التنسيق المصرى السعودى
بعد أن شهدا التوقيع على تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصرى السعودى»، وعلى اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين، انتهت مباحثات الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد السعودى، رئيس مجلس الوزراء، الذى زار القاهرة، أمس الأول، الثلاثاء، قبل توجهه إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، ليترأس وفد المملكة فى «القمة الخليجية الأوروبية»، التى انطلقت، أمس، والتى من المتوقع أن تطغى عليها التطورات، أو التوترات، التى تشهدها المنطقة.
عمق ومحورية العلاقات الاستراتيجية بين مصر والسعودية، شدد عليها الرئيس السيسى، مجددًا، خلال المباحثات، مؤكدًا أهمية مواصلة التنسيق والتعاون المشترك، لتجاوز المرحلة الدقيقة الحالية، التى تمر بها منطقتنا العربية وعالمنا الإسلامى، مشيرًا إلى الحرص المتبادل على ترجمة العلاقات والروابط التاريخية بين البلدين، من خلال تعزيز الآليات الثنائية المؤسسية. كما أكد ولى العهد السعودى الأهمية التى توليها المملكة لتعزيز العلاقات الثنائية، ومواصلة البناء على الروابط التاريخية الممتدة بين البلدين والشعبين الشقيقين، لتحقيق المصلحة المشتركة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والتنموية.
من هذا المنطلق، جرى خلال المباحثات استعراض الجهود الجارية لتطوير الشراكة الاقتصادية المصرية السعودية، خاصة فى مجال تبادل الاستثمارات، والتبادل التجارى، والتكامل الاقتصادى فى مجالات الطاقة والنقل والسياحة. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن «اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات المصرية السعودية»، من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ، بعد اتخاذ الإجراءات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بها. وقد تكون الإشارة مهمة، أيضًا، إلى أن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أكد، الشهر الماضى، خلال لقاء عقده فى الرياض، مع أعضاء مجلس اتحاد الغرف التجارية ومجلس الأعمال المصرى السعودى، أن غالبية المشكلات التى تواجه المستثمرين السعوديين تم حلها، بطرق غير تقليدية، وأن ما تبقى ١٤ مشكلة فقط، يجرى التعامل معها، وسيتم الانتهاء منها قبل نهاية السنة الجارية.
لدينا أكثر من ٨٠٠ شركة سعودية، يبلغ حجم استثماراتها ٣٤ مليار دولار تقريبًا. وبحجم تبادل تجارى بلغ ١٢.٨ مليار دولار، خلال السنة الماضية، صارت السعودية ثانى، أو ثالث، أكبر شريك تجارى لمصر. ولعلك تعرف أن مسار العلاقات بين البلدين شهد تطورات، بل طفرات، خلال السنوات العشر الماضية، على أرضية ما يجمعنا مع المملكة، وكل الأشقاء العرب، من روابط ممتدة وتاريخ مشترك، وانطلاقًا من إيمان دولة ٣٠ يونيو بأن تكامل القدرات العربية المتباينة، من شأنه أن ينشئ منظومة صلبة يمكنها مواجهة التحديات المشتركة والأزمات الإقليمية والدولية، وقادرة على توفير الحماية، لنا جميعًا، من الاستقطاب الدولى، الآخذ فى التصاعد، والذى باتت له تبعات سلبية على التناول الدولى لأزمات المنطقة.
تأسيسًا على ذلك، تناولت مباحثات، أمس الأول، التطورات، أو التوترات الإقليمية، على رأسها الأوضاع فى غزة ولبنان، وجرى التوافق على خطورة الوضع الإقليمى وضرورة وقف التصعيد، والتشديد على أن إقامة الدولة الفلسطينية، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، هى السبيل الوحيد لتحقيق التهدئة والسلام والأمن بالمنطقة على نحو مستدام. كما أشار الزعيمان إلى أن محاولات تصفية القضية الفلسطينية من شأنها أن تتسبب فى استمرار حالة الصراع بالمنطقة، وطالبا بوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، ولبنان، ومعالجة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة، والتوقف عن سياسات حافة الهاوية، بما يوقف دائرة الصراع الآخذة فى الاتساع، وتم كذلك تأكيد ضرورة احترام سيادة وأمن واستقرار لبنان وسلامة أراضيه. كما جرى التباحث، أيضًا، بشأن أمن منطقة البحر الأحمر، والأوضاع فى السودان وليبيا وسوريا.
.. وتبقى الإشارة إلى أن «القمة الخليجية الأوروبية»، التى استضافتها بروكسل، أمس الأربعاء، هى الأولى، على مستوى رؤساء الدول والحكومات، منذ تدشين العلاقات الرسمية بين مجلس التعاون الخليجى والاتحاد الأوروبى، سنة ١٩٨٩، وتأتى فى إطار حرص المجلس على تعزيز علاقاته الاستراتيجية مع مختلف التكتلات الدولية، غير أن مواقف بعض الدول الأوروبية، غير العادلة، من العدوان الإسرائيلى على غزة ولبنان، قد تحول، غالبًا أو على الأرجح، دون التوصل إلى نتائج إيجابية ملموسة، أو صدور بيان ختامى.