"حرب الظلال".. أسرار التفوق العسكرى لحزب الله على إسرائيل فى جنوب لبنان
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن أسرار استمرار المواجهات العنيفة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله في جنوب لبنان خلال المعارك البرية، حيث تسببت المعارك في مقتل وإصابة العشرات من جنود جيش الاحتلال، فضلًا عن نجاح مُسيرات حزب الله في اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية حتى أنها وصلت إلى منزل بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب الصحيفة، فإن القتال الشرس في جنوب لبنان، كشف عن التطور الكبير في القدرات العسكرية لحزب الله، والتي لم تكن مثلما كانت عليه قبل 15 عامًا.
التحولات التكتيكية لحزب الله تُربك حسابات إسرائيل
وأضافت الصحيفة أن الطفرة الكبرى في قدرات حزب الله العسكرية تعود لتعاونه الوثيق مع عدد من الجيوش، واستفادته من الخبرات الأجنبية في بناء قدراته العسكرية والتنظيمية.
وأشارت إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي اصطدم مع هذا التطور بسبب القوة التي وجدها في الجماعة اللبنانية، وقدرتها على تحويل نقاط الضعف إلى استراتيجيات عسكرية قوية.
وأضافت أن حزب الله أظهر تنظيمًا وانضباطًا عسكريًا صارمًا، حتى في ظل تواجد مجموعات صغيرة في مناطق القتال، ويعلق جيش الاحتلال الإسرائيلي الآمال على أن يتحول هذا الانضباط إلى عقبة في ظل الاحتكاك المستمر مع القوات الإسرائيلية.
وأشارت إلى أنه مع مرور أكثر من أسبوعين ونصف على العمليات البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان، بدأت القيادة العسكرية الإسرائيلية في رصد تحولين رئيسيين في الأساليب القتالية التي يتبعها حزب الله.
وأفادت بأن الأول يتمثل في أن حزب الله، الذي كانت يعتمد سابقًا على وحدات كبيرة لشن هجمات واسعة النطاق، قلص الآن نطاق عملياته الهجومية، وبدلًا من ذلك يعتمد على مجموعات صغيرة مكونة من 3 إلى 6 مقاتلين، هذه المجموعات تعمل في مناطق محدودة قرب الحدود، وتستهدف القوات الإسرائيلية باستخدام صواريخ مضادة للدروع وقذائف هاون يتم إطلاقها من مسافات بعيدة.
وأوضحت أن التحول الثاني الذي رصدته قوات الاحتلال الإسرائيلية هو أن حزب الله يحتفظ بهيكلية تنظيمية محكمة حتى في مواجهة تقدم القوات الإسرائيلية.
وأكدت الصحيفة الإسرائيلية أن هذا عكس ما حدث مع حماس في قطاع غزة، حيث تراجعت التنظيمات الكبيرة إلى حرب عصابات غير منظمة، في حين لا يزال حزب الله يحافظ على تنظيمه العسكري الصارم في جنوب لبنان.
وتابعت أنه من الواضح أن حزب الله قد تخلى جزئيًا عن محاولة شن هجمات برية كبيرة لاقتحام الأراضي الإسرائيلية، وبدلًا من ذلك يركز على الاحتفاظ بقوته البشرية والعسكرية، الغالبية العظمى من مقاتلي الحزب، الذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف، يظلون في مواقع آمنة بعيدًا عن العمليات البرية الإسرائيلية، خاصة في المناطق الجنوبية والوسطى من لبنان، ما قلل من الخسائر البشرية بين مقاتلي الجماعة اللبنانية بصورة كبيرة.
وأضافت الصحيفة أن هذه الاستراتيجية تأتي في إطار خطة الحزب لحرب طويلة الأمد، حيث يتجنب الزج بكامل قوته في المعركة الحالية، محاولًا الحفاظ على جزء كبير من قواته لخوض مواجهات مستقبلية.
وتابعت أنه ورغم الضربات الجوية التي تلقاها الحزب في بداية عملية "سهام الشمال" الإسرائيلية، إلا أنه يبدو مصممًا على مواصلة القتال بوتيرة أقل كثافة وضمن مناطق محددة.
وأشارت الصحيفة إلى أن حزب الله لا يزال يتمتع بقدرات قتالية وعسكرية كبرى لم يستخدمها حتى الآن ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان.
وأضافت أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يسعى لتحويل هذه القوة إلى نقاط ضعف، من خلال الاستعانة بأحدث وسائل المراقبة والاستخبارات لرصد تحركات مقاتلي الجماعة اللبنانية، باستخدام نظام استخباراتي متطور يعمل على مدار الساعة لرصد تحركات مقاتلي حزب الله وتحديد مواقعها، ما يسمح لقوات الاحتلال الإسرائيلية بشن هجمات دقيقة واستباقية.
وأشارت إلى أن النظام الاستخباراتي يتكون من فرق استخباراتية متخصصة تشمل عناصر من وحدة 8200 للاعتراض الإلكتروني، ووحدة 9900 لجمع المعلومات البصرية، بالإضافة إلى عناصر من وحدات استخبارات ميدانية أخرى، هذه الفرق تعمل بشكل متواصل على جمع وتحليل البيانات التي تأتي من آلاف الحساسات والمستشعرات المنتشرة على طول الجبهة، ويتم تحويل هذه المعلومات بسرعة إلى إنذارات موجهة للوحدات المقاتلة في الميدان.
وأكدت الصحيفة أنه بالرغم من اغتيال قادة حزب الله والاختراق الأمني الكبير، إلا أن المسئولين الأمنيين في إسرائيل يدركون أن الحزب لا يزال يحتفظ بقدرات كبيرة لم يتم استخدامها بعد.
وتابعت أن حزب الله لم يستخدم بعد جميع قدراته الهجومية المتقدمة، مثل الصواريخ بعيدة المدى أو الهجمات الكبرى على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ويُعتقد أن الحزب يحتفظ بهذه القدرات لحسم المعركة في وقت لاحق، بعد أن يكون قد استنزف القوات الإسرائيلية في اشتباكات يومية طويلة.
وقالت مصادر في جيش الاحتلال الإسرائيلي: "حزب الله يحتفظ بعناصر من فرقة الرضوان أيضًا لمهام دفاعية، بالإضافة إلى قواتهم النظامية، حتى لو كانت تلك المجموعة تعمل بشكل معزول نسبيًا عن الجناح العسكري للجماعة اللبنانية".
وتابعت المصادر: "هذه الفرقة، منظمة للغاية وتخطط لإطلاق النار أو الهجوم ضد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يجعل المهام الاستخباراتية والعملياتية في جنوب لبنان صعبة إلى حد ما".
وأشارت الصحيفة إلى أن نقطة القوة الوحيدة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في المعارك البرية في جنوب لبنان تتمثل في الاستخبارات، فهي العامل الوحيد الذي يمكن أن يمنحها التميز في هذه المعركة الصعبة.