ورطة الاحتلال في جنوب لبنان.. حزب الله يفاجئ إسرائيل بحرب شاملة
على مدار عام من الحرب الوحشية على قطاع غزة، كانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو تخشى فتح حرب في الشمال مع حزب الله، حيث كانت كافة الصراعات التي اندلعت بينهم لم تكن نتائجها في صالح إسرائيل، ولكن يبدو أن اغتيال القيادي العسكري فؤاد شكر وتفجير أجهزة النداء لدى مقاتلي حزب الله واغتيال كبار قادة الجماعة اللبنانية وفي مقدمتهم حسن نصر الله منح إسرائيل شعور بإمكانية تحقيق أي انتصار في جنوب لبنان، ولكن على أرض الواقع كان الأمر صادم للاحتلال، وكان بمثابة ورطة وكأنه علق داخل أنفاق حزب الله التي تمتد على طول الحدود.
خسائر إسرائيلية كبرى في لبنان
كشفت مصادر أمنية داخل إسرائيل عن مقتل 7 مجندين من جيش الاحتلال الإسرائيلي وإصابة 17 آخرون خلال المعارك التي اشتعلت مساء يوم الأربعاء في جنوب لبنان، حسبما نقلت صحيفة "حدشوت يسرائيل".
وتابعت الصحيفة أن 7 جنود قتلوا من لواء جولاني في المعارك التي اشتعلت وجهًا لوجه مع مقاتلي حزب الله في جنوب لبنان.
وكان جيش الاحتلال قد أعلن في وقت سابق أن عدد مجندي جيش الاحتلال الذين قتلوا نتيجة المواجهات المباشرة مع مقاتلي حزب الله في جنوب لبنان وصلت لأكثر من 20 مجند وعشرات الإصابات التي لم يتم تحديدها، ولكن المصادر الأمنية الإسرائيلية أكدت أنها أكثر من 3 أضعاف من عدد القتلى.
ولم تقتصر خسائر جيش الاحتلال على المعارك البرية في جنوب لبنان، حيث نجحت مُسيرة لحزب الله في اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية وسقطت في منتصف قاعدة لواء جولاني العسكرية جنوب حيفا لتسفر عن مقتل 4 جنود على الأقل وإصابة 7 آخرين في حالة خطر، بينما أصيب 61 مجند بإصابات بين الطفيفة والمتوسطة.
وتكبدت إسرائيل أولى خسائرها الكبيرة في أوائل أكتوبر، حيث قُتل 8 جنود دفعة واحدة في مواجهات عنيفة، مع استمرار الهجمات المتبادلة بين الجانبين في الأسابيع التي تلت ذلك.
تعميق الخلافات مع الولايات المتحدة
أكدت شبكة "سي بي إس نيوز" الأمريكية، أن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل الابتعاد عن العاصمة اللبنانية بيروت خلال حملات القصف العدواني التي يشنها جيش الاحتلال على لبنان، منذ قرابة شهر ولكن بعد ساعات فقط من التحذير شنت إسرائيل عدوان وحشي على الضاحية الجنوبية في بيروت.
وتابعت أن إسرائيل شنت أكثر من 4 غارات عنيفة على العاصمة بيروت، وجميعها في مناطق مكتظة بالسكان المدنيين، وأسفر هذا العدوان عن استشهاد أكثر من 2400 لبناني، وكان أكثرها وحشية ما وقع في 10 أكتوبر ما أدى لاستشهاد 22 مدني على الأقل وإصابة أكثر من 120 آخرين في فترة 24 ساعة مميتة بشكل خاص.
ويقول المسؤولون اللبنانيون إن الضربات الإسرائيلية على العاصمة بيرةت أسفرت عن استشهاد 2350 شخصًا على الأقل وإصابة ما يقرب من 11 ألفًا آخرين منذ تصاعد هجوم إسرائيل ضد حزب الله قبل حوالي شهر.
