عاجل.. هل يحتاج إمام عاشور لجلسات نفسية؟
فى عام ٢٠٠٨، وفى أثناء ودية الفريق الأول لبرشلونة ضد فريق الرديف فى النادى، وبعد ١٥ دقيقة فقط، بدأ رونالدينيو فى اللهث والمطالبة بالخروج، وأمسك ديكو بفخذه وتعرض لشد عضلى، وكلاهما من أعمدة الفريق الكتالونى.
حينها أدرك بيب جوارديولا، مدرب الرديف الذى تولى إدارة هذه المجموعة بعد أشهر قليلة، أن الفريق فى حاجة إلى تغييرات جذرية، فى ظل حاجة تياجو موتا إلى «فرقة بحث» عنه فى حفلاته الليلية، وسفر ماركيز أكثر من ٦٠٠ كم لرؤية صديقته فى مدريد، بينما رونالدينيو غارق فى علاقاته النسائية.
وعلى الرغم من اختلاف الأسماء والقدرات الفنية وطرق التفكير، تتشابه أزمات لاعبى عصر «ما قبل بيب» فى برشلونة مع الحالة الفنية الباهتة التى ظهر عليها إمام عاشور مع الأهلى منذ انطلاق الموسم الحالى.
الانحدار المفاجئ والملاحظ من الجميع لمستوى «عاشور» له العديد من الأسباب، أولها السواد الأعظم من جماهير الأهلى، عبر الحماية المطلقة التى منحوها للاعب منذ اليوم الأول له بين جدران الجزيرة.
«إمام» لديهم لا يخطئ مهما حدث، والجميع عليه التأقلم على ما يفعله، مع تحول أقل أدواره كلاعب وسط ملعب إلى مادة متداولة على حسابات «التيك توك» وصفحات «السوشيال ميديا»، التى حولته إلى خليفة بيرلو وإنييستا.
دائمًا ما كانت الجماهير أول عوامل إفاقة اللاعبين من غفواتهم وإعادتهم إلى مستوياتهم المعهودة، من خلال الانتقادات والصراخ على أخطائهم من المدرجات، وليس الدفاع عنهم؛ خوفًا من «شماتة» جماهير الزمالك.
فى أولى مبارياته بقميص الأهلى، صنع إمام عاشور هدفين، فى انتصار «المارد الأحمر» برباعية على المصرى، لتبدأ عقول جماهير الأهلى فى تصوير الأحلام الوردية للاعب الوسط المؤثر، وتتوالى المباريات والمستويات الجيدة للاعب.
وعلى الرغم من كون الأداء الذى قدمه «عاشور» مع الأهلى، منذ انضمامه إلى الفريق، لا يضاهى ما قدمه فى سنواته مع الزمالك، لكن استقرار المنظومة، ورغبة الجماهير فى «إغاظة» المنافس، نحّت المستوى الفنى جانبًا، ليبدأ العامل الثانى لتدهور مستوى صاحب الرقم «٢٢».
يتمثل العامل الثانى فى دغدغة مشاعر الجماهير، والقفز على «الترند»، إما بالغناء مع الجماهير بأحد الهتافات الشهيرة لإظهار مدى أهلاويته الحالية، أو استعراض مهاراته لمنح رواد «التيك توك» لقطة تصلح لفيديو مرفق بأغنية ما، وصولًا إلى إفساد هجمة محققة للأهلى لرغبته فى أن يصبح «ترند»، عبر تمرير الكرة بكعبه، وتعمد استفزاز نبيل عماد «دونجا»، لاعب وسط الزمالك، فى مواجهة السوبر الإفريقى الأخيرة، والمشادة مع لاعبى «الفارس الأبيض» والخروج عن النص دون مبرر، عقب انتهاء المباراة.
فى مباراتى جورماهيا بالدور التمهيدى لبطولة دورى أبطال إفريقيا، قبل مواجهة الزمالك، لم يكن إمام عاشور فى المستوى المنتظر منه، سواء بدنيًا أو فنيًا، واضطر مارسيل كولر إلى استبداله بمحمد مجدى «أفشة».
وعلى الرغم من هبوط مستوى إمام عاشور فنيًا، وقلة مجهوده البدنى، وضعف الكتلة العضلية للاعب، التى كانت إحدى مميزاته أثناء وجوده مع الزمالك، إضافة إلى تعمده الخروج عن طريقة لعب «كولر»، التى لا تعتمد على «عرض الرجل الواحد»، وإصراره اللعب بطريقة فردية، ما زال المدرب السويسرى مُصرًا على إبقائه فى التشكيل الأساسى.
ويأتى إصرار المدير الفنى للأهلى رغم افتقار اللاعب أكثر العوامل التى كانت تميزه عن «أفشة»، وهو تسريع إيقاع اللعب، ليتحمل المدرب السويسرى ٥٠٪ من هبوط مستوى اللاعب، بالمشاركة مع إدارة الأهلى، التى تباطأت فى إتمام صفقة محمد على بن رمضان، رغم كونه التهديد الأكبر لوجود «عاشور» فى التشكيل الأساسى.
انشغل إمام عاشور بحضور الحفلات والمناسبات الاجتماعية، وكذلك بالخناقات والمشادات خارج الملعب، التى توالت خلال الأشهر الماضية، وأشهرها مشادته فى أحد المولات الشهيرة، وكذلك فى زفاف مروان عطية، أكثر من انشغاله بتطوير أدائه الفنى والبدنى، لتأكده أنه لن يغادر التشكيل الأساسى للفريق، ما دامت الجماهير تنادى باسمه، وتشارك صوره عبر حسابات التواصل الاجتماعى، و«كولر» يواصل عناده بالدفع به، حتى إن كان أسوأ لاعبى «المارد الأحمر».
وتشير مشادة «عاشور» مع لاعبى الزمالك وجماهيرهم عقب مباراة السوبر الإفريقى بشكل واضح إلى حاجة لاعب الوسط إلى جلسات نفسية، لتهدئته وإبعاده عن مشاحنات الجماهير، ودفع تركيزه بالكامل على الملعب، بدلًا من البحث عن «الترند» أو القفز عليه، بالمساهمة فى انتصار فريقه، بدلًا من «الخناقات».
واحدة من أهم القواعد التى أرساها بيب جوارديولا فى برشلونة، وقت توليه تدريب الفريق، هو منع قصات الشعر الغريبة عن جميع لاعبى الفريق، وإجبارهم على عدم جلب سياراتهم الفارهة لداخل النادى، وسبق ذلك مع فريق الشباب بمنع البقاء خارج المنزل بعد الساعة الحادية عشرة مساءً.
الحقيقة أن رسالة «جوارديولا» للاعبيه كانت واضحة لكل زملائهم ممن يريدون المجد الكروى، فكرة القدم ليست مجالًا لمن يفضلون السهر لأوقات متأخرة، ولا من يهملون فى أنظمتهم الغذائية، هى فقط مجال للتدريب وبذل الجهد فى الملعب، وهو ما يجب على «عاشور» أن يفهمه جيدًا.
كذلك لا بديل عن إبقاء اللاعب بديلًا، وإجباره على التنافس من أجل اللعب أساسيًا مرة أخرى، فضلًا عن إعادة تأهيله كلاعب كرة قدم، وليس صانع محتوى يلهث وراء المشاهدات و«الترند» والصور المثيرة للجدل، أو مرتاد للسهرات الليلية وحفلات المشاهير، وإلا سيكرر تجربة صالح جمعة مع الأهلى، وسيجد نفسه خارج جدران «قلعة الجزيرة».