رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

احتفلت بميلادها مع الفأر.. صفاء عبد المنعم تستعيد ذكريات صديقتها نعمات البحيرى

نعمات البحيري
نعمات البحيري

16 عامًا على رحيل الكاتبة نعمات البحيري، التي رحلت عن عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 2008، بعد رحلة مع مرض السرطان.

 وفي لفتة إنسانية نادرة، ووفاءً لصداقة العمر والذكريات المشتركة أحيت الكاتبة الكبيرة صفاء عبد المنعم ذكرى صديقتها القاصة والروائية نعمات البحيري، من خلال حديث خاص لــ"الدستور".

احتفلت مع الفأر بيوم عيد ميلادها

واستهلت "عبد المنعم" حديث الذكريات، مشيرة إلى أنها تعرفت على نعمات البحيري عندما قرأت لها لأول مرة قصة "عُرس الميتة"، في بداية ثمانينيات القرن المنصرم، ومنذ هذا الوقت أصبحت أبحث عن قصصها المنشورة في المجلات والجرائد.

وفي مرة من المرات رأيتها تسير فى وسط البلد، فتعرفت عليها من خلال الصور المنشورة لها. وفي عام 1999 وبعد وفاة زوجي دعتني إلى زيارة بيتها فى مساكن الشروق بمدينة نصر، وذهبت إلى هناك.

وتابعت "عبد المنعم": لأول مرة كنت أرى بيت نعمات البحيري، وأخذت تحكي لي حكايات المرأة الوحيدة، وكيف أنها احتفلت مع الفأر بيوم عيد ميلادها، وأنها كانت تملأ البيت بأصص الزرع والصور واللوحات، وظللنا طوال الليل نحكي عن الكتب والحكايات والوحدة.

لأول مرة كنت أجرب معنى الوحدة بعمق، وظللنا نلتقى ونتقابل ونتحدث طويلًا. إلى أن جاءت إلى مدينة 6 أكتوبر لتقيم فيها، فأصبحت المسافة قريبة جدًا بيننا، أنا أسكن عند المحور، فالطريق أصبح سهلا بالنسبة لى، فأصبحت أذهب إلى زيارتها كثيرًا.

كتبت عن نعمات البحيري رواية “بيت فنانة”

وعندما علمت بمرضها كثرت بيننا الزيارات والحكايات، وكيف اكتشفت المرض بالصدفة. ثم توفيت في عام 2008. فزاد الحزن عمقًا بداخلي، خصوصًا وأنني نادرًا ما أستطيع مصاحبة الآخرين بسهولة، كانت من صديقاتي القريبات إبتهال سالم ونعمات البحيري، فشعرت بالفقد من جديد، وكتبت رواية "بيت فنانة".. خاصة وأننا كنا نتشابه في الوحدة وألم الفقد وحب الكتابة والشعر واللوحات الجميلة.

بيت فنانة

وفي إهدائها رواية "بيت فنانة"، كتبت صفاء عبد المنعم: إهداء إلى روح الكاتبة نعمات البحيرى "هناك كثيرون ساروا مع الرب مرحلة، ولكنهم لم يكملوا الطريق، ولم يقدروا أن يحملوا صليبهم حتى النهاية، وخانوا عهودهم مع الرب، إذ عادوا للخطيئة مرة أخرى".

ومن الرواية نقرأ: "عندما ذهبت إلى زيارتها فى المرة الأولى، وكان ذلك فى صيف 1999، أى بعد وفاة زوجى بثلاثة أشهر، وتحديدًا يوم عيد زواجنا فى 18/8، ركبت أتوبيس مدينة الشروق من ميدان العباسية، وعندما وصلت إلى البيت، صعدت درجات السلم إلى الدور الخامس، وقفت لبرهة، أستعيد فى ذاكرتى، أين تسكن نعمات البحيرى؟

وعندما تأملت الأبواب للحظة، وجدت بعضًا من الصبارات الخضراء، منتشرة داخل أصص من الفخار. قلت فى نفسى: هذه شقة نعمات. وضعت إصبعى على الجرس، فتحت لى بوجهها البشوش، وضحكتها المشرقة:

أزيك يا صافى، برافو عليكي عرفتي الشقة لوحدك، كنت لأول مرة أذهب فيها إلى مدينة الشروق، هذه المدينة البعيدة، والتى أسمع عنها كثيرًا، وأخاف من بعدها عن العاصمة.

جلست على كنبة الأنتريه، وأخذت أتأمل بعمق الصور واللوحات المعلقة على الحائط أمامى، والتى التقطت لها فى أماكن مختلفة، ومع شخصيات عديدة من الوسط الثقافى والفنى.

جميع الحوائط مغطاة تقريبًا بالصور، حتى المطبخ، عندما دخلته لإعداد كوبين من الشاى لى ولها، كان المكان ملىئًا بالصور، والقصائد المعلقة فوق الثلاجة وفى كل مكان.

 

صفاء عبد المنعم
صفاء عبد المنعم

إطلالة على مسيرة نعمات البحيرى

ونعمات البحيري، كاتبة وقاصة من أبرز رموز القصة القصيرة في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، حيث ولدت "البحيري" في 16 يونيو من عام 1953 بحي العباسية، ورحلت عن عالمنا في 17 أكتوبر 2008 بعد رحلة صراع مع مرض السرطان، والذي وثقت تجربتها مع المرض وصراعها معه ومعاناتها منه في مجموعتها القصصية والصادرة تحت عنوان "يوميات امرأة مشعة".

عاشت في العراق نهاية الثمانينيات مع زوجها العراقي، ومن هذه التجربة كتبت روايتها "أشجار قليلة عند المنحني"، والصادرة عن روايات الهلال عام 2000.

وترجمت العديد من أعمال نعمات البحيري الأدبية والقصصية إلى عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والكردية والإيطالية.