وفي ضوء ارتفاع عدد الضحايا المدنيين بسرعة في لبنان، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر يوم الثلاثاء إن إدارة بايدن "أوضحت أننا نعارض حملة جيش الاحتلال الإسرائيلي بالطريقة التي رأيناها تُدار بها خلال الأسابيع الماضية".
وتابعت الشبكة الأمريكية، أنه تم تسليم هذه الرسالة في رسالة إلى المسؤولين الإسرائيليين من واشنطن، حيث أبلغت الحكومة الأميركية أيضًا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الممزق بالحرب لابد وأن يزداد بشكل كبير في غضون 30 يومًا، وإلا فإن إسرائيل قد تشهد توقف تدفق الأسلحة الأميركية والتمويل العسكري.
أزمة كبرى مع فرنسا
ومع استمرار الوحشية الإسرائيلية في لبنان، يبدو أن إسرائيل أصبحت أكثر عزلة عن أقرب حلفاءها ليس فقط الولايات المتحدة وإنما فرنسا، التي لوحت بفرض حظر على الأسلحة التي يتم تصديرها إلى إسرائيل ومنعت الشركات الإسرائيلية من المشاركة في معرض دفاعي فرنسي.
وأكدت وكالة "رويترز" الإخبارية الدولية، أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، وصف قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمنع الشركات الإسرائيلية من المشاركة في معرض الأسلحة البحرية بأنه "عار" واتهم باريس بتنفيذ سياسة عدائية تجاه الشعب اليهودي.
وتابعت أن قرار حظر الشركات الإسرائيلية يعد أحدث إجراء عقابي في سلسلة من الأحداث التي غذتها حالة عدم ارتياح حكومة ماكرون إزاء سلوك إسرائيل في الحروب في غزة ولبنان.
وأضافت أن القرار الفرنسي جاء بعد فشل الجهود الفرنسية لتأمين هدنة في الصراع بين إسرائيل وحزب الله في لبنان ومع قيام إسرائيل بمزيد من الغارات الجوية على أهداف في البلاد.
وقال جالانت عبر حسابه على منصة X: "إن تصرفات الرئيس الفرنسي ماكرون هي وصمة عار على الأمة الفرنسية وقيم العالم الحر التي يدعي أنه يدافع عنها".
وقالت شركة يورونافال، المنظمة للحدث المقرر عقده في باريس من 4 إلى 7 نوفمبر، في بيان إن الحكومة الفرنسية أبلغتها يوم الثلاثاء أنه لا يُسمح للوفود الإسرائيلية بعرض الأكشاك أو عرض المعدات، ولكن يمكنها حضور المعرض التجاري، مشيرة إلى أن القرار طال سبع شركات.
وأوضحت الوكالة الدولية، أن هذه هي المرة الثانية هذا العام التي تحظر فيها فرنسا شركات إسرائيلية من معرض دفاعي كبير، ففي مايو، قالت فرنسا إن الظروف ليست مناسبة لإسرائيل للمشاركة في معرض يوروساتوري العسكري التجاري عندما دعا ماكرون إسرائيل إلى وقف العمليات في غزة.
وقالت السفارة الإسرائيلية في بيان: "هذه الإجراءات لا تضر بالعلاقات بين بلدينا فحسب، بل تضر أيضًا بروابط الثقة التي بنوها، وبالتالي تلقي بظلال من الشك على قدرة فرنسا على لعب دور قيادي على الساحة الدبلوماسية لتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط".
زادت المناوشات الدبلوماسية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وماكرون في الأسابيع الأخيرة بعد أن عملت باريس مع واشنطن لتأمين هدنة لمدة 21 يومًا من شأنها أن تفتح الباب أمام المفاوضات بشأن حل دبلوماسي طويل الأمد.
وأكدت الوكالة، أنه في ظل المؤشرات الإيجابية من نتنياهو بشأن هذه الهدنة فوجئت فرنسا والولايات المتحدة عندما شنت إسرائيل في اليوم التالي ضربات قتلت زعيم حزب الله حسن نصر الله، حيث منح نتنياهو الموافقة لعملية الاغتيال خلال تواجده في مقر الأمم المتحدة.
