يسكن أحد المرافق الخارجية الأكثر تدهورًا فى المنزل. كل شىء فى حياة «مالو» يتسم بالعنف، سواء كان تعبيراتها عن الحب أو الغضب، وهو ما نراه بشكل كامل عندما تدعو والدتها  كاهن المقاطعة السكنية لتشكو له قلقها على ابنتها من تدخين الحشيش والماريجوانا، وهو خوف يتزايد بسبب عنصرية وكراهية الأم لتييرا الذى هو أيضًا مورد المخدر لابنتها.
تعود جوانا/ «كارول دوارتى»، ابنة «مالو» الممثلة العصبية الصاخبة، للتو من فرنسا، والتى تبدو علاقتها متوترة بوالدتها «مالو» فى ظل الفوضى العارمة فى علاقة «مالو» ووالدتها التى طردتها من المنزل لتسكن فى إحدى الغرف الخارجية المتهالكة، بالتبعية، تحاول الحفيدة التقرب من جدتها وحل المشكلات فيما بين أمها وبينها. 
هذا ليس فيلمًا يتم فيه صب الزيت على الماء المضطرب، مثل الحال فى محاولة تهدئة الأمواج الهائجة، فتشتعل معركة بين جوانا ومالو ووالدتها بشكل عنيف، يتخللها تراشق بالألفاظ واتهامات مشينة من الطرفين، لتقرر جوانا الرحيل من المنزل والعيش بمفردها.
يستكشف الفيلم الأرضية المشتركة بين النساء والطبيعة الإقليمية لكل واحدة منهن، والتى تنبع جزئيًا من صدمات مختلفة ترتد داخل الوحدة العائلية، فتزداد فرقتهن عن بعضهن. هناك سياق سياسى يظهر بشكل خفيف عندما تنقد «مالو» استسلام ابنتها مقارنة بحياتها المتمردة خلال سنوات الديكتاتورية الرصاصية فى البرازيل تحت الحكم العسكرى آنذاك. 
وعلى الرغم من الطبيعة العنيفة للفيلم فى كثير من الأحيان فإن «فريرى» يسمح لنا أيضًا برؤية أنه بغض النظر عن الغيرة والمنازعات العائلية فإن الحب هو القوة النهائية التى يجب أخذها فى الاعتبار.