أثارت الممارسات الإسرائيلية غضب ماكرون عدة مرات، لا سيما وأن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وقعت في مرمى نيران إسرائيل في جنوب لبنان.
وفي يوم الثلاثاء، قال ماكرون في اجتماع لمجلس الوزراء إن نتنياهو يجب ألا ينسى أن إسرائيل أنشئت بقرار من الأمم المتحدة، وفقًا لمسؤول فرنسي.
أزمة اليونيفيل
منذ إعلان إسرائيل عن الاجتياح البري لجنوب لبنان في وقت سابق من الشهر الماضي، طالب جيش الاحتلال الإسرائيلي من قوات حفظ السلام الدولية "اليونيفيل" المتمركزة على طول الخط الأزرق في جنوب لبنان الانسحاب من مواقعها، ولكن طلب الاحتلال قوبل بالرفض.
وبحسب وسائل الإعلام الدولية، فقد كررت إسرائيل من اعتداءتها على قوات اليونيفيل لتصل إلى أكثر من 3 مرات ما تسبب في سقوط عدد من المصابين، وهو الأمر الذي أثار موجة غضب دولية كبرى.
وبحسب قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، فقد لاحظ جنود حفظ السلام المتمركزون بالقرب من كفركلا في وقت مبكر من صباح الأربعاء دبابة ميركافا إسرائيلية تطلق النار على برج المراقبة الخاص بهم، وقد تم تدمير كاميرتين، وتضرر البرج.
وقالت البعثة في بيان لها: "مرة أخرى نرى إطلاق نار مباشر ومتعمد على ما يبدو على موقع لليونيفيل".
وتابعت "نذكر جيش الاحتلال الإسرائيلي وجميع الجهات الفاعلة بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها واحترام حرمة مباني الأمم المتحدة في جميع الأوقات".
تأتي تطورات الأربعاء على خلفية العديد من الحوادث المقلقة خلال الأيام الأخيرة والتي أصيب فيها ما مجموعه خمسة من قوات حفظ السلام، بالإضافة إلى ذلك، عانى 15 فرد من قوات حفظ السلام يوم الأحد من "آثار الدخان"، بعد أن أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي عدة طلقات على بعد حوالي 100 متر من موقعهم، والذي تم اختراقه عمدًا قبل حوالي ساعتين من نفس اليوم، وقد تضررت عدة مواقع تابعة للأمم المتحدة، ودُمرت الكاميرات والأضواء.
وأعرب كبار المسؤولين في الأمم المتحدة، بمن فيهم الأمين العام أنطونيو جوتيريش، عن قلقهم إزاء الوضع، وأكدوا على أن سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها "يجب ضمانها" وأن حرمة مباني الأمم المتحدة "يجب احترامها في جميع الأوقات دون قيد أو شرط".
كما حذر من أن الهجمات ضد قوات حفظ السلام تتعارض مع القانون الدولي وقد تشكل جرائم حرب.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة أندريا تيننتي إن قوات حفظ السلام تواصل مراقبة الوضع إبلاغ مجلس الأمن بالتطورات، وتبذل قصارى جهدها لتمكين المساعدات الإنسانية من الوصول إلى عشرات الآلاف من الأسر المتضررة في المنطقة.
وفي غضون ذلك، استمر تبادل إطلاق النار المكثف على طول "الخط الأزرق" الفاصل بين إسرائيل ولبنان وخارجه على مدار الـ 24 ساعة الماضية.
وسجلت اليونيفيل 58 انتهاكًا جويًا إسرائيليًا للبنان- وهو أعلى رقم خلال فترة 24 ساعة منذ 8 أكتوبر من العام الماضي، وفقًا للمتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، نقلًا عن تقارير من البعثة.
كما رصدت 1279 قذيفة عبر الخط الأزرق - 1208 منها انطلقت من جنوب الخط الأزرق باتجاه الشمال، و71 من الشمال باتجاه الشمال.